تهديدات طهران بعرقلة الملاحة تجرها إلى عقوبات دولية

تهديدات طهران بعرقلة الملاحة تجرها إلى عقوبات دولية
TT

تهديدات طهران بعرقلة الملاحة تجرها إلى عقوبات دولية

تهديدات طهران بعرقلة الملاحة تجرها إلى عقوبات دولية

شدد قانونيون دوليون على أن تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز تعدٍّ على القانون الدولي، وانتهاك لسيادة دول أخرى مشاركة في إدارة المضيق، مشيرين إلى أن تنفيذها هذا التهديد سيكون مبرراً للمنظمات الدولية ومجلس الأمن للتحرك واتخاذ قرار عسكري أو فرض عقوبات دولية.
وجاءت التهديدات الإيرانية بعد أن ألغت الولايات المتحدة الاثنين الماضي، جميع الإعفاءات على صادرات النفط الإيرانية مع التشديد على إجراءات عقابية ستتخذها اعتباراً من 2 مايو (أيار) المقبل ضد الدول التي لا تلتزم بالقرار الأميركي المعلن في 22 أبريل (نيسان)، بعدم تمديد الإعفاءات التي تتيح لبعض مستوردي النفط الإيراني مواصلة الشراء دون مواجهة عقوبات أميركية، منذ بدء المرحلة السابقة من قرار منع التصدير في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.
وأكد الدكتور صالح الطيار، المحامي ورئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي في باريس، أن إيران لم تضف بتهديداتها بإغلاق مضيق هرمز أمراً غير قانوني جديداً؛ إذ إن جميع تصرفات إيران مخالفة للقانون الدولي المنظم للسلام والأمن العالميين، سواء من حيث استعمالها أو تصنيعها أو محاولة تصنيع أسلحة الدمار الشامل، أو تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول الجوار وحلفائهم.
وفي الوقت الذي تعتقد فيه إيران أن المجتمع الدولي غير قادر على كبح جماح طموحها السياسي والعسكري، قال الطيار لـ«الشرق الأوسط»: «مضيق هرمز ممر مائي دولي وليس إقليمياً، ومعبر دولي للتجارة العالمية والمصالح الاقتصادية الدولية، وبالتالي فإن حمايته مسؤولية المجتمع الدولي، ولا يخضع لرغبة إيران»، مبيناً أن هذا التهديد يؤكد ضعف موقف إيران السياسي.
وأضاف الطيار أن «تهديد إيران بأنها ستغلق مضيق هرمز وتقطع الطريق على حاملات النفط الأجنبية ما لم يعبر النفط الإيراني من المضيق، تصريح عجيب؛ فالمجتمع الدولي لم يمنع مرور ناقلات نفطها من المضيق، لكن منع استيراده، فمن يخترق القرارات الدولية ويتعامل مع النفط الإيراني، بعد أن أعلنت واشنطن أنها ستوقف الإعفاءات والاستثناءات التي أعطتها لبعض الدول من تطبيق العقوبات الأميركية التي تفرضها واشنطن على طهران».
إلى ذلك، أوضح رئيس جمعية الحقوقيين البحرينية، الدكتور عبد الجبار الطيب، لـ«الشرق الأوسط»، أن مضيق هرمز يعدّ من ضمن المياه الدولية وترتبط به مصالح دول عدة، وبالتالي لا يمكن لإيران إغلاق هذا المضيق؛ لأن ذلك يتعارض مع الاتفاقيات الدولية للملاحة البحرية وبالاتفاقيات الدولية للقانون الدولي للبحار، كما أنه يشكل انتهاكاً يهدد الأمن والسلم الدوليين على اعتبار أنه يمس مصالح وحقوق عدد من الدول، وهو ما يتعارض مع أهداف الأمم المتحدة الواردة في ميثاق الأمم المتحدة.
ولفت الطيب إلى أن إطلاق التصريحات المعادية ضد الدول يعتبر مما يمس ضمانات الأفراد في الحياة الآمنة التي كفلها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وبالتالي يعتبر انتهاكاً دولياً، مشدداً على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد هذه التصريحات العدائية لضمان عدم قيام إيران بأفعال مادية حقيقية بإغلاق المضيق.
وشدد الطيب على أن التصريحات العدائية لإيران تخل بالأمن والسلم الدوليين، وهذا أمر مرفوض دولياً.
من جهته، ذكر المحامي وأستاذ التحكيم الدولي في الإمارات، الدكتور إبراهيم الملا، أن مضيق هرمز يقع ضمن المياه الإقليمية الدولية، وليست إيران الدولة الوحيدة المطلة عليه، ورغم ذلك إذا قامت إيران بتنفيذ تهديدها وإغلاق المضيق فإن ذلك سيهدد الأمن والسلم الدوليين، وسيكون مبرراً لدى المنظمات الدولية ومجلس الأمن للتحرك إزاء هذا التصرف.
وبيّن الملا أن تنفيذ تهديد إيران غير القانوني الذي يعتبر أمراً جنائياً دولياً سيؤثر على الملاحة التجارية الدولية وليس فقط الإقليمية، كما سيلحق الضرر بممرات مائية ومضائق أخرى ويستوجب تدخل مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات اللازمة.



عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
TT

عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات

أثار اعتقال إسرائيل لما يقارب 30 مواطناً، معظمهم يهود، للاشتباه بأنهم تجسسوا لصالح إيران ضمن تسع خلايا سرية، قلقاً داخل الدولة، ويعد أحد أكبر الجهود التي بذلتها طهران منذ عقود لاختراق خصمها الرئيس اللدود، وفقاً لأربعة مصادر أمنية إسرائيلية.

ومن بين الأهداف التي لم تتحقق للخلايا المزعومة كانت اغتيال عالم نووي إسرائيلي ومسؤولين عسكريين سابقين، وجمع معلومات عن قواعد عسكرية ودفاعات جوية، وفقاً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت).

وذكر جهاز الأمن الداخلي، الذي يعرف أيضاً باسم الشاباك، والشرطة الأسبوع الماضي أن فريقاً مكوناً من أب وابنه نقل تفاصيل عن تحركات لقوات إسرائيلية، بما في ذلك في هضبة الجولان حيث يعيشان.

ونقلت وكالة «رويترز» عن المصادر الأربعة، التي تضم مسؤولين عسكريين وأمنيين حاليين وسابقين، أن الاعتقالات جاءت بعد جهود متكررة من عملاء استخبارات إيرانيين على مدى عامين لتجنيد إسرائيليين من المواطنين العاديين لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات مقابل المال.

وطلبت المصادر عدم الكشف عن أسمائها نظراً لحساسية الأمر.

وقال شالوم بن حنان وهو مسؤول كبير سابق في الشاباك «هناك ظاهرة كبيرة هنا»، في إشارة إلى ما أسماه العدد المفاجئ من المواطنين اليهود الذين وافقوا عن علم على العمل لصالح إيران ضد الدولة من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية أو التخطيط للتخريب والهجمات.

ولم يرد الشاباك ولا الشرطة الإسرائيلية على طلبات للتعليق. كما لم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الأسئلة.

وفي بيان أرسل إلى وسائل إعلام بعد موجة الاعتقالات، لم تقدم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تأكيداً أو نفياً لسعي طهران إلى تجنيد إسرائيليين، وقالت إنه «من وجهة نظر منطقية» فإن أي جهود من هذا القبيل من جانب أجهزة الاستخبارات الإيرانية ستركز على أفراد غير إيرانيين وغير مسلمين لتقليل الشكوك.

وقالت الشرطة والشاباك إن اثنين على الأقل من المشتبه بهم ينتمون إلى مجتمع اليهود المتزمتين دينياً في إسرائيل.

موتي مامان المتهم بتجنيده من قبل إيران لتنفيذ مخطط اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير الدفاع أو رئيس جهاز الأمن العام (رويترز)

الفئات المستهدفة

وعلى النقيض من عمليات تجسس إيرانية في العقود السابقة تمت من خلال تجنيد رجل أعمال بارز ووزير سابق في الحكومة فإن معظم الجواسيس المشتبه بهم الجدد أشخاص مهمشون في المجتمع الإسرائيلي، ومن بينهم مهاجرون وصلوا حديثاً وهارب من الجيش ومدان بجرائم جنسية، وفقاً للمصادر ولسجلات قضائية وتصريحات رسمية.

وقال جهاز الشاباك إن الكثير من نشاط هؤلاء المشتبه بهم كان يقتصر على نثر شعارات معادية لنتنياهو أو للحكومة على الجدران وإلحاق الضرر بسيارات.

القلق من التوقيت

ومع ذلك فإن حجم الاعتقالات وتورط مثل هذا العدد من اليهود الإسرائيليين بالإضافة إلى المواطنين العرب تسبب في حالة من القلق في إسرائيل وسط استمرار الحرب مع حركة «حماس» المدعومة من إيران في قطاع غزة وهشاشة اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» في لبنان.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) قال الشاباك إن أنشطة التجسس الإيرانية تعد «من أخطر الأنشطة التي شهدتها دولة إسرائيل».

كما جاءت الاعتقالات في أعقاب موجة من محاولات القتل والاختطاف التي تم الربط بينها وبين طهران في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال بن حنان إن القرار غير المعتاد بتقديم تقارير علنية مفصلة عن المؤامرات المزعومة يشكل خطوة من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية لتحذير إيران وكذلك تحذير المخربين المحتملين داخل إسرائيل بأنه سيتم الوصول إليهم.

وقال «ينبغي تنبيه الجمهور. وينبغي أيضاً تقديم العبرة لمن قد يكون لديهم أيضاً نيات أو خطط للتعاون مع العدو».

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لحرق سيارات من قِبل عملاء جندتهم إيران

نجاحات إسرائيل الاستخباراتية

وحققت إسرائيل نجاحات استخباراتية كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية في حرب ظل مع خصمتها الإقليمية، بما في ذلك قتل عالم نووي كبير. وقال مسؤول عسكري إنه مع الاعتقالات الأخيرة أحبطت إسرائيل «حتى الآن» جهود طهران للرد.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية، وكيل إيران في لبنان، والإطاحة ذات الصلة بحليف طهران الرئيس السوري السابق بشار الأسد في إضعاف إيران.

أساليب التجنيد

قالت الشرطة الإسرائيلية في مقطع فيديو نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن وكالات الاستخبارات الإيرانية غالباً ما تجد مجندين محتملين على منصات التواصل الاجتماعي، محذرة من محاولات تسلل مستمرة.

وتكون جهود التجنيد مباشرة في بعض الأحيان. وتعد إحدى الرسائل المرسلة إلى مدني إسرائيلي والتي اطلعت عليها «رويترز» بتقديم مبلغ 15 ألف دولار مقابل الحصول على معلومات مع بريد إلكتروني ورقم هاتف للاتصال.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير سابق عمل في جهود إسرائيل لمكافحة التجسس حتى عام 2007، إن إيران تتصل أيضاً بشبكات المغتربين من اليهود من دول القوقاز الذين يعيشون في كندا والولايات المتحدة.

وقالت السلطات الإسرائيلية علناً إن بعض المشتبه بهم اليهود هم في الأصل من دول القوقاز.

وقال المسؤول السابق إن الأفراد المجندين يتم تكليفهم أولاً بمهام تبدو غير ضارة مقابل المال، قبل مطالبتهم تدريجياً بمعلومات استخبارية محددة عن أهداف، بما في ذلك عن أفراد وبنية تحتية عسكرية حساسة، مدعومين في ذلك بتهديد بالابتزاز.

صورة نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية لفلاديسلاف فيكتورسون وصديقته آنا بيرنشتاين بعد توقيفهما

قضية فيكتورسون

وأُلقي القبض على أحد المشتبه بهم الإسرائيليين، فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاماً)، في 14 أكتوبر مع صديقته البالغة من العمر 18 عاماً في مدينة رامات جان الإسرائيلية قرب تل أبيب. وكان قد سُجن في عام 2015 بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً وفقاً للائحة اتهام للمحكمة منذ ذلك الوقت.

وقالت إحدى معارف فيكتورسون لـ«رويترز» إنه أخبرها أنه تحدث إلى إيرانيين باستخدام تطبيق «تلغرام» للتراسل. وقالت إن فيكتورسون كذب على المتعاملين معه بشأن تجربته العسكرية. ورفض أحد معارفه الكشف عن اسمه بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقال إيجال دوتان محامي فيكتورسون لـ«رويترز» إنه يمثل المشتبه به مضيفاً أن الإجراءات القانونية ستستغرق وقتاً وأن موكله محتجز في ظروف صعبة. وأوضح دوتان أنه لا يمكنه الرد إلا على القضية الحالية، ولم يدافع عن فيكتورسون في محاكمات سابقة.

أنشطة التخريب

وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) والشرطة إن فيكتورسون كان يعلم أنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية، ويقوم بمهام تشمل الكتابة على الجدران وإخفاء أموال وتوزيع منشورات وحرق سيارات في هياركون بارك بتل أبيب والتي تلقى مقابلها أكثر من 5000 دولار. وأظهرت التحقيقات أنه وافق لاحقاً على تنفيذ اغتيال لشخصية إسرائيلية، وإلقاء قنبلة يدوية على منزل، والسعي للحصول على بنادق قنص ومسدسات وقنابل يدوية.

وقالت الأجهزة الأمنية إنه جنّد صديقته التي كُلفت بتجنيد المشردين لتصوير المظاهرات.