عملية تحرير طرابلس تدخل مرحلتها الثانية والجيش يتوعد الميليشيات

حفتر يتجاهل دعوة الأمم المتحدة لهدنة ويحث قواته على القتال

جانب من مظاهرة في بروكسل أمس تضامناً مع مهاجرين إريتريين عالقين في ليبيا (أ.ب)
جانب من مظاهرة في بروكسل أمس تضامناً مع مهاجرين إريتريين عالقين في ليبيا (أ.ب)
TT

عملية تحرير طرابلس تدخل مرحلتها الثانية والجيش يتوعد الميليشيات

جانب من مظاهرة في بروكسل أمس تضامناً مع مهاجرين إريتريين عالقين في ليبيا (أ.ب)
جانب من مظاهرة في بروكسل أمس تضامناً مع مهاجرين إريتريين عالقين في ليبيا (أ.ب)

تجاهل المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، دعوة من بعثة الأمم المتحدة لإبرام هدنة لوقف إطلاق النار لمدة أسبوع في العاصمة طرابلس، وحث في المقابل جنوده على القتال بشكل أقوى و«تلقين درس أكبر للميليشيات» في المدينة وحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج الذي من المقرر أن يبدأ اليوم جولة تشمل العواصم الأوروبية الرئيسية، لحشد الدعم لحكومته.
ووجه حفتر في وقت متأخر من مساء أول من أمس، رسالة إلى قواته تلاها الناطق باسمه اللواء أحمد المسماري، جدد فيها 9 تعليمات عسكرية بينها «رصد العدو جيداً وتهديد أماكن تواجده، والهجوم السريع والمنظم لإرباكه وتحقيق مبدأ المفاجأة، والمحافظة على الذخائر خصوصاً بعد تحقيق النصر، والانتباه إلى خدع العدو، وأخذ الحيطة والحذر منها»، كما دعاهم إلى «تنظيم التعاون فيما بينكم من حيث المهام والخطوط والوقت والأخذ في الاعتبار طبيعة أرض المعركة وخواصها ومدى تأثيرها على العمليات الهجومية والسرعة في التقدم».
وقال حفتر في رسالته: «يجب على القوات في حالة انسحاب العدو مطاردته باندفاع قوي، وعدم السماح له بالهروب والقضاء عليه، وعلى القوات الجوية متابعة ذلك».
وخاطب حفتر قواته قائلاً: «أيها الضباط والجنود المقاتلون في قواتنا المسلحة والقوات المساندة، أحييكم في هذه الأيام المجيدة وأشد على أيديكم وقوة عزيمتكم، لتلقنوا العدو درساً أعظم وأكبر من الدروس السابقة بقوة وثبات».
وفى أول بيان له عقب إطلاقه عملية تحرير طرابلس في الرابع من الشهر الماضي، وفيما بدا أنه بمثابة رد على دعوة المبعوث الأممي غسان سلامة أول من أمس، لهدنة مؤقتة ووقف القتال، اعتبر حفتر أن رمضان شهر جهاد ولم يكن سبباً لوقف المعارك السابقة عندما سيطرت قوات الجيش الوطني على مدينتي بنغازي ودرنة بشرق البلاد التي سقطت في حالة فوضى عقب الإطاحة بالعقيد معمر القذافي في 2011.
كما هنأ حفتر الشعب بمناسبة حلول رمضان، خصوصاً أسر وذوي الشهداء والجرحى الذين بذلوا الغالي والرخيص وقدموا أعز ما يملكون في سبيل أن يهنأ الليبيون بكرامتهم. وأثنى حفتر على «أبنائه المرابطين في ثغور القتال لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا ويزهق الباطل والإرهاب ومن على شاكلته».
وكانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا دعت أطراف القتال إلى التزام هدنة إنسانية لمدة أسبوع اعتباراً من أمس، في وقت تستمر فيه المعارك جنوب العاصمة طرابلس للشهر الثاني، حيث لا يزال الجيش الوطني يسعى لاختراق الدفاعات الجنوبية لطرابلس التي تسيطر عليها حكومة السراج المعترف بها دولياً. وكانت البعثة قد دعت أيضاً مطلع الشهر الماضي إلى هدنة مدتها ساعتان، لكنها فشلت بسبب عدم استجابة طرفي القتال.
في المقابل، أكد السراج لدى لقائه في طرابلس وفداً عن مدينة الزاوية أن ما وصفه بالعدوان الذي تشنه قوات الجيش الوطني بقيادة حفتر على العاصمة طرابلس مصيره الفشل.
واعتبر السراج، بحسب بيان وزعه مكتبه، أن دعوات وقف إطلاق النار لا بد أن تقترن بإزالة مسبباته وعودة القوات المعتدية من حيث أتت، لينطلق جميع الليبيين إلى تحقيق هدفهم بإقامة الدولة المدنية؛ دولة القانون والمؤسسات.
بدوره، أكد الوفد الذي أهدى السراج «درع ووسام الشجاعة»، أن لا حل عسكرياً للأزمة الليبية، معلناً تمسكه بالدولة المدنية، والعودة إلى المسار السياسي والحوار بين كل الأطراف.
وطبقاً لما أعلنته وزارة الخارجية في حكومة السراج، فإنه سيلتقي اليوم (الثلاثاء) على التوالي رئيس الحكومة الإيطالي جوزيبي كونتي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين، ثم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غداً (الأربعاء) في باريس، ومن المنتظر أيضاً أن يزور السراج بريطانيا خلال جولته.
وكان السراج قد تفقد مساء أول من أمس، أحد مراكز إيواء النازحين في منطقة الفرناج، والتقى عدداً منهم واطمأن على ضمان وصول ما يحتاجون إليه من متطلبات أساسية وفقاً للآلية التي اعتمدتها لجنة الطوارئ التي يترأسها، كما زار إحدى المصحات في طرابلس للاطمئنان على تلقي جرحى المعارك العناية اللازمة، بحسب بيان أصدره مكتبه.
وطبقاً للبيان، فقد اطلع السراج خلال الزيارة على إمكانات المصحة، وناقش مع الجهاز الطبي مراحل العلاج المختلفة والمتابعات الجارية للجرحى المحتاجين للنقل إلى الخارج.
ميدانياً، أعلن الجيش أنه وجه ضربات دقيقة ومباشرة إلى عدة أهداف تابعة للميليشيات المسلحة، وجدد تهديده للميليشيات بمواصلة قصفها إذا ظلت على موقفها.
وأعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني انتهاء المرحلة الأولى من خطة تحرير طرابلس، مؤكداً أن «القوات ماضية قدماً في استكمال مهمتها».
كما توعد الجيش في بيان منفصل المحرضين على قتل قواته عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وبث الأكاذيب والفبركات على المؤسسة العسكرية الشرعية، معتبراً أن التحريض على قتل القوات لا يعتبر حرية رأي.
وأضاف: «نتابع ونرصد كل هؤلاء وسنلاحقهم قانونياً بعد القضاء على الميليشيات الإرهابية والعصابات الإجرامية».
وأعلنت أمس، منظمة الصحة العالمية ارتفاع ضحايا المعارك الدائرة حول طرابلس إلى 432 قتيلاً وإصابة أكثر من ألفي شخص جنوب وحول المدينة خلال الشهر الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».