نصف سكان غزة قد لا يحصلون على طعام كاف الشهر المقبل

عامل فلسطيني يتفقد شاحنة تحمل إمدادات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) التي وصلت إلى رفح عبر معبر كيرم شالوم في جنوب قطاع غزة (رويترز)
عامل فلسطيني يتفقد شاحنة تحمل إمدادات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) التي وصلت إلى رفح عبر معبر كيرم شالوم في جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

نصف سكان غزة قد لا يحصلون على طعام كاف الشهر المقبل

عامل فلسطيني يتفقد شاحنة تحمل إمدادات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) التي وصلت إلى رفح عبر معبر كيرم شالوم في جنوب قطاع غزة (رويترز)
عامل فلسطيني يتفقد شاحنة تحمل إمدادات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) التي وصلت إلى رفح عبر معبر كيرم شالوم في جنوب قطاع غزة (رويترز)

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن أكثر من نصف سكان قطاع غزة المحاصر الذين يعتمدون على المعونة الغذائية المقدمة من المجتمع الدولي، قد لا يحصلون على طعام كاف الشهر المقبل.
وأعلنت الوكالة في بيان عن حاجتها إلى ما لا يقل عن 60 مليون دولار إضافية بحلول يونيو (حزيران) لمواصلة تأمين الطعام، لأكثر من مليون لاجئ فلسطيني في غزة، من أصل 1.9 مليون شخص هم سكان القطاع.
وبحسب الأونروا فإن 620 ألف شخص في غزة يعانون من فقر مدقع، وهم حسب تعريفها أولئك الذين يتوجب عليهم العيش على أقل من 1.6 دولار في اليوم الواحد، في حين يعاني 390 ألف شخص من فقر مطلق - أولئك الذين يعيشون بأقل من 3.5 دولار في اليوم الواحد.
وقالت الوكالة في بيانها إن هذه المعطيات تعرضها لتحديات كبيرة، خاصة أن تمويلها بالكامل تقريبا يعتمد على التبرعات الطوعية، ولم يواكب الدعم المالي النمو في الاحتياجات.
وكانت الإدارة الأميركية قد أعلنت في أغسطس (آب) العام الماضي أنها ستوقف كل التمويل المقدم إلى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وأشارت الوكالة الدولية إلى أن الحصار الذي أدى إلى إغلاق غزة وما تبعه من آثار «كارثية» على المجتمع المحلي بالإضافة إلى النزاعات المتعاقبة والأزمة السياسية الداخلية، أدت إلى زيادة عدد اللاجئين الذين يتلقون معونة اجتماعية من الأونروا في غزة من 80 ألفا في العام 2000، إلى أكثر من مليون شخص اليوم.
وقال ماتياس شمالي مدير عمليات الأونروا في غزة إن هؤلاء بحاجة إلى معونة غذائية طارئة ولا يمكنهم من دونها أن يعيشوا، وإن المعتمدين على المساعدة «زادوا بنحو عشرة أضعاف».
وأكد الناطق الرسمي للأونروا سامي مشعشع لوكالة الصحافة الفرنسية أن العمل جار لتوفير الأموال في ظل عجز تراكمي للوكالة تخطى حاجز 200 مليون دولار.
وبحسب مشعشع فإن مطالب الوكالة المالية لا تقتصر على غزة وإنما تسعى لتغطية الميزانية العامة، مشيرا إلى أن اجتماعات ستعقد في يونيو وسبتمبر (أيلول) المقبلين مع الدول المتبرعة لبحث هذا العجز.
ونوه بيان الوكالة إلى أن هذه الزيادة في العجز مردها أيضا إلى الوفاة «المأساوية» لـ195 فلسطينيا، بينهم 14 طالبا من مدارس الأونروا في غزة، بالإضافة إلى الإصابات الجسدية والنفسية طويلة الأمد التي تعرض لها 29 ألف شخص خلال مسيرات العودة الكبرى.
وقال البيان أيضا إن 3790 شخصاً قتلوا وأصيب أكثر من 17 ألفا في ثلاثة نزاعات مدمرة في غزة منذ عام 2009.
ووفقا لبيان الوكالة فإن تقرير صدر عن الأمم المتحدة عام 2017 توقع أن غزة ستصبح غير قابلة للعيش فيها بحلول عام 2020، مع معدل بطالة يبلغ 53 في المائة، وأكثر من مليون شخص يعتمدون على المعونات الغذائية الفصلية من الأونروا.
ومنع العمل الإنساني الوقائي لوكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا، والتحويلات التي تأتي من الخارج، غزة من الوصول إلى حافة الانهيار التام.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على القطاع الفقير منذ أكثر من عشر سنوات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.