أنقرة تسيّر دورية جديدة في إدلب وتواصل الاتصالات مع موسكو

توقيف 3 «داعشيين» سوريين في سيارة محملة بالأسلحة والمتفجرات على الحدود التركية ـ السورية

TT

أنقرة تسيّر دورية جديدة في إدلب وتواصل الاتصالات مع موسكو

سيرت تركيا دورية جديدة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، في وقت أكدت فيه مصادر استمرار الاتصالات بين العسكريين الأتراك والروس بشأن الوضع في إدلب، سعياً لوقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار.
وقام الجيش التركي، أمس (الأربعاء)، بتسيير دورية جديدة انطلقت من نقطة المراقبة في الصرمان إلى نقطة المراقبة في تل الطوقان والعيس الواقعة في ريف حلب الجنوبي.
وجاء تسيير الدورية، بالتزامن مع سيطرة قوات النظام على بعض البلدات في ريف إدلب الجنوبي، تقع ضمن المنطقة منزوعة السلاح التي تم إقرارها بموجب اتفاق سوتشي بين أنقرة وموسكو المعلن في 17 سبتمبر (أيلول) 2018.
ويواصل الجيش التركي تعزيز نقاط المراقبة الـ12 التابعة له في إدلب ومحيطها، وقام بتحصين هذه النقاط، مع زيادة تحصين نقطة شير المغار في جبل شحشبو التي تعرضت لقصف مدفعي من قوات النظام أكثر من مرة، ما أدى إلى إصابة جنديين تركيين الشهر الماضي.
وعلى أثر ذلك، أكد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن الجيش لن ينسحب من أي نقطة مراقبة في محافظة إدلب، ولا من أي مكان آخر، على الرغم من التصعيد وانتهاك النظام لاتفاق سوتشي.
وأكدت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتصالات بين العسكريين الأتراك والروس لا تزال مستمرة، بشأن إدلب، بعد الاتصالات التي جرت الأسبوع الماضي بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين، ووزيري الدفاع ورئيس الأركان في البلدين.
من جانبها، أكدت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أمس، أن العسكريين الروس والأتراك يواصلون اتصالاتهم من أجل منع التصعيد في إدلب، مشددة على أنه لا يمكن التغافل عن هجمات الإرهابيين.
وقالت زاخاروفا، في مؤتمر صحافي، «على الرغم من استفزازات وهجمات المسلحين العدوانية، تبقى روسيا ملتزمة باتفاقات مع تركيا بشأن استقرار الوضع في إدلب. ويواصل العسكريون اتصالاتهم لتنسيق الأعمال بهدف منع التصعيد والعدوان وعدم الاستقرار».
وتحمل موسكو، أنقرة، المسؤولية عن عدم الالتزام بتعهداتها فيما يتعلق بسحب المجموعات المتشددة من إدلب، بموجب اتفاق سوتشي، وعن الضحايا المدنيين الذين يسقطون بسبب العمليات الجارية من جانب النظام حالياً، التي تدعمها روسيا.
من ناحية أخرى، ألقت قوات الدرك التركية القبض على 3 سوريين يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش»» الإرهابي أثناء محاولتهم العبور إلى تركيا عبر الحدود السورية.
وأوقفت قوات الدرك سيارة كان يستقلها الأشخاص الثلاثة في ولاية هطاي الحدودية، جنوب تركيا، وضبطت بها كميات من الأسلحة والمتفجرات.
وتنتشر شبكات تهريب في منطقة الحدود التركية السورية، فيما أنشأت السلطات التركية جداراً عازلاً للحد من عمليات التهريب، بسبب مخاوفها الأمنية من هجمات «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعتبرها امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور.
وتشدد السلطات التركية من رقابتها على الحدود، التي تشهد عمليات تهريب متكررة من قبل السوريين الباحثين عن الملجأ الآمن وعن فرص للعمل.
وشددت الحكومة التركية من إجراءات دخول السوريين منذ بداية عام 2016، وحصرت الدخول عبر المعابر البرية لطلبات معينة مثل الحالات الإنسانية وحاملي موافقات الترانزيت، أو الراغبين بزيارة ذويهم في سوريا، خلال عيدي الفطر والأضحى.
ويوم الجمعة الماضي، نظم نازحون في إدلب مظاهرة تطالب بـ«كسر الحدود» مع تركيا، في ظل تواصل القصف الشديد على المنطقة من قبل قوات النظام السوري والقوات الروسية، ما أدى إلى أكبر موجة نزوح منذ بدء الصراع السوري بما يزيد عن 400 ألف منذ 26 أبريل (نيسان) الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».