الدقير لـ«الشرق الأوسط»: نقترب من الوصول إلى اتفاق مع المجلس العسكري

القيادي في تكتل «نداء السودان» قال إن الخلافات «ليست عميقة»... و{الحرب مع الدولة العميقة ستطول}

عمر الدقير
عمر الدقير
TT

الدقير لـ«الشرق الأوسط»: نقترب من الوصول إلى اتفاق مع المجلس العسكري

عمر الدقير
عمر الدقير

عبر القيادي البارز في تحالف قوى الحرية والتغيير، الذي يقود الحراك الثوري في السودان، عمر الدقير، عن تفاؤله في الوصول إلى اتفاق مع المجلس العسكري الانتقالي، في موعد قريب، وتمنى ألا يتعدى الربع الأول من شهر رمضان الحالي، مشيراً إلى وجود خلافات مع «العسكري»، إلا أنها «ليست عميقة».
وقال الدقير وهو رئيس حزب المؤتمر السوداني، أحد أحزاب «نداء السودان»، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن الخلاف الوحيد يتمثل في «بعض حيثيات رؤانا للسلطة الانتقالية وتحديداً في قضية المجلس السيادي». وأوضح أن «هذا الخلاف كان السبب في تأخير نقل السلطة»، وعزا التأخير أيضاً إلى وجود دولة عميقة، لا تزال تسيطر على شتى مناحي الدولة. ودعا الدقير الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في «قوى الحرية والتغيير»، للسعي في اختيار قيادة سياسية، تكون مرجعية له، مشيراً إلى أن غياب مثل هذا الجسم يؤخر الحلول.
واعترف الدقير من جانب ثانٍ بأن الأحزاب السياسية تعرضت لقمع وتخريب من النظام السابق، وهي منهكة، وعليها تجديد شبابها وهياكلها باستيعاب طاقات الشباب وبنسب عالية. وحول الوضع الاقتصادي، أشار إلى أن الأولوية ستكون لإطلاق برنامج إسعافي لتوفير احتياجات المواطنين، مؤكداً استطاعتهم النهوض بالاقتصاد خلال عامين، إذا وجدوا المساعدة من دول الإقليم والمجتمع الدولي.
ولم يبدِ القيادي البارز مخاوف من حدوث انتكاسات أو من عنف دموي في السودان، مع وجود «سلاح منتشر لدى الجماعات التابعة للنظام السابق»، لأن العنف كما يقول «منبوذ في السودان».
وأشاد الدقير بمساعدة السعودية والإمارات للسودان، مشيراً إلى أن قوى الحرية والتغيير ستسعى إلى علاقات مميزة مع دول الإقليم والمجتمع الدولي.

> أين السودان؟... أنتم الآن وسط هذا الكم الهائل من الخلافات والتباينات، هل تجاوزتم عنق الزجاجة؟ وأين أنتم من الحل؟
- السودان في مرحلة مخاض نحو ميلاد جديد، تمكنا من إزاحة النظام السابق عبر ثورة شعبية باسلة، تبقى لنا العبور بمجيء سلطة انتقالية تضع الوطن على درب الخلاص بالإرادة الجماعية، هذا المخاض يعتريه كثير من الإشكالات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الذي أمسك السلطة وأصبح بحكم الأمر الواقع صاحب السلطة، نحن نريد سلطة مدنية.
هناك خلافات في بعض حيثيات رؤانا للسلطة الانتقالية وتحديداً في قضية المجلس السيادي؛ هم يريدون أن يكون مجلساً عسكرياً، ونحن نريد مجلساً مدنياً بتمثيل عسكري وله صلاحيات محدودة، هذا الخلاف كان السبب في تأخير نقل السلطة... وفي هذا الواقع المعقد ووجود دولة عميقة، ونحن في عنق الزجاجة، نريد أن نخرج منها بتشكيل السلطة الانتقالية لتضع الوطن على درب الخلاص.
> المجلس العسكري أكد أكثر من مرة أنه لا توجد خلافات معكم في قوى الحرية والتغيير...
- لا توجد خلافات عميقة، الخلاف في أن المجلس العسكري يريد دوراً مؤثراً في السلطة الانتقالية عبر المجلس السيادي، ونحن نريده بصلاحيات رمزية، يقوم فيه العسكريون بشؤون الأمن والدفاع، الخلاف في هذه النقطة، وهم وافقوا على أن تشكل قوى الحرية والتغيير الحكومة بكامل الصلاحيات التنفيذية، وتطبق برامج الإصلاح المطروح، ولكن عندما نأتي إلى التفاصيل يقولون نريد أن نتشاور مع الحكومة، ولا ندري ما درجة هذا التشاور، وإذا وصلت إلى درجة رفض مرشحين لقوى الحرية والتغيير دون تقديم حيثيات مقنعة ستخلق إشكالات بيننا.
> البعض يتحدث عن ضغوط أمام المجلس العسكري تدفعهم إلى تغيير آرائهم...
- الواقع السوداني يتجاذبه كثير من التداخلات داخلياً وخارجياً، إقليمياً ودولياً؛ ولا بد أن يكون لها تأثير... الضغوط موجودة بصورة أو أخرى.
> هناك اتهامات للأحزاب بأنها لم تكن جاهزة لمثل هذه المرحلة لهذا تأخرت كثيراً في تقديم تصوراتها ورؤاها...
- كل حزب لديه رؤى وتصورات معروفة لدى الجميع، ولكن يمكن القول إن تحالف قوى الحرية التغيير بطيء في حركته... ولم تكن له رؤى موحدة حول القضايا المطروحة.
فالجدل المثار حول الوثيقة الدستورية يوضح جلياً أنه لم يكن هناك اتفاق كامل حولها وكان هناك تسرع في تسليمها، وهي مسودة يمكن استدراكها، هذا البطء يرجع لحالة السيولة، حيث لا توجد حتى الآن مرجعية، هناك جهة تنسيقية تقود العمل الميداني والتنفيذي وتقودها الكوادر الوسيطة، وكذلك توجد لجنة التفاوض، ولا يوجد جسم قيادي ليقود هذا الحراك، ونحن في تحالف نداء السودان نطالب بوجود مثل هذا الجسم، وفي عدم وجوده سنظل نتخبط ولن تكون لدينا مرجعية، ولكن عندما تكون هناك قيادة سياسية تستطيع أن تفصل في الأمور على وجه السرعة.
> ماذا تقصد بالقيادة السياسية؟
- جسم يشكل مرجعية للجان المختلفة، ولا بد من وجود قيادة سياسية توجه وتفصل في المسائل.
> هل هناك جهات داخل قوى الحرية والتغيير ترفض مثل هذا التوجه؟
- لا يوجد رفض بشكل مباشر وإنما تعطيل من بعض الأطراف الأخرى، وندعوهم أن يعطوا هذا الأمر الاعتبار الكافي... «نداء السودان» يطرح هذا المقترح بشدة.
> هناك برامج ومواثيق وضعتها المعارضة للمرحة الانتقالية قبل الثورة... لماذا اختفت الآن؟
- هناك خلل في بعض التحالفات... ولكن البرامج والسياسات السابقة المتفق عليها تم استيعابها في إعلان الحرية والتغيير، ولدينا مواثيق تم التوقيع عليها وأتمنى الالتزام بها، لأنه دائماً عندما يحصل انتصار أو ثورة تفارق أو تختفي مثل هذه البرامج، لذا نحن نريد حكومة مرتبطة بقوى الحرية والتغيير لكي تطبق هذه البرامج المطروحة، وعادة فإن مثل هذه البرامج تنفذها الحكومة، فهي التي تنفذ سياسات الإصلاح الاقتصادي وتحقيق السلام.
> لماذا تتمسك قوى الحرية والتغيير بإعلانها كأنها تغلق الباب أمام الوساطة؟
- قوى الحرية والتغيير رحبت بالوساطة، وتم التعاون معها بطرح ملاحظات عليها، وفي آخر اجتماع، قلنا لهم نريدها مكتوبة ومفصلة، ووصل تصورهم مساء أمس، سيخضع للنقاش وعلى أساسه سيتم تحديد موقف موحد.
> هل شاركتكم لجنة الوساطة فيما توصلت إليه؟
- من المؤكد أنها تشاورت مع المجلس العسكري.
> هل أنت متفائل بانفراج في التفاوض؟
- نحن على مقربة من التوصل إلى اتفاق وأنا متفائل... وأتمنى أن يتم ذلك في الربع الأول من رمضان.
> كيف تتوقعون رد المجلس العسكري على الوثيقة؟
- لا أعتقد أنه سيكون هنالك خلاف كبير، المجلس موافق على المستويات الثلاثة للحكم، قد يكون لديهم تحفظ في مسألة التكوين، حيث نتمسك نحن بأغلبية للمدنيين، وننتظر لنرى ردهم.
> هل الأحزاب السياسية مؤهلة الآن لقيادة البلاد في هذه المرحلة الحرجة مع التحفظات الكبيرة التي يبديها شباب الاعتصام؟
- الأحزاب تعرضت لقمع وتخريب من النظام السابق، وهي منهكة، والفضاء السياسي كان مغلقاً أمامها لتتواصل مع الشباب. واجب الأحزاب الآن هو السعي لتجديد نفسها، وتتوجه للشباب وتستوعب طاقاتهم، فهم يشكلون العمود الفقري لقوى التغيير، والتوجه لهم بخطاب وطني حداثي مستنير، حتى ينخرطوا في الأحزاب أو يدعموا رؤاها.
> البعض يرى أنه إذا لم يتم استيعاب الشباب بنسب عالية خلال الفترة الانتقالية، فإن ثورة التغيير ستعتبر فاشلة...
- يجب أن تكون للشباب نسبة عالية في المشاركة؛ لأنهم يمثلون روح الثورة والوحدة ولا بد من إشراكهم بنسبة كبيرة، وإذا قصرت المشاركة على فئات عمرية بعينها لن تكون الحكومة ممثلة لصوت الثورة، لأن صوت الثورة شبابي ونسائي، ويجب أن يكون لهم تمثيل راجح.
> هناك اتهام للأحزاب بأنها ترفع شعارات فقط دون خطط أو برامج محددة...
- الأحزاب «خشم بيوت» ولحزب المؤتمر السوداني تصوراته، ولدينا ما نسهم به بكل تواضع في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، نتمنى أن يكون للأحزاب الأخرى نفس الروح، تتعدى الهتافية والشعاراتية إلى برامج هادفة، تخاطب قضايا الواقع، والنسبة الكبرى من السودانيين الآن شباب.
> ما الأولويات التي يجب أن تطبق في المرحلة الانتقالية لإنقاذ السودان من الدمار والخراب الذي وصل إليه؟
- نريد أن نخرج وطناً من الأنقاض، بلد أنهك بالفساد والاستبداد ودمرت كل وسائل الإنتاج به، لا بد أن تكون هناك مساعدات خارجية؛ وهذا ما نطمح إليه، السودان يحتاج إلى قروض وهبات ومنح، وإدارة رشيدة، ويجب طرح برنامج إسعافي اقتصادي. الحاجات الآنية: دفع مرتبات العاملين بالدولة وتوفير الخبز والدقيق للمواطنين، وبعد ذلك الشروع في إعادة هيكلة الاقتصاد ليكون إنتاجياً منضبطاً في مصلحة المنتجين، والاهتمام بالقطاعات الإنتاجية المهملة، وهذه تحتاج إلى مجهود كبير لا يكون هنالك فساد، نستطيع أن ننهض، وأنا متفائل أنه خلال سنتين سيتحسن الوضع الاقتصادي.
> من أين تبدأ الحكومة الانتقالية لمعالجة كل تلك الإشكالات؟
- نتلقى مساعدات من الخارج، وهناك وعود مطروحة، المهم كيف تكون هناك إدارة رشيدة تدير هذه البلاد.
> هناك مخاوف من أن تحدث انتكاسات تقودها الجماعة التي كانت تدير النظام السابق مثل تفجيرات، كما يحدث من الجماعات نفسها النظيرة لها في الدول المجاورة... وأول من أمس تم ضبط أسلحة وأحزمة ناسفة...
- أعتقد أن الجماعة في السودان تختلف، والعنف منبوذ في السودان، وإذا حدث مثل هذا الأمر يمكن محاصرته، ولا بد أن تكون هناك حكومة قوية تقوم بدورها في المحافظة على الأمن، خصوصاً أن هناك سلاحاً منتشراً في أيديهم هم، يمكن أن يتوقع منهم أي شيء ولكن بطبيعتنا السودانية؛ ما نريده أن نعيد التوازن لأجهزة الدولة والمجتمع، يجب ألا نواجه الدولة العميقة بطريقة انتقامية أو إقصائية، يجب إبعاد أصحاب الولاءات الحزبية من كل أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة النظامية، ولا بد من مراجعة كل أجهزة الدولة وإبعاد العناصر المسيسة التي ليست لديها الكفاءة، وهذا لن يتم بين يوم وليلة، وهو برنامج عمل متكامل.
> ألم يتباطأ المجلس العسكري في التعامل مع الدولة العميقة؟
- صحيح تباطأ... لذلك كنا نطالب بتعجيل نقل السلطات، والتباطؤ لأسباب كثيرة، لأن الدولة العميقة مسيطرة على كل المؤسسات، ولو احتاج المجلس العسكري إلى استشارة سيجدها من الدولة العميقة، وبهذه الطريقة لن يستطيع أن يحقق أهداف الثورة، والحل الوحيد هو أن يسرع الجيش بعملية نقل السلطة حتى تطلع الحكومة بمهامها، من ضمنها تصفية الدولة العميقة.
> ماذا عن مشاركة حزبي المؤتمر الشعبي والوطني في العملية السياسية؟
- لن يسمح لهما بالمشاركة في مؤسسات الحكم الانتقالي، عليهما أن ينتظرا الانتخابات. من حقهما المشاركة في الانتخابات المقبلة، ولا أحد يريد أن ينزع منهما هذا الحق.
> ما الدور المطلوب إقليمياً ودولياً في تجاوز الأوضاع الراهنة؟
- أتمنى أن يتم نقل السلطة داخلياً دون الحاجة إلى وساطة خارجية، وهذا يعتمد على المجلس العسكري ومدى قبوله ما نطرحه، وقوى الحرية والتغيير تتعامل بمرونة مع هذا الأمر، وعلاقاتنا مع دول الإقليم والمجتمع الدولي يفترض أن تكون أعمق، وهي الآن تتم على مستوى لقاءات السفراء وبعض المبعوثين، على قوى الحرية والتغيير أن يكون لها تواصل مع الدول الفاعلة، فالسودان محتاج إلى مساعدات مالية خلال الفترة الأولى، وهذا يحتاج إلى تواصل من جانبنا مع هذه الجهات، وهناك معانٍ تجمعنا بالإقليم ودول العالم ممثلة في احترام حقوق الإنسان والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين. نحن نستطيع المساهمة في هذا المجال. نريد ونسعى أيضاً لخلق نوع من التكامل الاقتصادي مع دول القرن الأفريقي والجوار العربي، لمصلحة شعوبنا. ونحن هنا نشكر السعودية والإمارات على ما قدمتاه من دعم مالي للسودان، نشكرهما على ذلك ونطمح في تعاون أكبر لمصلحة شعوبنا.
> هل أنتم في حزب المؤتمر السوداني مع محاكمة المتهمين بجرائم حرب وإبادة من رموز النظام السابق في الداخل، أم تسليمهم للمحاكم الدولية؟
- «المؤتمر السوداني» أول حزب طالب بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، ونحن مع العدالة الدولية، ولكن هذا الملف متروك للحكومة الانتقالية بأجهزتها المختلفة، سنصل فيها إلى قرار.
> مع النظام الرئاسي أم النظام المختلط؟
- نحن نعتقد أن النظام الرئاسي هو الأنسب بالنسبة لنا... رئيس جمهورية مفوض، يختار حكومته ويبعد البلاد عن التجاذبات الحزبية، والتقلبات.
> هل سترشح نفسك في رئاسة الوزراء أو في الانتخابات المقبلة؟
- نحن حزب سياسي في الساحة السياسية وسنخوض كل المعارك الانتخابية وسندفع لها بمرشحينا، بالنسبة للفترة الانتقالية نحن مع حكومة كفاءات في الأساس، والمطلوب فيمن يقع عليه الاختيار، أن يكون لديه وعي سياسي، حتى لوكان حزبياً لا مانع لدينا.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.