هدنة جديدة في غزة على قاعدة التفاهمات السابقة ووقف الاغتيالات

إسرائيل و«حماس» تعتبران أن المعركة لم تنته... واتهامات لإيران بدعم المواجهة الأخيرة

دمار خلفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة (إ.ب.أ)
دمار خلفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة (إ.ب.أ)
TT

هدنة جديدة في غزة على قاعدة التفاهمات السابقة ووقف الاغتيالات

دمار خلفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة (إ.ب.أ)
دمار خلفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة (إ.ب.أ)

دخلت هدنة جديدة حيز التنفيذ في قطاع غزة، أمس، بعدما توصلت إسرائيل والفصائل الفلسطينية إلى اتفاق على العودة إلى تفاهمات سابقة. ونجحت مصر والأمم المتحدة في فرض الاتفاق بعد مفاوضات صعبة شهدت انتكاسات عدة في يومين من المواجهة التي خلّفت 25 قتيلاً في قطاع غزة و4 إسرائيليين في مستوطنات وبلدات قريبة.
وأعلنت إسرائيل و«حماس» وقف إطلاق النار، لكنهما أكدتا أن المعركة لم تنته.
واتفق الطرفان على وقف النار فوراً ووقف أي هجمات لاحقة انطلاقاً من إسرائيل أو قطاع غزة بما في ذلك وقف سياسة الاغتيالات. كما اتفقا على تنفيذ التفاهمات السابقة القائمة على تحويل أموال إلى قطاع غزة وتوسيع مساحة الصيد وفتح المعابر مقابل الهدوء على أن تنطلق فوراً المرحلة الثانية القائمة على تنفيذ مشاريع في القطاع.
وعادت الحياة، أمس، إلى طبيعتها في قطاع غزة، وصمتت صافرات الإنذار في جنوب إسرائيل، لكن مع استمرار التهديدات.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن المعركة مع حركتي «حماس» و«الجهاد» لم تنته بعد. وتابع: «لقد فهمت (حماس) و(الجهاد الإسلامي) أن قواعد اللعبة قد تغيرت، وبالتالي توقفتا عن إطلاق النار».
وأكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، أن جيش الاحتلال دمّر مئات الأهداف في قطاع غزة خلال جولة التصعيد التي انتهت فجر الاثنين. وأشار إلى تدمير مخازن أسلحة وبنية تحتية وعدة مبانٍ بعضها مدني، مشدداً على أن الجيش سيستمر بذات النمط الهجومي في حال كانت هناك ضرورة.
وفي تصريحات مماثلة، جاءت كما يبدو رداً على بيان نتنياهو ورئيس أركانه، قال متحدث باسم حركة «حماس» إنه على الرغم من أن المواجهة الأخيرة قد انتهت، فإن الصراع الأوسع سيستمر. وقال سامي أبو زهري إن «المقاومة نجحت في ردع الجيش الإسرائيلي. رسالتنا هي أن هذه الجولة انتهت، ولكن الصراع لن ينتهي حتى نستعيد حقوقنا».
وقال مصدر أمني إسرائيلي إن «حماس» و«الجهاد الإسلامي» أوقفتا إطلاق النار بمبادرة ذاتية، وهو الأمر الذي «فاجأ المسؤولين الأمنيين والعسكريين وحتى المستوى السياسي في إسرائيل». وأضاف: «إن (حماس) و(الجهاد) فهمتا أن قواعد اللعبة تغيّرت وبالتالي أوقفتا إطلاق النار وحدهما».
وأوردت القناة 13 العبرية، أمس، أن خلافات نشبت بين الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة، وقائد حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار، بشأن اتفاق وقف النار الذي تم التوصل إليه. وحسب القناة، فإن النخالة اعترض على الاتفاق وحاول تخريب المفاوضات التي كانت تجري في القاهرة، لكن «حماس» نجحت في فرض موقفها بضرورة وقف القتال، قبل أن يتوافق الجانبان على ذلك. وقالت القناة إن مواجهة حادة شهدتها الاجتماعات في القاهرة، حيث اتهم النخالة «حماس» بأنها فقدت طريق المقاومة ضد إسرائيل، وشدد على أن المقاومة هي الطريق الصحيح وليست المفاوضات التي انتهجتها السلطة الفلسطينية ولم تأتِ بنتائج للفلسطينيين.
ومعروف سلفاً أن لـ«الجهاد» موقفاً متصلباً أكثر من «حماس» بشأن التهدئة.
واتهم مسؤول إسرائيلي إيران، وهي ممول رئيسي لحركة «الجهاد الإسلامي»، بأنها كانت وراء التصعيد في غزة. وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس لمحطة «90 إف إم» الإذاعية، إن إيران التي ترزح تحت وطأة عقوبات أميركية وضربات إسرائيلية لأصولها العسكرية في سوريا ربما تؤجج العنف الفلسطيني حتى تقول لإسرائيل «سنصل إليكم عبر الجهاد (الإسلامي) وغزة».
لكن «الجهاد» نفت الاتهامات وردّت باتهام إسرائيل بتأخير تنفيذ تفاهمات سابقة توسطت فيها مصر تهدف إلى إنهاء العنف وتخفيف الحصار على غزة. وقال قيادي في «الجهاد» في غزة إن الحركة تحاول التصدي لجهود الولايات المتحدة لإحياء مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال الدكتور جميل عليان عضو القيادة السياسية للحركة، في بيان، «إن ما تقوم به المقاومة الآن هو العامل الأهم في مواجهة صفقة ترمب، لذلك من الواجب الوطني وحتى نضع مواجهة هذه الصفقة موضع التنفيذ علينا جميعاً أن نتوحد خلف قرار المقاومة بالمواجهة والتحكم بزمام الأمور».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».