واشنطن تدين القمع وبكين صامتة في الذكرى الـ 30 لأحداث «ساحة تيانانمين»

الأمم المتحدة: اعتقالات ورقابة مشددة وتهديدات سبقت الحدث

أشهر صورة لاحتجاجات الميدان في بكين يظهر فيها أحد الطلاب يتحدى الدبابات وتعود لـ5 يونيو 1989 (أ.ب)
أشهر صورة لاحتجاجات الميدان في بكين يظهر فيها أحد الطلاب يتحدى الدبابات وتعود لـ5 يونيو 1989 (أ.ب)
TT

واشنطن تدين القمع وبكين صامتة في الذكرى الـ 30 لأحداث «ساحة تيانانمين»

أشهر صورة لاحتجاجات الميدان في بكين يظهر فيها أحد الطلاب يتحدى الدبابات وتعود لـ5 يونيو 1989 (أ.ب)
أشهر صورة لاحتجاجات الميدان في بكين يظهر فيها أحد الطلاب يتحدى الدبابات وتعود لـ5 يونيو 1989 (أ.ب)

في الذكرى 30 لحملة ميدان تيانانمين، استنكرت واشنطن بعبارات قوية «تبدد» آمال الانفتاح في الصين، التي صادفت أمس الثلاثاء. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان، «في العقود التي تلت (القمع)، أملت الولايات المتحدة أن اندماج الصين في المجتمع الدولي سينتج عنه مجتمع أكثر انفتاحاً وتسامحاً».
وأضاف: «هذه الآمال تبددت. دولة الحزب الواحد في الصين لا تتسامح مع أي منشق، وتخرق حقوق الإنسان في كل مرة يصب ذلك في مصلحتها»، في تصريحات تأتي في سياق حرب تجارية بين البلدين العملاقين المطلين على المحيط الهادي. وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية، غنغ شوانغ، للصحافيين، أن «مسار النمو الذي اختارته الصين يحظى بدعم قوي من الشعب الصيني».
ونددت السفارة الصينية في واشنطن بـ«غطرسة» وزير الخارجية الأميركي. وحذرت السفارة من أن من يحاول «إرهاب الشعب الصيني (...) سوف ينتهي به المطاف في نفايات التاريخ». ونددت الحكومة الصينية، من جهتها، الثلاثاء، بـ«الهذيان الجنوني والكلام التافه» للوزير الأميركي.
وشددت الصين، الثلاثاء، التدابير الأمنية في بكين، مع فرض رقابة على الإنترنت وقيود إضافية على الإعلام، وتوقيف ناشطين. وكالمعتاد، مرت ذكرى القمع للجيش لمتظاهرين سلميين في 4 يونيو (حزيران) 1989، كانوا يطالبون بإصلاحات ديمقراطية ووضع حد للفساد، بصمت في الفضاء العام، وكذلك في المحادثات الخاصة.
وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في بيان، «بعد ثلاثين عاماً، لا يزال الاتحاد الأوروبي يبكي الضحايا، ويقدّم تعازيه لعائلاتهم». ودعت بكين إلى «الإطلاق الفوري لسراح المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين الموقوفين والمدانين في إطار هذه الأحداث». لكن أبلغ مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، «رويترز»، أمس الثلاثاء، بأنه تلقى تقارير تشير إلى اعتقال عدد من المواطنين الصينيين، أو تعرضهم لتهديدات قبيل حلول الذكرى. وقالت المتحدثة رافينا شامداساني، إنها تلقت أيضاً تقارير عن «زيادة الرقابة» على تناول «ذكرى تيانانمين»، ودعت السلطات الصينية إلى تعزيز حرية التجمع السلمي والتعبير. وأضافت المتحدثة لتلفزيون «رويترز»: «نقلنا للحكومة الصينية مخاوفنا، ونعمل أيضاً على التحقق من هذه التقارير التي تلقيناها». وكانت الشرطة الصينية تتحقق من بطاقات هويات السياح الأجانب خارج ساحة تيانانمين.
واعترضت الشرطة صحافياً من وكالة الصحافة الفرنسية كان يجول المكان بسيارة، وطلبت منه محو الصور التي التقطها بكاميرته. ولم يتمكن صحافي آخر في «الصحافة الفرنسية» من حجز غرفة في فندق مطلة على الساحة، وقيل له بشكل مفاجئ إنه يجري «ترميمها». وفجراً، حاول صحافي فيديو من الوكالة الدخول إلى الساحة لحضور احتفال رفع العلم في الميدان لكن طُلب منه المغادرة. وقال الحراس المكلفون مراقبة الدخول للساحة عبر بوابات إلكترونية للصحافي: «يجب أن يكون بحوزتك تصريح من مجلس إدارة (تيانانمين)». ويحاول النظام الصيني جاهداً منذ 30 عاماً استئصال مذبحة عام 1989 من الذاكرة الجماعية. ويقول سائق تاكسي ولد عام 1989 لوكالة الصحافة الفرنسية: «الأمر ليس أننا لا نبالي. نحن نعرف ما حصل»، مضيفاً: «لكن كيف لي أن أتحدث معكم، وحوارنا يسجل الآن عبر تطبيق في السيارة». ويتابع: «الصين اليوم تغيرت. إذا كنت تملك مالاً فأنت تملك كل شيء. ومن دون المال، لا نجرؤ على فتح أفواهنا».
واستهلت قناة «سي سي تي في» الرسمية، الثلاثاء، نشرة أخبار منتصف النهار، باستعراض شعار رسمي لمناسبة أخرى هي مرور 70 عاماً على تأسيس الجمهورية الشعبية، الذي سيحتفى به بشكل كبير في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).
ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 1989 حتى مطلع يونيو، تظاهر ملايين الطلاب، انضم إليهم عمال ومفكرون، للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية والتنديد بالفساد والتضخم. واجتاح عسكريون ودبابات، شوارع بكين، مطلقين النار على المتظاهرين وعلى مدنيين كانوا موجودين على أطراف الميدان المذكور. وعدد الضحايا الفعلي يبقى مجهولاً. وتحدثت الحكومة عن 300 قتيل، بينهم عسكريون. لكن متوسط عدد القتلى الذي يتداول عموماً يتراوح بين 400 وألف قتيل.
لكن لا يبدو أن النظام الصيني مستعدّ لتغيير موقفه من مظاهرات «ربيع بكين»، التي لا تزال مصنفة رسمياً بأنها «أعمال شغب مناهضة للثورة». ورأى وزير الدفاع وي فينغهي، الأحد، أن تدخل الجيش ضد المظاهرات كان خياراً «صحيحاً»، سمح بتأمين «الاستقرار والنمو» للصين. ونشرت صحيفة «غلوبال تايمز»، ذات النبرة القومية، الناطقة بالإنجليزية والقريبة من السلطة، الاثنين، افتتاحية قالت فيها إن قمع المظاهرات سمح بـ«تحصين المجتمع» ضدّ أي اضطراب سياسي.
وحذرت الحكومة الصينية، أمس الثلاثاء، مواطنيها المسافرين للولايات المتحدة الأميركية، من إمكانية تعرضهم للمضايقات من جانب السلطات. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن البيان الذي أصدرته الوزارة والحكومة يستهدف المسافرين والشركات الصينية في أميركا.
وقال جينج شوانج إن التحذير يهدف لرفع «الوعي بالسلامة، والاهتمام بتشديد إجراءات الوقاية، ومواجهة المواقف بفعالية وبصورة ملائمة»، وأضاف: «لبعض الوقت، قامت وكالات إنفاذ القانون الأميركية أكثر من مرة بتحقيقات ومقابلات فورية ووسائل أخرى لمضايقة المواطنين الصينيين الذين ذهبوا للولايات المتحدة الأميركية».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».