معابر غزة.. في انتظار تطبيق «اتفاق وقف إطلاق النار»

مدير دائرة المعابر لـ {الشرق الأوسط}: لم يحدث أي تنسيق معنا حتى الآن حول آليات عمل جديدة

فلسطيني ينزل بضائع من شاحنة في معبر رفح أمس (رويترز)
فلسطيني ينزل بضائع من شاحنة في معبر رفح أمس (رويترز)
TT

معابر غزة.. في انتظار تطبيق «اتفاق وقف إطلاق النار»

فلسطيني ينزل بضائع من شاحنة في معبر رفح أمس (رويترز)
فلسطيني ينزل بضائع من شاحنة في معبر رفح أمس (رويترز)

ما زالت الأوضاع على المعابر التي تربط قطاع غزة بمصر وإسرائيل كما كانت عليه قبيل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مع إقرار الجانب الفلسطيني بوجود تحسن طفيف على عمل معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد للقطاع، رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار ينص على فتح المعابر بشكل فوري بما يتيح حرية حركة الأفراد وإدخال البضائع التي يحتاج إليها قطاع غزة.
ونفى مسؤولون في غزة والضفة الغربية ممن يشرفون على عمل المعابر باسم السلطة الفلسطينية أن يكون طرأ أي تغير ملحوظ حتى الآن وفقا لما نشر إعلاميا بشأن مباشرة فتح المعابر فور وقف إطلاق النار.
ويربط قطاع غزة بإسرائيل 3 معابر هي بيت حانون - إيرز شمال قطاع غزة، والمنطار - كارني شرق مدينة غزة، وكرم أبو سالم - كيرم شالوم، شرق مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، في حين أن المعبر الرابع يربط القطاع بمصر، وهو معبر رفح البري المخصص للأفراد فقط، وكانت تطالب حركة حماس في سنوات الحصار على القطاع بإتاحة الفرصة لتوسيعه وإدخال البضائع إلى غزة عبره، وهو ما كانت ترفضه مصر. وقال مدير دائرة المعابر نظمي مهنا لـ«الشرق الأوسط»، إن الأوضاع جيدة في معبر كرم أبو سالم وإن جميع ما يطلب منهم عبر التنسيق مع الجهات المختصة في غزة يجري توفيره للقطاع عدا مواد البناء التي ترفض إسرائيل حتى الآن إدخالها، مشيرا إلى أن العمل في المعبر يسير بشكل جيد جدا ودون أي عوائق تذكر حتى هذه اللحظة.
ولفت إلى أنه لم يجر التنسيق معهم حتى الآن بشأن آلية العمل الجديدة التي تضمنها اتفاق وقف إطلاق النار، مبينا أنه لا يوجد أي جديد بشأن فتح أي معابر أخرى مثل معبر المنطار - كارني الذي كانت إسرائيل أغلقته بشكل كامل، كما لا يوجد أي جديد بالنسبة لحركة الأشخاص عبر معبر بيت حانون (إيرز) وتنقل المواطنين عبره من غزة إلى الضفة وبالعكس.
وأشار إلى أنهم لم يبلغوا حتى الآن بالسماح بإدخال مواد البناء أو أي من المواد الخام التي تستخدم في غزة من قبل التجار في الصناعات المختلفة.
وتحدثت مصادر فلسطينية متطابقة عن وجود اتفاق على إدخال مواد البناء والمواد الخام التي منعت إسرائيل إدخالها منذ أن فرضت الحصار على قطاع غزة قبل ثماني سنوات قبل أن تسمح بإدخال مواد البناء فقط مجددا منذ عام ونصف لعدة أسابيع وتمنع إدخاله مجددا بزعم أن حماس تستخدمه في بناء الأنفاق وتكتفي بإدخاله للمشاريع الدولية.
وذكرت القناة الإسرائيلية الثانية، مساء الأربعاء، أن وفدا ثلاثيا سيضم ممثلين عن إسرائيل والأمم المتحدة وحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني سيشرفون على عمل المعابر الرابطة بين إسرائيل وغزة.
ووفقا للقناة، فإن منسق نشاطات الحكومة في المناطق الجنرال يؤاف مردخاي، وممثل الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري، وممثلا عن حكومة التوافق الوطني الفلسطيني سيراقبون ويشرفون على عمل المعابر وإدخال المواد اللازمة لغزة، بما فيها مواد البناء.
وحسب القناة، فإنه سيجري إدخال جميع احتياجات سكان قطاع غزة، بما فيها مواد البناء التي سيجري إدخالها مع وجود ضمان بعدم تحولها لحماس واستخدامها في بناء الأنفاق، وأنها سيتوقف إدخالها في حال انتهك الاتفاق.
وأشارت حينها إلى أن مردخاي عقد اجتماعا لمدة ساعتين مع سيري ناقشا خلاله آلية العمل الجديدة في المعابر وإدخال الأموال عبر السلطة الفلسطينية إلى غزة.
وتحدثت مصادر مقربة من الوفد الفلسطيني المفاوض بأن اتفاق وقف إطلاق النار يشمل آليات جديدة للعمل على كل المعابر، إلا أنها لم تتبين بعد تلك الآليات، وهذا ما تشهده المعابر على القطاع حتى الآن. وحسب المصادر، فإنه تم الاتفاق على أن يجري تحسين العمل على معبر رفح لحين أن تتسلمه قوات حرس الرئاسة التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال مدير دائرة المعابر في غزة، ماهر أبو صبحة، إنه لا يوجد أي تحسن على عمل المعابر خلال اليومين الماضيين، مشيرا في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لا يوجد حتى اللحظة أي اتصالات مع الجانب المصري أو غيره لفهم الآليات التي ستتبع فيها طريقة العمل داخل المعبر وفقا لما قيل عنه إنه من ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.
ولفت إلى أنه لا توجد أي اتصالات مع حكومة التوافق أو الرئاسة الفلسطينية حتى الآن بشأن الوضع المستقبلي للمعبر.
وأوضح أبو صبحة أن أعداد المسافرين من الحالات الإنسانية ما زالت كما هي بمعدل 300 شخص يوميا ويجري إرجاع البعض منهم بحجج أمنية، مشيرا إلى أنه لم يجر حتى الآن إدخال أي من قوافل المساعدات التي في العادة تتسلمها مؤسسات وجهات معينة يجري التنسيق بينها وبين الجهة المرسلة لتلك المساعدات.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.