حملة اعتقالات لأعضاء حزب التحرير المحظور في الأردن

إلقاء القبض على عدد منهم داخل مسجد الهدى شمال عمان

حملة اعتقالات لأعضاء حزب التحرير المحظور في الأردن
TT

حملة اعتقالات لأعضاء حزب التحرير المحظور في الأردن

حملة اعتقالات لأعضاء حزب التحرير المحظور في الأردن

شنت السلطات الأمنية الأردنية حملة اعتقالات في صفوف أعضاء حزب التحرير الإسلامي المحظور خلال اليومين الماضيين، بعد زيادة نشاطاته الجماهيرية في الآونة الأخيرة خاصة الحرب على غزة وذكرى سقوط الخلافة الإسلامية على يد مؤسس الدولة التركية كمال أتاتورك.
وتأتي هذه الحملة تزامنا مع حملات مماثلة شنتها السلطات الأمنية قبل أسبوع على أعضاء من التيار السلفي الجهادي خاصة ممن يتعاطفون مع تنظيم «داعش» وجبهة النصرة. وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني إن الأجهزة الأمنية المختصة تقوم بواجباتها في تنفيذ القوانين، وإن أي مخالفة للقانون سيتم اتخاذ الإجراءات المتبعة حيالها وفق القوانين المرعية. وأضاف المومني لـ«الشرق الأوسط» أن أي مخالف للقانون يتم اتخاذ الإجراءات المتبعة تجاهه وتحويله للقضاء.
من جانبه، قال محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبد اللات إن ستة من أعضاء حزب التحرير مثلوا أمس الأحد أمام مدعي محكمة أمن الدولة والذي أحالهم إلى مدعي عام محكمة شمال عمان وذلك لعدم الاختصاص، مشيرا إلى أن قضايا حزب التحرير في العادة تحول لمحكمة مدنية خاصة إذا كانت التهمة الانتساب إلى جمعية غير مشروعة. وأضاف العبد اللات، الذي هو وكيل المتهمين، لـ«الشرق الأوسط»، أنه تم اعتقال كل من رمزي محمد سليمان وعلي أحمد حسونة وقيس عبد الله حسونة ورشاد صلاح عبد الحي وعبد الرحيم صلاح عبد الحي وعبد العزيز صلاح عبد الحي، يوم الجمعة الماضي في مسجد الهدى في منطقة أبو نصير شمال عمان، عندما كان هؤلاء يشاركون في فعالية انتصار غزة. وأشار إلى أن قوات من الأمن الوقائي وقوات من الدرك دخلوا على ثلاثة منهم داخل المسجد وانهالوا عليهم بالضرب المبرح، موضحا أنه طلب تحويل موكليه إلى طب الشرعي لإثبات الحالة.
وقال العبد اللات إن موكليه كانوا يمارسون نشاطا سلميا ضمن احتفالية بانتصار حركة المقاومة الإسلامية في غزة وصمودها أمام العدوان الإسرائيلي لمدة 50 يوما. ويرى العبد اللات أن الحملات التي تشن على التيار السلفي وحزب التحرير تزيد من تعاطف المواطنين معهما خاصة في ظل توسع قاعدة المتعاطفين مع التيارات الإسلامية الأخرى مثل تنظيم (داعش) وجبهة النصرة اللذين حققا مكاسب عسكرية في كل من سوريا والعراق.
ودعا العبد اللات الحكومة الأردنية إلى أخذ الدروس والعبر مما يجري في الإقليم من تطورات سياسية، مشيرا إلى أن لغة الحوار والتفاهم مع هذه التيارات أفضل من قمعها وإسكاتها، إضافة إلى العمل على إغلاق ملف العائدين من سوريا.
من جانب آخر، قال مصدر في حزب التحرير إن السلطات الأمنية الأردنية نفذت الجمعة الماضية حملة اعتقالات في صفوف قيادات للحزب في أعقاب نشاط نفذه الحزب في عدد من مساجد المملكة في ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية، حيث ألقى عدد من خطباء المساجد خطبا تدعو لإحياء الخلافة الإسلامية. وتابع المصدر أنه تأكد لغاية الآن اعتقال 4 من أعضاء الحزب من كل من عمان واربد شمال الأردن، مشيرا إلى أن الحزب يدقق للحصول على معلومات عن بقية أعداد معتقليه.
ومن جهته، أكد الناطق باسم الحزب محمد القطيشات، أن «الحزب كان يحتفل داخل أحد المساجد بما سماه انتصار غزة، لتدخل قوات أمنية ترتدي لباسا مدنيا وتدعي أن الاحتفال لـ(داعش)، وشتان بين حزب التحرير و(داعش)»، على حد قوله. وأكد أن الأربعة الآخرين اعتقلوا من خارج المسجد، والثلاثة من داخله بواسطة قوات الدرك.
وكان حزب التحرير قد رفض مبايعة أبو بكر البغدادي كخليفة للمسلمين. وأوضح في بيان سابق أن إعلان تنظيم داعش للخلافة إنما هو لغو لا يغير من واقع التنظيم بأنه فصيل مسلح، مؤكدا على الطريقة الشرعية التي حددها الإسلام في إيجاد دولة الخلافة والتي لم يتبعها تنظيم داعش، موضحا الشروط التي يجب أن تتوافر في المكان الذي يريد أهله مبايعة خليفة والتي لم يتوافر منها شيء.
يشار إلى أن السلطات الأردنية تحظر نشاطات حزب التحرير لأنه يدعو إلى إقامة الخلافة الإسلامية، فيما يقول الحزب في الأردن إنه لا يمكن أن يطلب الترخيص على أساس قانون أحزاب يلزمه بالتنازل عن أي حكم شرعي.
وتأسس حزب التحرير الإسلامي في عام 1953 على يد الفلسطيني تقي الدين النبهاني الذي انشق عن جماعة الإخوان المسلمين، ويدعو إلى عودة الخلافة الإسلامية التي انتهت على يد كمال الدين أتاتورك في تركيا عام 1924. وتحظر معظم الدول العربية والإسلامية الحزب وتلاحق أعضاءه أمنيا، غير أن للحزب نشاطا واسعا في لبنان والسودان والضفة الغربية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.