طائرات سورية تواصل قصف «الهدنة» الروسية ـ التركية

اندلاع حرائق في أراضٍ زراعية بعد غارات

دمار وسط مدينة إدلب في شمال غربي سوريا أمس (رويترز)
دمار وسط مدينة إدلب في شمال غربي سوريا أمس (رويترز)
TT

طائرات سورية تواصل قصف «الهدنة» الروسية ـ التركية

دمار وسط مدينة إدلب في شمال غربي سوريا أمس (رويترز)
دمار وسط مدينة إدلب في شمال غربي سوريا أمس (رويترز)

استهدفت قوات النظام السوري محاصيل زراعية في ريفي حماة وإدلب وسط البلاد وشمالها الغربي لـ«الضغط» على فصائل معارضة كانت استعادت مناطق سيطرت عليها قوات النظام شمال حماة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بمقتل «طفل جراء قصف طائرات حربية تابعة للنظام على مناطق في بلدة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي»، فيما واصلت «الطائرات الحربية والمروحية تحليقها في سماء منطقة (خفض التصعيد) بالتزامن مع استمرار الضربات الجوية على المنطقة، حيث نفذ الطيران الحربي مزيداً من الغارات على أماكن في كفرزيتا واللطامنة بريف حماة الشمالي، وخان شيخون والهبيط بريف إدلب الجنوبي، وأماكن أخرى في كفرنبل جنوب إدلب، بالإضافة لغارات مكثفة تستهدف محور كبانة بجبل الأكراد».
كما ألقى الطيران المروحي مزيداً من البراميل المتفجرة على مناطق في قرية ركايا بالقطاع الجنوبي من الريف الإدلبي، في حين علم «المرصد السوري» أن الطائرات الحربية والمروحية تتعمد استهداف الأراضي الزراعية في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، متسببة بإضرام النيران في مئات الهكتارات من أراضٍ زراعية يعول على محاصيلها أهالي المنطقة، «في مشهد لم يعد بالغريب، ذلك أن قوات النظام عمدت إلى سرقة المحاصيل الزراعية ضمن المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً في ريف حماة، فضلاً عن عمليات التعفيش للمنازل والمحال التجارية».
وقال «المرصد السوري» إنه «مع مزيد من الخسائر البشرية فإنه يرتفع إلى 708 أشخاص عدد من قتلوا منذ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة (خفض التصعيد) في 30 أبريل (نيسان) الماضي؛ وهم 220 مدنياً بينهم 46 طفلاً و43 مواطنة ممن قتلتهم طائرات النظام و(الضامن) الروسي، بالإضافة للقصف والاستهدافات البرية، و44 بينهم 13 طفلاً و12 مواطنة ومواطنة أُخرى واثنان من أطفالها في القصف الجوي الروسي على ريفي إدلب وحماة، و26 بينهم 7 مواطنات وطفلة قتلوا في البراميل المتفجرة من قبل الطائرات المروحية، و88 بينهم 12 مواطنة و19 طفلاً وعنصر من فرق الإنقاذ استشهدوا في استهداف طائرات النظام الحربية، كما قتل 41 شخصاً بينهم 5 مواطنات و4 أطفال في قصف بري نفذته قوات النظام، و21 مدنياً بينهم 10 أطفال و3 مواطنات في قصف الفصائل على السقيلبية ومخيم النيرب وأحياء بمدينة حلب، كما قتل في الفترة ذاتها 259 على الأقل من المجموعات الجهادية والفصائل الأُخرى في الضربات الجوية الروسية وقصف قوات النظام واشتباكات معها، بالإضافة لمقتل 229 عنصراً من قوات النظام في استهدافات وقصف من قبل المجموعات المتطرفة والفصائل».
وجدد «المرصد السوري» إحصاءات التصعيد، لافتاً إلى أن «الحصيلة ارتفعت في التصعيد الأعنف والمتواصل في يومه الـ36 إلى 861 شخصاً قتلوا خلال الفترة الممتدة منذ صباح الـ20 من الشهر الحالي».
وفي ريف حلب، قال «المرصد السوري» إن اشتباكات دارت على محور معرستة الخان بالقرب من بلدة الزهراء في ريف حلب الشمالي، بين فصائل معارضة عاملة في المنطقة من جهة، والمسلحين المحليين الموالين لقوات النظام من جهة أخرى، «وذلك إثر محاولة تسلل نفذها الأول عند مغيب شمس، الأمر الذي تسبب في خسائر بشرية بين الطرفين، حيث رصد مقتل 4 من المسلحين المحليين من نبل والزهراء، فيما قضى 3 مقاتلين من الفصائل المهاجمة، ولم تتمكن الفصائل من سحب جثث مقاتليها لتبقى عند المسلحين الموالين لقوات النظام».
وسقطت قذائف صاروخية بشكل مكثف على أماكن في بلدتي نبل والزهراء، بحسب «المرصد»، الذي أشار إلى استهداف فصيل «فرقة الحمزة» المنضوي في عمليات «درع الفرات» بـ6 صواريخ غراد مناطق في الأراضي الزراعية بمحيط بلدتي نبل والزهراء الخاضعتين لسيطرة قوات النظام في ريف حلب الشمالي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».