توقع أن تحقق «الإقامة المميزة» في السعودية عائدات بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً

البرنامج يستهدف الكفاءات المميزة وذوي الملاءة المالية العالية ويكافح التستر واقتصاد الظل

مطار جدة  (رويترز)
مطار جدة (رويترز)
TT

توقع أن تحقق «الإقامة المميزة» في السعودية عائدات بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً

مطار جدة  (رويترز)
مطار جدة (رويترز)

مع توقعات بتحقيق أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً، وفتح أفق جديدة للاستثمارات النوعية، ومكافحة أكبر للتستر التجاري، تتعدد الآثار الإيجابية التي من المتوقع أن يساهم فيها نظام الإقامة المميزة الذي وافق عليه مجلس الوزراء السعودي في جلسته المنعقدة مساء أول من أمس (الثلاثاء).
ومن المنتظر أن يسهم نظام الإقامة المميزة في زيادة العوائد المالية المباشرة لتنمية الإيرادات الحكومية غير النفطية وتنمية الناتج المحلي الوطني؛ مما يحرك عجلة الاقتصاد من خلال جذب مزيد من الاستثمارات.
ويتماشى نظام «الإقامة المميزة» مع ما أعلنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عام 2016، عن مشروع البطاقة الخضراء «غرين كارد»؛ إذ قال إنه سيُمكن العرب والمسلمين من العيش طويلاً في المملكة، وإنه سيكون رافداً من روافد الاستثمار في المملكة.
وبحسب بيانات هيئة الإحصاء السعودية؛ فإن عدد السكان غير السعوديين بلغ 12.2 مليون نسمة، وهو ما يمثل نحو 37 في المائة من إجمالي عدد السكان. كما تنعكس آثار الإقامة المميزة إيجاباً في زيادة النشاط الاقتصادي بقطاعات الخدمات والتجزئة، كما أنها في الوقت ذاته تدعم قطاع السياحة مما يخلق فرص عمل كثيرة.
ويتوقع محللون اقتصاديون سعوديون أن يجذب نظام الإقامة الجديد استثمارات الوافدين الأجانب ممن يقيمون في المملكة ولديهم إمكانات مالية، أو تجذب مستثمرين جدداً من خارج المملكة من خلال تشجيعهم على الحصول على بطاقة الإقامة الخضراء المتعددة المزايا.
ويشير بعض المراقبين إلى أن عدد المستفيدين من النظام الجديد قد يتخطى نحو 3 ملايين من المقيمين غير السعوديين؛ ما قد يعني أنه سيدر على البلاد أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً، وسيسهم بشكل فعال في مكافحة التستر بالعمل الذي يلجأ إليه الوافدون الأجانب، وبالتالي تشجيعهم على العمل وفق القوانين ودفع الضرائب التي تعود للميزانية العامة وتوظيف السعوديين في مشروعاتهم وفق القوانين المتبعة.
ومن جانبه، أشار رئيس الأبحاث في «الراجحي كابيتال» مازن السديري، في مقابلة مع «العربية»، إلى أن الهدف من النظام الجديد يتفرع إلى 4 أمور أساسية، هي محاربة التستر التجاري، وتقليص اقتصاد الظل بدرجة عالية، والسماح للثروات الموجودة في المملكة بالمشاركة، سواء في الاستثمار أو في الاستهلاك، وتشجيع الاستثمار، وتحرير الأصول المجمدة.
وأوضح السديري أن نظام «الإقامة المميزة» يستهدف من يتمتع بالملاءة المالية، والوضع الصحي الجيد، والسجل النظيف، والوضع التعليمي... حيث إن هذا النظام يمنح المقيم والمستثمر حقوقاً تشبه حقوق المواطن السعودي، وسيكون لهم مشاركة في نظام التأمينات وفي الخدمات الصحية والتعليمية. وبالمقابل، سيكون لهم حرية الانتقال بين المؤسسات في القطاع الخاص.
ويرى السديري أن النظام الجديد يشبه إلى حد كبير نظام الـ«غرين كارد» الأميركي، حيث يهدف إلى جذب الأفراد إلى المملكة كمستثمرين أو كرأسمال بشري. غير أن الفارق برأيه، أن حجم اقتصاد الظل في أميركا يقدر بنحو 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بينما في الدول النامية يمثل ما بين 20 و25 في المائة، أي ما يقارب ضعف النسبة.
ويرى مراقبون أن نظام الإقامة المميزة يحسّن جاذبية السوق السعودية وكفاءتها لاستقطاب الكفاءات المميزة من خلال السماح بحرية تنقل حامل الإقامة بين منشآت الأعمال؛ مما يرفع مستوى تنافسية القوى العاملة لرفع قدراتهم وتطويرها.
ويسعى مشروع النظام الجديد إلى استقطاب المقتدرين مالياً ليعاملوا معاملة خاصة، ويتضمن إنشاء مركز يسمى «مركز الإقامة المميزة»، وتكون الإقامة المميزة على نوعين؛ غير محددة المدة، ولسنة واحدة قابلة للتجديد وفق شروط، من أبرزها وجود جواز ساري المفعول مع وجود الملاءة المالية وتقرير صحي يثبت الخلو من الأمراض المعدية، وسجل جنائي خال من السوابق، وألا يقل العمر عن 21 عاماً، وتوفر إقامة نظامية إن كان داخل السعودية.
ويعمّق نظام الإقامة المميزة شراكة السعودية مع دول العالم، وذلك باستقطاب الأفراد المتميزين، بالإضافة إلى استقطاب المزيد من الشركات؛ مما يدعم تنافسية الاقتصاد المحلي ويحقق أهداف «رؤية 2030»، كما يساعد في تحريك الاقتصاد الوطني وتعزيز مستوى الاستهلاك من خلال زيادة القوة الشرائية النوعية، كما أنه في الوقت ذاته يشجّع على الإنفاق والاستثمار محلياً، ويخلق بيئة أكثر استقراراً للوافدين وأسرهم.
ويساعد النظام في استقطاب مزيد من الاستثمارات المباشرة والمشاريع النوعية؛ مما يرفع مؤشر الثقة والأمان الاستثماري الخاص بالمملكة عالمياً. في حين يسهم استقطاب رواد الأعمال الأجانب من خلال نظام الإقامة المميزة وخبراتهم في تحسين خبرات رواد الأعمال السعوديين، ويرتقي بالأعمال التجارية والاستثمارية، كما يسهم نظام الإقامة المميزة في تنشيط الحركة التجارية، هذا بالإضافة إلى جذب استثمارات نوعية في قطاعات مستهدفة لتنويع النشاط الاقتصادي.
وستسهم الفرص الاستثمارية التي يوفرها نظام الإقامة المميزة لذوي الكفاءات النوعية في رفع مساهمة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي، هذا بالإضافة إلى جذب أصحاب الابتكارات والمتميزين والمبدعين واستقطاب أفضل العقول من جميع أنحاء العالم؛ الأمر الذي سيطوّر عمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ويخلق تنافسية عالية.
ويدعم نظام الإقامة المميزة دخول منشآت جديدة إلى السوق، كما أنه في الوقت ذاته يمكّنها من النمو والتوسع عبر برامج ومبادرات؛ مما يسهل بالتالي العمل التجاري وينمّي السوق المحلية ويزيد عدد الوظائف للمواطنين.
ويواكب النظام الجديد جهود الدولة في القضاء على التستر التجاري والدفع بعجلة النمو الاقتصادي، كما أنه في الوقت ذاته يحد من خروج الأموال للخارج ويعيد ضخها في الاقتصاد الوطني. كما يسهم في تعزيز جاذبية بيئة سوق العمل من خلال تحسين العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل؛ مما يزيد الإنتاجية ويخفض التكاليف على المواطنين أصحاب المؤسسات والشركات.
وفي سياق ذي صلة، أكد وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد بن عبد الله القصبي، أن نظام الإقامة المميزة سيعزز من التنافسية وسيمكّن المملكة من استقطاب مستثمرين وكفاءات نوعية ويحد من التستر.
وأوضح الدكتور القصبي في تصريح صحافي، أن نسبة التستر في المملكة زادت بنحو 46 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي، مضيفاً: «نظام الإقامة المميزة سيمكّن بعض الإخوة غير السعوديين من ممارسة أعمالهم وفق الأنظمة الموجودة في المملكة وسيمكّنهم من الاستثمار وشراء العقار السكني والتجاري والصناعي، وبالتالي يكون واضحاً أمام المجتمع التجاري هذا المستثمر».
وتابع الدكتور القصبي حديثه قائلاً: «من خلال نظام الإقامة المميزة يمكننا أن نحد من التستر، وذلك في أن نحد من هذا الاقتصاد الخفي، مما يعيننا على بناء اقتصاد حقيقي واقعي، وأيضاً هذه ممارسة عالمية في كل أنحاء العالم، والمملكة تستهدف نوعية معينة من المستثمرين ونوعية معينة من حاملي هذه الإقامة والذين يمكنهم تحقيق إضافة نوعية بما لا يزاحم أبناء وبنات الوطن السعوديين؛ الأمر الذي سيكون نتيجته بالتالي تحقيق إضافة نوعية للبلد، بإذن الله».
وإنفاذاً لقرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظام الإقامة المميزة، وقيام مركز الإقامة المميزة بالإجراءات والخطوات اللازمة لتطبيق النظام، فإن المركز يعكف حالياً على استكمال إعداد اللائحة التنفيذية للنظام خلال 90 يوماً لتحديد شروط وإجراءات التقدم لحصول غير السعودي، سواء كان مقيماً داخل المملكة أو قادماً من الخارج، على إقامة مميزة تتضمن المزايا التي حددها النظام لمدة سنة قابلة للتجديد أو لمدة غير محددة.
وسيقوم المركز، الذي يعد الجهة الوحيدة المختصة بتنظيم وإدارة كل ما يتعلق بالإقامة المميزة ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري بإشراف لجنة وزارية، بالإعلان تباعاً عن التفاصيل المتصلة باللائحة التنفيذية، وآلية استقبال طلبات الراغبين بالحصول على الإقامة المميزة، ووسائل التواصل معه ومراكز العمل التابعة له.


مقالات ذات صلة

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

كشف وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، عن تسجيل الموانئ السعودية 231.7 نقطة إضافية على مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)

3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

قررت 3 من أكبر 10 شركات عالمية متخصصة في تنظيم المعارض، افتتاح مكاتبها في المملكة، إلى جانب توقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم لدعم صناعة الفعاليات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

ما زال التضخم في السعودية الأقل ضمن مجموعة العشرين، وذلك بعد تسجيل معدل 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

الخريف: قطاع إعادة التصدير السعودي ينمو ويسجل 16.2 مليار دولار عام 2024

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، عن تسجيل بلاده صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير خلال العام الحالي.

زينب علي (الرياض)

توقعات بإبطاء «الفيدرالي الأميركي» خفض أسعار الفائدة خلال 2025

بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة (رويترز)
بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة (رويترز)
TT

توقعات بإبطاء «الفيدرالي الأميركي» خفض أسعار الفائدة خلال 2025

بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة (رويترز)
بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة (رويترز)

ربما يشعر الأميركيون الذين يأملون في خفض تكاليف الاقتراض لشراء المنازل وبطاقات الائتمان والسيارات، بخيبة أمل بعد اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع.

ومن المرجح أن يوصي واضعو السياسات النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أقل في أسعار الفائدة العام القادم مقارنة بالتوقعات السابقة.

ويتأهب المسؤولون لخفض سعر الفائدة الأساسي، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، الذي يؤثر على العديد من القروض الاستهلاكية والتجارية، بواقع ربع نقطة مئوية في اجتماع يوم الأربعاء المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

وعند هذا المستوى، سيكون سعر الفائدة أقل بواقع نقطة كاملة عن أعلى مستوى له خلال أربعة عقود، والذي بلغه في يوليو (تموز) 2023.

وكان واضعو السياسة النقدية قد أبقوا على سعر الفائدة الرئيس عند ذروته لأكثر من عام في محاولة للحد من التضخم، قبل أن يقوموا بخفضه بواقع نصف نقطة في سبتمبر (أيلول) وربع نقطة الشهر الماضي.

وتضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض؛ مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.