الأحزاب الشعبوية تبايع سالفيني وتبدأ «محاصرة» أوروبا

سالفيني ولوبان يتوسطان قادة أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية خلال فعالية بميلانو أول من أمس (أ.ف.ب)
سالفيني ولوبان يتوسطان قادة أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية خلال فعالية بميلانو أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الأحزاب الشعبوية تبايع سالفيني وتبدأ «محاصرة» أوروبا

سالفيني ولوبان يتوسطان قادة أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية خلال فعالية بميلانو أول من أمس (أ.ف.ب)
سالفيني ولوبان يتوسطان قادة أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية خلال فعالية بميلانو أول من أمس (أ.ف.ب)

أراد ماتيو سالفيني أن يكون مهرجان انطلاقة مشروعه الأوروبي من المدينة التي شهدت بداية مسيرته السياسية عضواً في مجلس بلديتها، وكان له ما أراد.
ميلانو، عاصمة الشمال الإيطالي الغنيّة التي نما فيها حزب الرابطة ومنها تمدّد بسرعة مذهلة في بقيّة المناطق الإيطالية، وكانت مهد الحركة الفاشيّة التي قادها بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، جمعت كل ممثلي الأحزاب والقوى اليمينية المتطرفة في أوروبا لتتويج وزير الداخلية الإيطالي زعيماً بلا منازع للتيّار ليحاصر القلعة الأوروبية من الداخل على وقع الشعارات المعادية للإسلام والمهاجرين والتكنوقراط في بروكسل.
لم يتخلّف أحد عن الموعد، باستثناء حزب «فوكس» الإسباني الذي لم يُدع، والحليف النمساوي الذي كان يعلن استقالته من قيادة الحزب ومن الحكومة بعد «الفضيحة المصوّرة». مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية، ضيفة الشرف والحليفة الكبرى، هي التي افتتحت المهرجان قائلة: «إنه يوم تاريخي ننتظره منذ زمن طويل ونحتفل به الآن تحت سماء إيطاليا». وتحدّث بعدها الهولندي غيرت فيلدرز، الذي دعا إلى «التضامن من أجل وقف أسلمة أوروبا»، قبل أن يكمّل سالفيني المشهد الذي كان أوّل رسالة مشتركة توجهها إلى بروكسل الحركة التي تهدد بتغيير معادلة القوى في الاتحاد الأوروبي وتقويض دعائمه من الداخل.
بذل سالفيني جهوداً كبيرة لتوسيع دائرة تحالفه الأوروبي في إطلالته الأولى، لكنه لم يتمكّن من إقناع صديقه المجري أوروبان الذي فضلّ في الوقت الحاضر، عدم الخروج من كتلة الحزب الشعبي في البرلمان الأوروبي بانتظار نتائج الانتخابات، فيما لم ترفع في المهرجان سوى لافتات الرابطة تحت شعار «الإيطاليوّن أولاً».
ورغم الشخصيّة السياسية القوّية التي يتمتع بها حلفاء سالفيني، تبدو زعامته محسومة كونه يحظى بدعم شعبي واسع ويتمتع بسلطة حقيقية في إحدى الدول الأوروبية الكبرى. وهو الوحيد، إلى جانب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان، الذي استطاع أن ينفّذ برنامجه بإقفال الموانئ في وجه المهاجرين ويفرض سياسة قمعية، بدأت تداعياتها تظهر في حياة الإيطاليين اليومية كما حصل مؤخراً عندما تعرّضت معلّمة في جزيرة صقلية لإجراءات تأديبية بفصلها عن العمل من غير راتب لشهرين لأنها سمحت لطلابها في إحدى المسابقات بانتقاد سياسة سالفيني حول الهجرة. لكن سالفيني عاد وأصرّ في مهرجانه على أن حركته ليست متطرفة، وأن «هذه الساحة ليست فاشية ولا عنصريّة، بل هي ساحة الذين يتطلعون إلى المستقبل في مواجهة الذين يعيشون في الماضي».
واستخدم سالفيني كل مدفعيته الخطابية، مستحضراً تشرشل وتشسترتون، وضاربا المثل بالجنرال ديغول ومارغريت ثاتشير، ليقارن نفسه في النهاية بغاليليو لعدم القبول الذي تلاقيه مقترحاته الاقتصادية والسياسية في الأوساط الأوروبية. واستشهد بصديقه وعرّابه الأميركي ستيف بانون، الذي نعرف اليوم أن دونالد ترمب طرده من البيت الأبيض بسبب أفكاره العنصرية، داعياً إلى «صون جذور الغرب اليهودية - المسيحية»، ولم يتردّد في توجيه سهامه مباشرة إلى البابا فرنسيس الذي ارتفعت هتافات الاحتجاج عند سماع اسمه، داعياً الكنيسة للعودة إلى خطى البابا يوحنا بولس الثاني ومعلناً تأييده للكاردينال المحافظ روبرت سارا الذي يقود تيّاراً مناهضاً للبابا الحالي.
لم يسلم أحد من هجمات سالفيني التي وزّعها على الجميع بالتساوي: من النخب المالية والسياسية في أوروبا، إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس المفوضية جان كلود يونكر والأحزاب الاشتراكية والتقدمية، الذين يتهمهم جميعاً بوضع القواعد والمعايير التي قامت عليها العملة الأوروبية الموحدة، والتي تقف حاجزاً أمام تنفيذ اقتراحاته الاقتصادية وتشكّل معارضتها القاسم المشترك الوحيد بين حلفائه، إلى جانب الهجرة التي تبقى الحصان الأول في معركته. وأكد لمناصريه: «إذا أصبحنا الحزب الأول في أوروبا، سنفرض سياستنا لمكافحة الهجرة في كل بلدان الاتحاد الأوروبي التي لن يدخلها مهاجر واحد بعد ذلك.
ويستفاد من كل استطلاعات الرأي الأخيرة أن شعبية سالفيني المتزايدة، رغم فضائح الفساد التي طالت حزبه مؤخراً، ستحمل الرابطة إلى الفوز بالمركز الأول في إيطاليا خلال الانتخابات المقبلة بنسبة تتجاوز 30 في المائة من الأصوات، أي ضعف ما حصلت عليه منذ عام في الانتخابات الأخيرة. وهي نسبة تسمح له بأن يحلم بقيادة الحزب الأوسع تمثيلاً في البرلمان الأوروبي، وترسّخ تتويجه زعيماً لليمين المتطرف في أوروبا.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.