شبان سودانيون ينقلون الفن السياسي للشارع

من أجل التعبير عن أملهم في مستقبل أفضل

آمنة الماحي تعمل على لوحة جدارية (رويترز)
آمنة الماحي تعمل على لوحة جدارية (رويترز)
TT

شبان سودانيون ينقلون الفن السياسي للشارع

آمنة الماحي تعمل على لوحة جدارية (رويترز)
آمنة الماحي تعمل على لوحة جدارية (رويترز)

تدب الحياة في أوصال مدينة بورسودان ليلاً عندما يلجأ شبابها للفن من أجل توصيل رسالتهم بخصوص التغيير في بلدهم، فيملأون الشوارع بالموسيقى ويغطون جدران المدينة بالرسوم.
وألهمت الاحتجاجات السودانية كثيراً من الفنانين المحليين والشباب من مدينة بورسودان الساحلية في شرق البلاد لينغمسوا في الفن والموسيقى والأدب من أجل التعبير عن أملهم في مستقبل أفضل، حسب «رويترز».
ويوضح الباحث الاجتماعي السوداني عثمان حسن أنه كان للاهتمام المتزايد بالفن في السودان تأثير إيجابي على الشباب السوداني حيث ساعدهم على جسر الهوة بين الجنسين والمكونات الثقافية.
وقال حسن: «وركزت الأدبيات على مسائل أنه ما فيه تمييز بين الآخر، ما فيه تمييز بين النوع الاجتماعي، ما فيه تمييز بين المكونات الثقافية والإنسانية، وما فيه تمييز بين أي نوع من الكلام ده. فنجد أن هذه الأدبيات يعني عمقت مفهوم المواطنة كأساس للحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين، العرق، الجنس، النوع ذاته يعني».
ويجتمع فنانون شبان في أماكن متعددة بأنحاء بورسودان جالبين أشكالاً متعددة من الفنون لشوارع المدينة، من أغنيات وترفيه وحتى أحاديث ومناقشات بشأن كتب.
ويرى الناشط السياسي، الماحي هاشم، أن الثورة السودانية أثبتت مدى استثمار الأجيال الشابة في السياسة والتغيير، قائلاً إن اهتماماتهم الرئيسية تدور الآن حول رؤية الشعارات التي رددوها تتجسد أمامهم.
وأضاف: «الثورة السودانية أثبتت أن الجيل ده هو جيل يحب الوطن إلى أبعد ما يمكن. كل اهتمامات الشباب الدائرة في المرحلة دي دائرة حول بناء الوطن، حول الشعارات اللي صنعتها الثورة السودانية بمعانيها الحقيقية من حرية لعدالة السلام وكيف القدرة على أن الشعارات دي تتحول من شعارات قاعد يتم الهتاف بها لأنها تتحول لشعارات على أرض الواقع».
وأقام شباب بورسودان أيضاً مسرحاً يستخدمه مغنو الراب في أداء أغنياتهم وبث ألحانهم للجمهور المحتشد في الاحتجاجات. وقال مغني راب يدعى منذر الصادق: «بنغني الراب على أساس إحنا جزء من القيم العالمية فيما يخص العدل والمساواة وحقوق الإنسان، فبنحاول نوصل رسالتنا بطريقتنا اللي إحنا بنعرفها اللي هي الراب». وعزل الجيش الرئيس عمر البشير يوم 11 أبريل (نيسان) منهياً حكمه الممتد منذ ثلاثين عاماً بعد احتجاجات استمرت 16 أسبوعاً.



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض