إصرار نتنياهو على التهرب من المحاكمة يحدث شرخاً في حزبه

نائبان بارزان يحذران من «قوانين منع الحبس» ورفاقهما يتهمونهما بالخيانة

TT

إصرار نتنياهو على التهرب من المحاكمة يحدث شرخاً في حزبه

بدأت الانتقادات الواسعة في وسائل الإعلام الإسرائيلية تؤتي ثمارها، فأعلن نائبان بارزان في حزب «الليكود» الحاكم، هما الوزير السابق جدعون ساعر والنائبة الشابة ميخال شير، معارضتهما العلنية لمشروعات القوانين التي باشر بنيامين نتنياهو إعدادها، لكي يمنع النيابة من محاكمته في تهم الفساد. وقد خرج رجالات نتنياهو يهاجمونهما ويهددونهما بحجب الطريق أمام تقدمهما في الحزب، وحرمانهما من المناصب الوزارية. وبلغ أحدهم حد اتهامهما بالخيانة.
كان نتنياهو قد بدأ حملته، رغم عدم وجود حكومة بيديه، لمنع سلطات القضاء والنيابة من تفعيل لائحة الاتهام الجاهزة ضده، بسبب شبهات تلقي رشاوى وخيانة الأمانة والاحتيال، وغيرها من مظاهر الفساد، وتجميد محاكمته، إلى أن تنتهي الدورة البرلمانية المقبلة بعد أربع سنوات.
ولهذا الغرض، أعد ورفاقه المقربون سلسلة مشروعات قوانين تضمن له الحصانة، من جهة، وتمنع محكمة العدل العليا من إلغاء هذه القوانين. ثم أرسل أحد كبار المحامين المقربين منه، ليشرح لأعضاء الكنيست والوزراء من حزب «ليكود» أهمية أن يؤيدوا هذه القوانين، وكيف يدافعون عنها في وسائل الإعلام وأمام الجمهور.
وتجاهل نتنياهو أنه هو شخصياً كان قد هاجم مبادرات مماثلة كان مقربون من سلفه إيهود أولمرت، قد فكروا في الإقدام عليها في سنة 2008. وحينها وجهت اتهامات فساد ضد أولمرت أخف بكثير من الاتهامات الموجهة اليوم إلى نتنياهو. وبادر بعض رجال القانون إلى تجميد محاكمة أولمرت، لكنه رفض واختار أن يستقيل من منصب رئيس الوزراء ويحاكم، وهكذا دخل السجن. ويؤكد الخبراء اليوم أنه لو لم يستقل أولمرت لكان بقي رئيس حكومة حتى اليوم.
وقد أعلن جدعون ساعر أنه يرى أن نتنياهو يرتكب خطأ جسيماً في سعيه لتعديل القوانين حتى يمنع محاكمته. وأضاف: «يبدو أنه حصل على استشارة سيئة. فلن ينفعه شيئاً أن يسن قوانين، وسيضطر في مرحلة ما أن يحاسب ويحاكم، لأن الإجراءات القانونية ستوصله إلى ذلك شاء أم أبى. لهذا فإن ما يفعله الآن لا يحقق أي فائدة بل يلحق بنا كحزب أفدح الأضرار». وتعهد ساعر بأن يسعى لإجهاض هذه القوانين.
أما النائب شير فقد ذكرت بأن أمس، السابع عشر من مايو (أيار)، هو يوم الذكرى السنوية الثانية والأربعين للانتصار الكبير لحزبها، إذ فاز اليمين برئاسة مناحم بيغن لأول مرة بالحكم. وبيغن كان معروفاً بتمسكه بالليبرالية والقيم الديمقراطية، وكان يقول: «القانون فوق الجميع». وقالت شير: «أنا أؤيد نتنياهو، وأريد بقاءه رئيساً للوزراء. ولكن ليس بهذه الطريقة. فسيادة القانون أهم. والقوانين التي يحاولون نسجها لا تلائم حزباً ديمقراطياً. ولذلك ليس صدفة أن الجمهور يسميها (قوانين الهرب من السجن) و(قوانين منع الحبس)».
بالمقابل، خرج أنصار نتنياهو في «ليكود» يهاجمون ساعر وشير. وكتب رئيس الائتلاف الحكومي السابق، النائب ديفيد بيتان، وهو نفسه متورط في قضية فساد أمام المحكمة: «على ساعر أن يخجل من نفسه». وقال النائب أمير أوحانا، المعروف بأنه أول عضو برلمان في إسرائيل جاهر بكونه «مثلياً»، إن «ساعر لا يوفر أي مناسبة للطعن بنتنياهو. ليس صدفة أن ساعر يحظى بهذا الاهتمام من الصحافة اليسارية عندنا». وقال نائب، طلب عدم نشر اسمه، «أشم هنا رائحة خيانة».
لكن خروج ساعر وشير بهذا الموقف أثار اهتماماً واحتراماً كبيرين. وقال النائب عوفر شيلح من تكتل «حزب الجنرالات»، إن «الواجب الوطني يحتم على كل من يريد إسرائيل دولة ناجحة وديمقراطية حقيقية أن يرفع صوته بشجاعة في وجه قوانين منع حبس نتنياهو. نحن نعرف أن هناك عدة نواب مستقيمين في (الليكود)، ولا يرضون عن تصرفات نتنياهو، ولكنهم جبناء، ولا يجرؤون على قول الحقيقة في وجه نتنياهو، وإنقاذ اسم حزبهم ودولتهم بين البشر».
من جهة أخرى، تقدمت النائب تمار زانبيرغ، من حزب «ميرتس» اليساري المعارض بطلب إلى رئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، يولي أدلشتاين، لمنع النواب المتورطين بالفساد من الاشتراك في التصويت على «قوانين منع حبس نتنياهو». وقالت إن هناك خمسة نواب من هذا النوع، هم مثل نتنياهو متورطون في شبهات فساد، وتنتظرهم لائحة اتهام، ومن مصلحتهم ألا تتاح محاكمة نتنياهو حتى يفلتوا هم لاحقاً من المحاكمة، وهم، إضافة إلى نتنياهو نفسه، يعقوب ليتسمان، رئيس «حزب اليهود المتدينين الأشكناز»، وحايم كاتس، وزير العمل والرفاه، وديفيد بيتان، من «الليكود»، وأريه درعي، رئيس حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».