خبراء وباحثون مغاربة يحذرون من مخاطر الإرهاب الدولي في المنطقة الأفرو ـ متوسطية

قالوا انها تخطت الحدود وحطت الرحال في منطقة أفريقيا الساحل وجنوب الصحراء

(ارشيفية) لهجوم ارهابي سابق في المغرب
(ارشيفية) لهجوم ارهابي سابق في المغرب
TT

خبراء وباحثون مغاربة يحذرون من مخاطر الإرهاب الدولي في المنطقة الأفرو ـ متوسطية

(ارشيفية) لهجوم ارهابي سابق في المغرب
(ارشيفية) لهجوم ارهابي سابق في المغرب

أجمع خبراء وباحثون مغاربة، أمس في الدار البيضاء، على أن المنطقة الأفرو - متوسطية بدأت تأخذ في القرن الحالي حيزا مهما ضمن اهتمامات ونقاشات المجتمع الدولي حول الوضع الأمني والسياسي في مجمل مناطق العالم، محذرين من مخاطر الإرهاب والتفكير التكفيري والمتطرف الذي بات ينتشر في دول المنطقة الأفرو - متوسطية، مضيفين أنها أصبحت بؤرة من أهم بؤر التوتر في العالم، خاصة مع تصاعد المد الإرهابي منذ أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وتغلغل تنظيم القاعدة في العديد من المناطق خاصة في أفريقيا.
وذكروا أثناء حديثهم في ندوة «المنطقة الأفرو - متوسطية: بين الرهانات الجيوستراتيجية وتحديات مواجهة الإرهاب»، أنه بعد تجربة تنظيم القاعدة في المشرق العربي انتقل امتداده إلى القارة الأفريقية بداية من السودان ووصولا إلى التهديدات الإرهابية لدول الفضاء المغاربي، خاصة أحداث 16 مايو (أيار) 2003 الإرهابية في الدار البيضاء، التي أسقطت استثنائية المغرب من الإرهاب، وجعلته ينخرط في الحرب الاستباقية ضده إلى اليوم.
وحول سياق تنظيم هذه الندوة من طرف جمعية الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش، قال الباحث وحيد مبارك لـ«الشرق الأوسط» إن الخطر الإرهابي تجاوز الحدود الجغرافية وحط الرحال في منطقة أفريقيا الساحل وجنوب الصحراء، مضيفا أنه في ظل حالة التسيب الواقعة حاليا في ليبيا التي تعرف فراغا سياسيا، أجج ذلك الصراعات القبلية على النفوذ، وأدى إلى تبعات خطيرة على منطقة الساحل، منها سهولة تهريب السلاح الليبي، والأزمة الخانقة التي يعيشها السودان والصراعات والأزمات والحروب الأهلية التي تعرفها الدول الأفريقية. وأوضح عبد الوهاب المعلمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الحسن الثاني، أنه بعد تخلي العالم عن أفريقيا لفترة معينة خاصة بعد الحرب الباردة، عادت أفريقيا لخطاب متفائل يعوض الخطاب المتشائم، وقال «أصبحنا نسمع عن نهضة أفريقية، والمؤشر الأساسي في هذا المجال هو نسبة النمو التي تقدر بسبعة في المائة، ثم لاحظنا إقبالا وتهافتا كبيرا من قبل قوى دولية بالقارة رغم المشاكل الكثيرة».
وعزا المعلمي أسباب التهافت والاهتمام بالقارة الأفريقية إلى العولمة واحتدام التنافس بين الاقتصادات الكبرى حول الأسواق والمواد الأولية الاستراتيجية، إضافة إلى دخول قوى جديدة في التنافس وهي الصين وروسيا والبرازيل والهند، كما أضاف أسبابا أخرى عدها سلبية وتشكل خطورة على المصالح الكبرى، وتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، مثل التطرف الديني والإرهاب والقرصنة البحرية في عرض سواحل أفريقيا.
وأبرز المعلمي أن طبيعة هذا التهافت الجديد تتمثل في التنافس للوصول إلى المواد الأولية (البترول، الغاز، الخشب، المنتوجات الصناعية..)، وأن هناك رد فعل قويا للغرب للعودة إلى أفريقيا، خاصة الولايات المتحدة، مشيرا إلى مواجهة أساسية بينها وبين الصين. واعتبر الوجود الغربي في أفريقيا يفسر إلى حد ما انتقال الجماعات الإرهابية المتطرفة إلى المنطقة لضرب مصالح الدول الغربية، مضيفا أن هناك تخوفا لدى الغرب من صعود القوى الجديدة في أفريقيا من السيطرة على أكبر حصة من المواد الأولية، ومن أن يتغلب ميزان القوى لصالح هذه الدول. وبخصوص هذا التنافس الجديد على المنطقة، قال المعلمي «بدأت سياسات المساعدة المشروطة والتدخل المتزايد في الدول الأفريقية والحرب على الإرهاب»، عادا ظهور الصين في المنطقة شكل بديلا وفرصة سانحة للعب على المتناقضات والعودة إلى ما كان عليه الحال أثناء الحرب الباردة للتخلص من سيطرة الغرب والحصول على تعاون متميز.
ومن جهته، تحدث الكاتب الصحافي لحسن لعسيبي، عن منطق المصالح الجديد في الفضاء المتوسطي - الأفريقي، مشيرا إلى تغير المصالح والعلاقات بين واشنطن والرباط كمثال على تغير منطق العلاقات والمصالح بيد الدول، وقال «أصبح ينظر للمغرب من الزاوية الاستراتيجية للعواصم الكبرى كجزء أفريقي متوسطي وليس ببعده المشرقي»، مضيفا أن ذلك أصبح يطرح بشكل جدي منذ بداية الربيع العربي.
ويرى لعسيبي أن التحدي المطروح ليس فقط مواجهة التطرف، بل في الدفع إلى جعل عمق الصحراء المغاربي الأفريقي نقطة ارتكاز لتحقيق تكتل مندمج بين ثقافة المصالح الجيوستراتيجية الكبرى، في كل الشمال الأفريقي، سواء في بعده الاستراتيجي مع الاتحاد الأوروبي أو الصين.
ودعا عبد العالي مستور، رئيس منتدى المواطنة، إلى تحصين وتنمية المشترك الأفريقي - المتوسطي والدولي، موضحا أن كل صيغ العلاقات المغربية مع أوروبا ليست لها مؤسسة وغير مؤطرة. ونفى مستور أن تكون هناك استراتيجيات أوروبية أفريقية مشتركة، مؤكدا أن العلاقات تظل مختلة في غياب استراتيجيات واضحة.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.