في صنعاء... لا شيء ينمو إلا عدد المتسولين والمقابر

اتهامات للحوثيين بتجويع الشعب ونهب الأموال وخلق سوق سوداء

متسول يطلب المال عند إشارة مرور في صنعاء (غيتي)
متسول يطلب المال عند إشارة مرور في صنعاء (غيتي)
TT

في صنعاء... لا شيء ينمو إلا عدد المتسولين والمقابر

متسول يطلب المال عند إشارة مرور في صنعاء (غيتي)
متسول يطلب المال عند إشارة مرور في صنعاء (غيتي)

على مقربة من تقاطع أحد الشوارع وسط صنعاء، يقف محمود علي (40 عاماً) قرب نافذة سيارة، يستعطف السائق ليمنحه مالاً، فيرد عليه السائق: «الله كريم يا حاج». وهو، كما يقول، يعول أسرة مكونة من 7 أطفال، وعاطل عن العمل.
يجمع الرجل الأربعيني يومياً من التسول مبلغاً لا يتعدى الألفي ريال يمني، (الدولار يساوي نحو 500 ريال) أو أكثر قليلاً، وهو مبلغ، كما يفيد، «غير كاف لإطعام أطفالي».
ليس محمود وحده من يقف في ذلك التقاطع، بل يشاركه متسولون لا يقل عددهم في أفضل الأوقات عن الأربعين متسولاً. لكن كثرة المتسولين، بحسب محمود، لا تكون غالباً في صالحهم. فيقول: «عندما يَكثُر عددنا لا أحد يرحمنا ويعطينا المال».
ضاعف الفقر والنزوح المتكرر وغلاء الأسعار المتفاقم، وازدياد نسبة الأرامل، من أعداد المتسوّلين من الأنواع كافة في مناطق سيطرة الحوثيين، وفقاً لأحاديث أجرتها «الشرق الأوسط» مع سكان داخل صنعاء وتقارير محلية وأخرى إعلامية دولية.
«لا شيء ينمو في صنعاء وغيرها من المدن الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين سوى أعداد المقابر التي يدشنها الحوثيون، والمتسولين الذين باتت تعج بهم شوارع وأسواق ومساجد العاصمة صنعاء، خصوصاً في رمضان الذي كان موسم خير للفقراء»؛ يقول سكان فضلوا عدم الإدلاء بأسمائهم خشية البطش الحوثي: «منذ بداية الانقلاب، عمدت الميليشيات إلى تجويع اليمنيين، ونهب المال العام، ومصادرة المساعدات الإنسانية وبيعها في السوق السوداء، لتمويل ما يطلقون عليه (المجهود الحربي)».
ويشير سكان في صنعاء إلى أن حياة الأهالي تزداد اليوم سوءاً بسبب استمرار الانقلاب والحرب وانعدام الغذاء وتردي الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار.
وأكدوا لـ«الشرق الأوسط»: «الجوع أجبر بعض الأهالي الذين كانوا يعدون من (الطبقة المتوسطة) على الخروج إلى الشوارع للتسول». وقالوا: «باتت كِسرة الخبز أقصى ما يحلم به معظم السكان في صنعاء». وأضافوا: «الحرب التي أشعلتها الميليشيات بمحافظات عدة أنتجت نوعاً جديداً من التسول وهو (تسول الطعام)، وأخرجت فئات جديدة من منازلها تحت ضغط الجوع والفقر لتمتهن هذه المهنة».
ولم تعد ظاهرة التسوّل بصنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، أمراً خارجاً عن المألوف بعد سنوات من الانقلاب؛ بل أصبحت مشهداً عادياً أن يطلب منكَ الناس المساعدة، من كلِّ الفئات والطبقات والأعمار. في حين يعكس طابور المتسوّلين بشوارع صنعاء واقعاً معيشياً مخيفاً، حيث فقد آلاف اليمنيين مصادر رزقهم، ونهب الحوثيون رواتبهم؛ الأمر الذي ينذر، وفق تقارير محلية ودولية، بحدوث مجاعة وشيكة في بلد هو بالأساس من أفقر البلدان في المنطقة.
وتؤكد تقارير أممية أن أكثر من 19 مليون يمني يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعيش نحو مليون موظف يعملون في القطاع الإداري العام، بلا رواتب منذ سبتمبر (أيلول) 2016.
وأعلنت الأمم المتحدة مطلع الشهر الحالي أن نحو 10 ملايين شخص في اليمن أصبحوا الآن على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وأنها تبذل قصارى جهدها مع الشركاء لمساعدتهم.
وقال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن «(برنامج الغذاء العالمي) نجح خلال مارس (آذار) الماضي، في الوصول إلى 10.6 مليون شخص وتقديم المساعدات الغذائية الطارئة لهم، وفي الأشهر المقبلة يهدف البرنامج إلى توسيع عملياته لتصل إلى 12 مليون شخص شهرياً».
ونشرت صحيفة «ديلي ميرور» البريطانية هي الأخرى، أول من أمس، تقريراً من داخل اليمن حول الأوضاع الإنسانية، أكدت فيه «وفاة طفل يمني كل 12 دقيقة، وهو ما يعادل 120 طفل يومياً، في مجاعة مدمرة مثل المجاعة التي حدثت في إثيوبيا في عام 1984».
وأشار التقرير إلى أن سلع الغذاء الرئيسية مثل اللبن والخبز باتت اليوم توصف عند اليمنيين بأنها «سلع رفاهية».
وازدياد المتسولين في صنعاء يعزا معظمه لتبعات الحرب التي خلفها انقلاب الميليشيات على السلطة الشرعية. ولفت مراقبون محليون إلى أن سنوات الانقلاب الأربع شهدت تضخماً مخيفاً في ظاهرة التسول في اليمن، خصوصا في العاصمة صنعاء.
وقالوا إن الظاهرة أصبحت اليوم بصنعاء تضم شرائح وأعماراً مختلفة، وجميعها تتخذ من كل شارع وسوق وحي سكني ومسجد ومؤسسة حكومية مكاناً لممارسة عملها.
ولم يكن أمام الطفل عدي عبد الله (11 عاما) من حلّ سوى ترك تعليمه بصنعاء والتوجه للعمل لمواجهة الفقر الذي تعاني منه أسرته، فبعد أن شردتهم الحرب من مدينتهم تعز في عام 2016، أصبح مع إخوانه الأربعة باعة ومتسولين في شوارع صنعاء.
واعتاد عدي ارتياد شارع التحرير بصنعاء طوال النهار مع جدته وأخته الصغيرة رنا لبيع المناديل، ومسح زجاج السيارات بأحد جولات الشارع مقابل 100 ريال عن كل سيارة، أو 150 ريالاً أخرى لكل علبة مناديل «فاين» يتمكنون من بيعه.
يقول عدي لـ«الشرق الأوسط» إنه يأتي كل صباح من منطقة الصباحة (خارج صنعاء) إلى شارع التحرير مع بعض من عائلته للعمل ومساعدة أهله في توفير حاجياتهم وسداد إيجار منزلهم. ويضيف: «يعمل كل فرد منا في طريق أو تقاطع أو جولة أو باب مسجد أو مطعم أو سوق شعبية، وأكبر مبلغ نحصل عليه في اليوم لا يزيد على 12 دولاراً».
في المقابل؛ يقول أحد سائقي السيارات التي توقفت في الجولة وهرع إليها عدي، وبعد إعطائه أجرته: «ليس مفاجئاً أثناء قيادتك سيارتك في زحام مروري بشوارع صنعاء أن تباغتك رشة خليط من الماء والمنظفات الرديئة على زجاج السيارة الأمامي، يتبعها تمرير ممسحة بالية على زجاج السيارة من شخص يفرض خدماته عليك، دون أن يبالي لرفضك المتكرر لهذه الخدمة». ويضيف سائق التاكسي، وهو في الأساس شاعر وأديب يمني: «وبعد أن يقدم الشخص خدمته الإجبارية يحشر جزءاً من جسده داخل السيارة أو يرتمي عليها لضمان عدم تحركها، ويطلب المال مقابل هذه الخدمة».
ويبدو واضحاً ما آلت إليه اليوم شوارع صنعاء ومناطق سيطرة الانقلابيين من ازدحام الجولات والطرقات والأسواق والأحياء والمساجد وأبواب المطاعم والمؤسسات بعشرات الآلاف من المتسولين؛ بينهم أطفال ونساء، في مشهد يعكس حجم الكارثة التي حلت باليمنيين بشكل عام.
وينقسم المتسولون في اليمن إلى قسمين: الأول يضم أشخاصاً أجبرتهم الظروف الاقتصادية الصعبة على مد يدهم للغير. والآخر اتخذوا من التسول مهنة سهلة لكسب النقود.
وقدرت دراسة محلية شملت 8 محافظات يمنية، في عام 2013 قبل الانقلاب، العدد الكلي للمتسولين في صنعاء بنحو 30 ألف طفل وطفلة؛ جميعهم دون سن الـ18. فيما تؤكد إحصائية أخرى صادرة عن مركز دراسات وبحوث يمني في 2017، بعد 4 أعوام من الانقلاب، أن عدد المتسولين في اليمن ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى أكثر من «مليون ونصف المليون متسول ومتسولة».
وأكدت الإحصائية أن هذه الظاهرة باتت واضحة في المدن اليمنية الكبرى أكثر من غيرها، خصوصاً في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وبالمقابل، تفيد إحصاءات أخرى غير رسمية بأن أعداد المتسولين في ازدياد مستمر، خصوصاً بمناطق سيطرة الانقلابيين. فيما لم تتحدث حتى اليوم أي إحصائية رسمية عن عدد إجمالي للمتسولين في اليمن.
ويؤكد مسؤول بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بأمانة العاصمة، فضل عدم الكشف عن اسمه، عدم وجود إحصائية رسمية بعدد المتسولين سواء في صنعاء أو في اليمن ككل. وأشار إلى أن أعداد المتسولين في صنعاء وصلت إلى أضعاف ما كانت عليه في الأعوام السابقة.
وتوقع أكاديميون مختصون بقضايا السكان أن أعداد المتسولين في العاصمة فقط بالوقت الراهن تصل إلى أكثر من 200 ألف متسول ذكوراً وإناثاً من مختلف الأعمار.
وأشاروا إلى أن تلك التوقعات تمثل 10 أضعاف آخر الإحصاءات العلمية؛ العشوائية العينة، الصادرة عن أكاديميين بجامعة صنعاء قبل بدء الانقلاب في سبتمبر 2014، والتي قدرت عدد المتسولين بنحو 30 ألف طفل وطفلة دون سن الـ18 (لا يشمل هذا العدد كبار السن من الذكور والإناث الذين خرجوا للتسوّل تحت وطأة الظروف المعيشية الصعبة والفقر المدقع).
ورأى الأكاديميون أن ازدياد أعداد المتسولين في اليمن ينذر بكارثة خطيرة، ويقولون إن تلك الظاهرة تعزز من مخاوف وقوع مجاعة جماعية في اليمن. وقالوا: «ظاهرة التسوّل من أكثر الظواهر الاجتماعية التي تنامت وبرزت بقوة مع دخول الانقلاب في اليمن عامه الرابع». وأكدوا أن الظاهرة غدت اليوم من الأمور المقلقة عند المجتمع، وذلك لزيادة عدد المتسولين بشكل مهول وانتشارهم بمختلف مدن اليمن، خصوصاً تلك الخاضعة لسيطرة الانقلابين.
وعزوا ذلك إلى موجات النزوح الجماعي التي شهدتها صنعاء من مختلف المدن التي طالتها يد التدمير والخراب والحرب الهمجية الحوثية، وتفشي البطالة وانقطاع المرتبات عن موظفي الدولة وانقطاع مصادر الدخل لدى غالبية الأسر اليمنية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.