في سوق الخضراوات المركزية بمدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، يقف سكفان (34 سنة) أمام عربته لبيع الخضراوات من بقدونس ونعناع وخس وبصل أخضر. يستفسر زبون عن الأسعار، ليبدأ بتعريفة كل مادة، التي تتراوح أسعارها بين مائة و500 ليرة سورية. فالأسعار متقلبة وغير مستقرة نظراً لارتفاع أسعار الوقود وأجرة النقل؛ الأمر الذي يزيد من ارتفاع الأسعار مع دخول شهر رمضان المبارك يومه الرابع.
يقول سكفان، وكان يقوم بترتيب بضاعته وينظفها ويضع بعضها بجانب بعض بشكل مرتب: «ربطة البقدونس تجاوزت المائة ليرة، والخسة الواحدة وصل سعرها إلى 200 ليرة، أما البصل الأخضر فارتفع سعره إلى 500 ليرة (تعادل نحو دولار أميركي)»، وهذه الأسعار جنونية مقارنة مع دخل المواطن. لكن سكفان يؤكد أنّ تجار السوق المركزية هم من يحددون الأسعار، ليضيف: «كلما يزيدون سعر صنف، نضطر مجبرين على رفع سعره. أعلم أنها غالية، ولكن ما باليد حيلة».
وامتنع المدرس سعيد (47 سنة) المتحدر من مدينة القامشلي عن شراء بعض الخضراوات بعد ملاحظة ارتفاع أسعارها، فراتبه الشهري يلزمه بشراء أصناف محددة، ويقول: «راتبي 48 ألفاً (نحو 85 دولاراً أميركياً) ولا قدرة لي على شراء خضراوات بهذه الأسعار، فاليوم هو الرابع من رمضان وحُرمنا من الكثير بسبب جنون الأسعار»، في حين تصل تكاليف معيشة أسرة مؤلفة من 5 أشخاص، إلى نحو 200 ألف ليرة سورية (نحو 350 دولاراً أميركياً).
أما إلهام (37 سنة)، التي كانت تتبضع في السوق المركزية لشراء بعض المواد الأساسية وبعض اللحم لإعداد وجبة الإفطار، وبعد ملاحظة ارتفاع سعر كيلو اللحم الذي تجاوز 4500 ليرة سورية (8 دولارات أميركية) خفضت من الكمية التي كانت مقررة شراءها. أثناء الحديث معها ارتسمت علامات الحيرة على وجهها وهي تدفع النقود للحام، لتقول: «لا نشتري اللحمة إلا في أطعمة محددة، وآخذ بالوقية من أجل تغيير نكهة الطعام، عكس ما كنت عليه سابقاً حيثُ كنت أشتري اللحمة بالكيلوغرامات شهرياً».
ومع بداية شهر رمضان المبارك ارتفعت أسعار السلع الأساسية والفواكه، وفي مقدمتها اللحوم ومشتقات الحليب والخضراوات، فقد ارتفع سعر كيلو البندورة إلى 500 ليرة سورية (نحو دولار أميركي)، وكيلو الباذنجان تجاوز 400 ليرة، والبطاطا والخيار 300 ليرة، وهي السلع الأكثر استخداماً في موائد رمضان. وبحسب خبراء اقتصاديين ارتفعت الأسعار بنسبة 15 في المائة، فقد وصل سعر كيلوغرام من الأرز المصري إلى نحو 800 ليرة، والشاي ارتفع بشكل ملحوظ ليصل سعر الكيلوغرام لنحو 3500 ليرة، والحلاوة لنحو 1500 ليرة، وكيلو اللبن الزبادي وصل لنحو 500 ليرة سورية. وأجبر ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء الأهالي على العزوف عن شرائها والاستعاضة عنها بمواد أخرى، كحال وداد، البالغة من العمر 35 سنة والمتحدرة من القامشلي وتعمل موظفة وتتقاضى راتباً شهرياً مقداره 60 ألفاً (نحو 105 دولارات)، والتي قالت: «لا نشعر بالبهجة بقدوم شهر رمضان كما درجت العادة، فارتفاع الأسعار وتقلبها منذ أيام حرمنا من وجبات كثيرة كنا نشتهي أكلها بهذا الشهر الفضيل».
وبحسب خبراء، ارتفعت أسعار المنتجات الحيوانية والدواجن بمتوسط نحو 500 في المائة، ووصل سعر الفرّوج الحي إلى حدود 1500 ليرة سورية، وطبق البيض ارتفع إلى 1300 ليرة سورية.
ويعزو التجار ارتفاع السلع والمواد الأساسية إلى زيادة تكاليف النقل وطول الطرق وعدم استقرارها، إضافة لتقلب سعر صرف العملات الأجنبية، فقد تجاوز سعر صرف الدولار الأميركي نهاية الشهر الماضي حاجز 580 ليرة سورية، أما اليوم فسعر الصرف يصل إلى 568 ليرة، إضافة إلى أزمة الوقود في دمشق وباقي مناطق الحكومة.
ارتفاع «جنوني» للأسعار في القامشلي
ارتفاع «جنوني» للأسعار في القامشلي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة