أنباء عن اتفاق وشيك بين الحكومة اليمنية والحوثيين.. ومجلس الأمن يتحرك

قيادي حوثي لـ {الشرق الأوسط} : لا يوجد لدينا خبراء إيرانيون

جانب من مظاهرة مؤيدة للحكومة في عدن أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة مؤيدة للحكومة في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

أنباء عن اتفاق وشيك بين الحكومة اليمنية والحوثيين.. ومجلس الأمن يتحرك

جانب من مظاهرة مؤيدة للحكومة في عدن أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة مؤيدة للحكومة في عدن أمس (أ.ف.ب)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية يمنية رفيعة أن اللجنة الرئاسية تواصل مساعيها الوساطية، مع المتمردين الحوثيين في شمال اليمن من أجل التوصل إلى صيغة اتفاق تنهي الأزمة القائمة في صنعاء، بعد أن فشلت الأسبوع الماضي في التوصل إليها، والمتمثلة في مخيمات الحوثيين ومظاهراتهم التصعيدية في ضوء دعوات من زعيمهم عبد الملك الحوثي.
وذكر مصدر في اللجنة الرئاسية المكلفة التفاوض مع الحوثيين لـ«الشرق الأوسط»، أن اللجنة «عاودت اتصالاتها مع الحوثيين في ضوء المفاوضات التي أجراها المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر، مع كل الأطراف، خاصة الحوثيين بشأن الأزمة الراهنة»، وأنه سيجري التوصل في أقرب وقت لاتفاق ينهي الأزمة، وتوقع المصدر أن يجرى توقيع الاتفاق غدا (السبت)، لكن مصادر سياسية يمنية شككت في إمكانية التوصل إلى اتفاق إذا ما أصدر مجلس الأمن الدولي قرارات تتعلق بفرض عقوبات على جماعة الحوثي المتمردة اليوم.
ويعرض بنعمر تقريرا عن تطورات الوضع في اليمن أمام أعضاء مجلس الأمن اليوم، في ضوء زيارته الأخيرة إلى صنعاء، التي أجريت خلالها مشاورات مع معظم الأطراف على الساحة اليمنية. ومن المتوقع أن تتقدم بعض الدول الغربية بمشروع قرار إلى مجلس الأمن يتضمن عقوبات ضد جماعة الحوثي بوصفها جماعة مسلحة تمارس العنف، وتحاول فرض أجندتها السياسية بالقوة المسلحة، إضافة إلى استعراض تقرير لجنة العقوبات في المجلس، التي زارت اليمن أخيرا، والتي أعدت قائمة بأسماء الجهات والأشخاص المتهمين بعرقلة التسوية السياسية التي تجري في اليمن في ضوء المبادرة الخليجية التي في ضوئها تنحى الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن الحكم.
ويواصل الحوثيون نصب الخيام والمظاهرات التصعيدية في العاصمة صنعاء للمطالبة بالإطاحة بحكومة الوفاق الوطني، التي جرى تشكيلها في ضوء التسوية السياسية التي جاءت في ضوء المبادرة الخليجية. ويصعد الحوثيون ويتوعدون بتنفيذ المرحلة التي سميت «الثالثة» في وقت قريب إذا لم تجر الاستجابة لمطالبهم التي يعدونها مطالب الشعب اليمني.
ويرى علي البخيتي، أحد القيادات الحوثية الشبابية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بشأن التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة، أنه «لو وجدت نية حقيقية من السلطة، فإن المسافة قريبة والمسألة بسيطة، ولا تحتاج إلى كل هذا العناء»، وقال: «نتمنى ألا يصل الجميع إلى الدخول في مقامرة».
وحول الخطوات التصعيدية التي أعلن زعيم الحوثيين عنها، في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، قال البخيتي إنه لن يجرى الإعلان عنها الآن، وإنها ستعرف في حينها عبر اللجان الميدانية تفاديا لأي إجراءات حكومية مضادة لها، مؤكدا أن «هذه الخطوات ستكون سلمية وشرعية، وهي مطالب مطروحة من قبل معظم أبناء الشعب اليمني، وقد انضم كثير من الأحزاب إلى مثل هذه المطالب، مثل: المؤتمر الشعبي العام، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الناصري، وحزب البعث، وبالتالي أصبح هناك ما يمكن أن نسميه (اصطفافا وطنيا) من أجل هذه المطالب».
وحول ما طرحه الرئيس عبد ربه منصور هادي حول تعامل الحوثيين مع إيران، ووجود عناصر من الحرس الثوري يعملون مستشارين للحوثي، قال علي البخيتي إنهم «غير معنيين بالرد على التسريبات التي تخرج عن مواقع غير مؤكدة.. نحن معنيون بالرد عما يصدر من الرئيس والحكومة، وما ينشر في وكالة الأنباء الرسمية».
وبشأن ما يطرح حول وجود خبراء عسكريين إيرانيين في اليمن، يقول البخيتي: «بالنسبة للمناطق التي نحن موجودون فيها، لا يوجد أي خبراء إيرانيين، ولسنا بحاجة إلى مثل هؤلاء الخبراء، والشعب اليمني، صغيره وكبيره، متمرس على مثل هذه المعارك، وباعتقادي أن هذه دعايات مستمرة منذ أكثر من 10 سنوات عندما انفجرت حروب صعدة، ولو كان هناك إيرانيون قتلوا في المعارك، لكان النظام اليمني عرضهم على كل وسائل الإعلام، ولا يعقل أن تظل إيران تتدخل بالشكل الذي يجري ادعاؤه، ولم يجر الإمساك بأي إيراني».



اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
TT

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)

تتوالى التأثيرات السلبية على الاقتصاد اليمني، إذ يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة المحلية وتحسين مستوى معيشة السكان.

وتشهد العملة المحلية (الريال اليمني) انهياراً غير مسبوق بعد أن وصل سعر الدولار الواحد خلال الأيام الأخيرة إلى 1890 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في حين لا تزال أسعار العملات الأجنبية ثابتة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقرار انقلابي، كما يقول خبراء الاقتصاد الذين يصفون تلك الأسعار بالوهمية.

الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

وتتواصل معاناة اليمنيين في مختلف المناطق من أزمات معيشية متتالية؛ حيث ترتفع أسعار المواد الأساسية، وتهدد التطورات العسكرية والسياسية، وآخرها الضربات الإسرائيلية لميناء الحديدة، بالمزيد من تفاقم الأوضاع، في حين يتم التعويل على أن يؤدي خفض التصعيد الاقتصادي، الذي جرى الاتفاق حوله أخيراً، إلى التخفيف من تلك المعاناة وتحسين المعيشة.

ويعدّد يوسف المقطري، الأكاديمي والباحث في اقتصاد الحرب، أربعة أسباب أدت إلى اندلاع الحرب في اليمن من منظور اقتصادي، وهي ضعف مستوى دخل الفرد، وضعف هيكل نمو دخل الفرد، وهشاشة الدولة وعدم احتكارها العنف، وعندما تفقد الدولة القدرة على الردع، تبدأ الأطراف المسلحة بالصعود للحصول على الموارد الاقتصادية.

ويوضح المقطري لـ«الشرق الأوسط» أنه عندما لا يتم تداول السلطة من جميع القوى الاجتماعية والسياسية في البلد، تنشأ جهات انقلابية ومتمردة للحصول على السلطة والثروة والحماية، وإذا غابت الدولة المؤسساتية الواضحة، ينشأ الصراع على السلطة والثروة، والحرب تنشأ عادة في الدول الفقيرة.

طلاب يمنيون يتلقون التعليم في مدرسة دمرتها الحرب (البنك الدولي)

ويضيف أن اقتصاد الحرب يتمثل باستمرار الاقتصاد بوسائل بديلة لوسائل الدولة، وهو اقتصاد يتم باستخدام العنف في تسيير الاقتصاد وتعبئة الموارد وتخصيصها لصالح المجهود الحربي الذي يعني غياب التوزيع الذي تستمر الدولة في الحفاظ على استمراريته، بينما يعتاش المتمردون على إيقافه.

إمكانات بلا استقرار

أجمع باحثون اقتصاديون يمنيون في ندوة انعقدت أخيراً على أن استمرار الصراع وعدم التوصل إلى اتفاق سلام أو تحييد المؤسسات والأنشطة الاقتصادية سيجر الاقتصاد إلى مآلات خطيرة على معيشة السكان واستقرار البلاد.

وفي الندوة التي عقدها المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية، عدّت الباحثة الاقتصادية رائدة الذبحاني اليمن بلداً يتمتع بالكثير من الإمكانات والمقدرات الاقتصادية التي تتمثل بالثروات النفطية والغاز والمعادن الثمينة والأحياء البحرية والزراعة وموقعها الاستراتيجي على ممرات طرق الملاحة الدولية، غير أن إمكانية حدوث الاستقرار مرهون بعوامل عدة، على رأسها الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.

وترى الذبحاني ضرورة تكثيف الاستثمارات الاقتصادية وتشجيع القطاع الخاص بالدعم والتسهيلات لتشجيعه على الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة، مشددة على مشاركة المرأة في السياسات الاقتصادية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعدم إهدار طاقاتها الفاعلة في صنع القرار وإيجاد الحلول المبتكرة، وزيادة أعداد القوى العاملة، إذ يمكن أن تضيف المرأة ما نسبته 26 في المائة من الإنتاج المحلي.

سوق شعبية قديمة وبوابة أثرية في مدينة تعز اليمنية المحاصرة من الحوثيين طوال سنوات الحرب (رويترز)

وفي جانب الإصلاح المصرفي يشترط الباحث رشيد الآنسي إعادة هيكلة البنك المركزي ودعم إدارة السياسة النقدية، وتطوير أنظمة المدفوعات وأنظمة البنك المركزي والربط الشبكي بين البنوك باستثمارات بنكية وتحديث القوانين واللوائح والتعليمات المصرفية، وفقاً لمتطلبات المرحلة، وتقليص أعداد منشآت وشركات الصرافة وتشجيع تحويلها إلى بنوك عبر دمجها.

وركز الآنسي، في ورقته حول إعادة ھندسة البیئة المصرفیة الیمنیة بوصفها ركيزة حیویة لبناء اقتصاد حديث، على ضرورة إلزام شركات الصرافة بإيداع كامل أموال المودعين لديها والحوالات غير المطالب بها كوسيلة للتحكم بالعرض النقدي، ورفع الحد الأدنى من رأسمال البنوك إلى مستويات عالية بما لا يقل عن 100 مليون دولار، وعلى فترات قصيرة لتشجيع وإجبار البنوك على الدمج.

كما دعا إلى إلزام البنوك بتخصيص جزء من أسهمها للاكتتاب العام وإنشاء سوق أوراق مالية خاصة لبيع وشراء أسهم البنوك والحوكمة الحقيقية لها.

انكماش شامل

توقّع البنك الدولي، أواخر الشهر الماضي، انكماش إجمالي الناتج المحلي في اليمن بنسبة واحد في المائة خلال العام الحالي 2024، بعد أن شهد انكماشاً بنسبة 2 في المائة في العام الماضي، ونمواً متواضعاً بواقع 1.5 في المائة في العام الذي يسبقه.

يمنيون ينقلون المياه على ظهور الحمير إذ أدى الصراع إلى تدهور سبل المعيشة (أ.ف.ب)

وبيّن البنك أنه في الفترة ما بين عامي 2015 و2023، شهد اليمن انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ما يترك أغلب اليمنيين في دائرة الفقر، بينما يؤثر انعدام الأمن الغذائي على نصف السكان.

ويذهب الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي إلى أن السياسة والفعل السياسي لم يخدما الاقتصاد اليمني أو يعملا على تحييده لتجنيب السكان الكوارث الإنسانية، بل بالعكس من ذلك، سعى الحوثيون إلى ترسيخ نظام اقتصادي قائم على الاختلال في توزيع الثروة وتركزها بيد قلة من قياداتهم، مقابل تجويع القاعدة العريضة من المجتمع.

وأشار المساجدي، في مداخلته خلال الندوة، إلى أن هناك ملفات أخرى تؤكد استغلال الحوثيين الملف الاقتصادي لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، كإنشاء منافذ جمركية مستحدثة، ووقف استيراد الغاز من المناطق المحررة، وإجبار التجار على استيراد بضائعهم عبر ميناء الحديدة، وغير ذلك الكثير.

منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

وتحدث الباحث الاقتصادي فارس النجار حول القطاع الخدمي الذي يعاني بسبب الحرب وآثارها، مشيراً إلى تضرر شبكة الطرق والنقل، وتراجع إجمالي المسافة التي تنبسط عليها من أكثر من 70 ألف كيلومتر قبل الانقلاب، إلى أقل من 40 ألف كيلومتر حالياً، بعد تعرض الكثير منها للإغلاق والتخريب، وتحولها إلى مواقع عسكرية.

وتعرض النجار إلى ما أصاب قطاع النقل من أضرار كبيرة بفعل الحرب، تضاعفت أخيراً بسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما ألحق أضراراً بالغة بمعيشة السكان، في حين وضعت الجماعة الحوثية يدها، عبر ما يعرف بالحارس القضائي، على شركات الاتصالات، لتتسبب في تراجع أعداد مستخدمي الهواتف المحمولة من 14 مليوناً إلى 8 ملايين، بحسب إحصائيات البنك الدولي.