«حماس» تبلغ الوسطاء أن صبرها بدأ بالنفاد

هددت بتصعيد ما لم تنفذ إسرائيل وعودها بإدخال أموال وإمدادات

TT

«حماس» تبلغ الوسطاء أن صبرها بدأ بالنفاد

قالت مصادر إسرائيلية، إن «حماس» بعثت رسالة في الأيام الأخيرة إلى مصر والأمم المتحدة حول الأوضاع في قطاع غزة ومباحثات التهدئة، حذرت فيها من أن صبرها انتهى أو بدأ ينفد.
وحسب المصادر فإن «حماس» قالت إنه إذا لم يتم تنفيذ الوعود الإسرائيلية بالمضي قدما في التفاهمات، فيجب ألا تتوقع إسرائيل أياماً هادئة.
وجاء هذا التسريب بعد ساعات من تصريحات لرئيس هيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تامير هيمان، قال فيه إنه رغم أن حركة «حماس» تحاول منع الدخول في حرب مع إسرائيل، لكنها تواجه أزمات متزايدة في غزة وهناك إمكانية عالية لتفجير الأوضاع بقطاع غزة. وتعزز هذه التقارير صحة ما نشرته «الشرق الأوسط» حول تدخل مصري مرتقب من أجل الحفاظ على التهدئة الحالية في قطاع غزة، خشية انهيار محتمل مع فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة وإعلان انتخابات إسرائيلية جديدة. والقلق المصري نابع من استعجال الفلسطينيين في تطبيق الاتفاق في ظل تباطؤ إسرائيلي.
وليس سراً أن المسؤولين في قطاع غزة، يلوحون بتصعيد المظاهرات اعتبارا من الأسبوع المقبل بمحاذاة الحدود، بسبب «التقاعس» في تنفيذ التفاهمات بينهم وبين إسرائيل.
وكانت مصر وضعت اتفاقاً الشهر الماضي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
وشمل الاتفاق وقف أي هجمات من القطاع، إضافة إلى وقف الأساليب الخشنة خلال المظاهرات مقابل «إدخال الأموال إلى قطاع غزة ورفع القيود على استيراد الكثير من البضائع التي كانت توصف ببضائع مزدوجة (نحو 30 في المائة منها) وزيادة التصدير وتوسيع مساحة الصيد إلى 15 ميلا في قواطع بحرية و12 في قواطع أخرى، وإدخال الوقود الذي تموله قطر لتشغيل محطة توليد الكهرباء في القطاع». وبحسب الاتفاق فإنه إذا نجحت هذه المرحلة فإن مرحلة أخرى سيجري التباحث حولها قد تشمل صفقة تبادل أسرى وإقامة مشاريع بنى تحتية تشمل ممرا آمنا إلى الضفة وميناء بحريا. لكن البند الوحيد الذي طبقته إسرائيل هو توسيع مساحة الصيد.
والخميس الماضي، قلصت إسرائيل مساحة الصيد قبالة شواطئ قطاع غزة من 15 ميلا بحريا إلى 10 أميال.
وأعلنت مسؤولة إسرائيلية أن «إسرائيل قلصت مساحة الصيد البحري قبالة غزة من 15 ميلا بحريا إلى 10 أميال، وجاء ذلك بعد إطلاق بالونات حارقة من قطاع غزة باتجاه إسرائيل».
ومن جانبها، أشارت متحدثة باسم سلطة الإطفاء والإنقاذ بأن طواقمها عملت الثلاثاء على «إطفاء ثلاثة حرائق في إسرائيل تسببت بها بالونات حارقة، مصدرها غزة». ومن دون تحديد إذا ما كان القرار الإسرائيلي جاء كردٍ على إطلاق البالونات الحارقة، أوضحت المسؤولة الإسرائيلية التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها أنّ «نطاق الصيد البحري جرى تقليصه بدءاً من الأربعاء، يوماً واحداً بعد إعلان السلطات الإسرائيلية توسيعه إلى 15 ميلاً». وتعد مسافة 15 ميلاً الأوسع التي سمحت بها إسرائيل منذ سنوات. وبرغم ذلك، فإنّها تبقى أقل من مسافة 20 ميلا المتوافق عليها في اتفاق أوسلو في التسعينيات. ولاحقا التقى قائد هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي برؤساء البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود مع قطاع غزة، لأول مرة منذ توليه منصبه، في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وفي مؤتمر صحافي عقده مع قائد لواء الجنوب في الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، قال كوخافي: «يجب ألا يستمر إرهاب البالونات»، في إشارة إلى البالونات الحارقة، التي يُطلقها الفلسطينيون من قطاع غزة إلى إسرائيل.
وأطلع قائد هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، رؤساء البلديات على الوضع كما أطلعهم على «التحديات» المتوقعة لاحقا. وتطرق كوخافي أيضاً، إلى التسوية السياسية مع الفصائل الفلسطينية في غزة، وقال إن «انخفاض إطلاق البالونات لم يأتِ من فراغ».
وأضاف: «نجحنا في خلق معادلة تمنع ذلك (البالونات)، سواء على المستوى الميداني أو المستوى السياسي. ونحن نفضّل منح ذلك (التسوية) فرصة، بدلاً من إحداث تدهور في الوضع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».