المعارضة الجزائرية تطالب بكشف ملفات الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة

أعضاء في «التجمع الوطني» يتظاهرون مجدداً ضد أويحيى ويطالبونه بالرحيل

جانب من مظاهرات العاصمة الجزائرية المطالبة بمحاكمة {رؤوس الفساد} (رويترز)
جانب من مظاهرات العاصمة الجزائرية المطالبة بمحاكمة {رؤوس الفساد} (رويترز)
TT

المعارضة الجزائرية تطالب بكشف ملفات الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة

جانب من مظاهرات العاصمة الجزائرية المطالبة بمحاكمة {رؤوس الفساد} (رويترز)
جانب من مظاهرات العاصمة الجزائرية المطالبة بمحاكمة {رؤوس الفساد} (رويترز)

بعد المسيرات الحاشدة التي عرفتها مدن الجزائر، أول من أمس، تجددت المطالب بضرورة الإسراع في كشف ملفات الفساد، وملاحقة المسؤولين الفاسدين وتقديمهم للعدالة، وفي هذا السياق، جددت «قوى التغيير لنصرة خيار الشعب»، دعواتها بضرورة استقلالية القضاء الجزائري في معالجة ملفات الفساد، مشددة على احترام مبدأ النزاهة والمساواة، والاستمرار في فتح ملفات الفساد، ودعت إلى «اتخاذ إجراءات احترازية استعجالية لوضع اليد على ما تبقى من الأموال المنهوبة والمختلسة من أجل حماية الثورة الشعبية». ودعا تكتل المعارضة في بيانه الصادر، أوّل من أمس، عقب اجتماعه، النيابة العامة إلى إعلام الرأي العام حول المتابعات القضائية في ملفات الفساد، وفقا لما يقتضيه القانون، كما شدّد المجتمعون على التزام المؤسسات المصرفية والمالية «برصد كل المعاملات المالية والعقارية، التي تتم في هذه الظروف الاستثنائية والتصدي لها»، حسب تقرير نشرته صحيفة «الجمهورية» المحلية.
من جهة أخرى، بارك تكتل المعارضة الدعوة للحوار المعبر عنها في بيان مؤسسة الجيش، داعيا إلى تشكيل لجنة لتنظيم لقاء وطني لقوى التغيير، يكون مفتوحا على كافة فعاليات المجتمع، باستثناء الذين كانوا سببا في الأزمة الحالية.
في سياق ذلك، أشاد، علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريات، بعمل القضاء وتحركه لوقف الفساد، ومحاسبة جميع المتورطين، الذين ثبت ضلوعهم فيه، داعيا للنزاهة والشفافية في المحاسبة. في حين، شدّد، المحامي مصطفى بوشاشي، على «ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على المال العام، والتحفظ على أموال الأشخاص، الذين تكون هناك شبهة كبيرة تحوم حولهم».
من جانبه، اعتبر الوزير الأول السابق أحمد بن بيتور التحقيقات القضائية الجارية حاليا لمكافحة الفساد والرشوة، «عوامل ضرورية في المرحلة الحالية»، داعيا إلى انتهاج سياسة تقشف لبناء اقتصاد وطني قوي.
وقال بن بيتور في معرض رده على سؤال حول المتابعات القضائية، التي طالت عددا من رجال الأعمال الجزائريين، إن «توقيفهم ومواجهة الرشوة ضروري لبناء اقتصاد وطني قوي»، مضيفا أنه «لا يمكن تطوير الاقتصاد بدون محاربة الفساد... ويجب على السلطة القضائية أن تفرض على رجال الأعمال الذين يثبت تورطهم في تهريب الأموال إلى الخارج، استرجاعها شخصيا».
وبخصوص مدى تأثير الحراك الشعبي على الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية على المدى القريب، أكد بن بيتور، بصفته خبيرا اقتصاديا، أن المخاوف من «سوء التسيير» و«ليس من الحراك، الذي يُنتظر منه أن يفتح الآفاق واسعة لبناء اقتصاد وطني»، رغم أن المؤشرات «لا تبعث على التفاؤل»، حسب تعبيره. ووصف وزير الحكومة السابق الوضع الاقتصادي بـ«الصعب»، وقال إنه يتطلب «الإقدام على إجراء تغيير كل النظام، والدخول في مرحلة انتقالية بحكومة كفاءات، ذات مستوى عال في التسيير للخروج إلى بر الأمان»، مبرزا أنه «لا يمكن الاعتماد على فريق حكومي كان سببا في الفشل».
وبعد أن اعتبر أن الظروف الموضوعية «غير متوفرة لتنظيم انتخابات رئاسية يوم الرابع من يوليو (تموز) القادم»، وصف تطبيق المادة 102 من الدستور لوحدها، بمثابة «رئاسيات بدون عهدة خامسة للرئيس السابق». ودعا في هذا السياق إلى حل سياسي دستوري من خلال «ضرورة تطبيق المادتين 7 و8 من الدستور، وتنظيم مرحلة انتقالية بمرافقة وضمان مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، يتم من خلالها التحضير الجيد لانتخابات رئاسية». أما بخصوص المؤسسة العسكرية، فقال أحمد بن بيتور إنها مطالبة بـ«مرافقة المرحلة الانتقالية، وهي لا تعمل على تزكية مرشح على آخر»، حسب تقرير لصحيفة «المساء» المحلية نشر أمس. من جهة ثانية، نظم أعضاء ومناضلو التجمع الوطني الديمقراطي «الأرندي» للأسبوع الثاني، أمس، وقفة احتجاجية أمام مقر الحزب، ضد الأمين العام أحمد أويحيى، لمطالبته بالرحيل. وشارك عدد كبير من أعضاء المكتب الولائي للعاصمة، بقيادة الناطق الرسمي باسم الحزب السابق شهاب الصديق، إلى جانب مناضلين من مختلف الولايات، مرددين شعارات مناهضة لأويحيى، وتطالبه بالرحيل والمحاسبة، حسب صحيفة الخبر المحلية. على صعيد غير متصل، دفن عباسي مدني، الزعيم التاريخي للجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية، أمس في مقبرة العالية، الواقعة في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية على مقربة من المطار. وأكد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية أن «عباسي مدني سيدفن اليوم (أمس) السبت» وذكر مصدر مقرب من العائلة لوكالة فرنس برس أن الجثمان سينقل إلى منزله في حي بكور، بوسط العاصمة الجزائرية، قبل دفنه.
وكان الهاشمي سحنوني، أحد مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ، أكد أن الدفن «سيتم إما في مقبرة سيدي امحمد غير البعيدة عن مسكن عباسي مدني أو في مقبرة العالية»، قبل أن يؤكد المصدر الأمني المواكب للتحضيرات للجنازة، أن عباسي سيدفن في العالية القريبة من مطار الجزائر.
وتوفي عباسي مدني الأربعاء عن عمر ناهز 88 سنة في الدوحة، حيث كان يقيم في المنفى منذ 2003. وكان مدني من دعاة تأسيس دولة إسلامية في الجزائر، ودعا إلى الكفاح المسلح بعد أن أبطل الجيش الجزائري في 1992 نتيجة الانتخابات التعددية الأولى في البلاد، التي فازت بها آنذاك الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وتمّ حل الحزب وسجن قادته.
الى ذلك، قالت الرئاسة الجزائرية في بيان لها، أمس، إن رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، عيّن اليوم (أمس)، نور الدين عيادي، أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية خلفاً لحبة العقبي.
وكان بن صالح قد أنهى مهام عدد من المسؤولين في الأيام الماضية، أبرزهم عبد المؤمن ولد قدور، الرئيس التنفيذي لشركة المحروقات «سوناطراك» المملوكة للدولة، وفاروق باحميد، المدير العام لجهاز الجمارك.
من جهة أخرى، كشف التلفزيون الجزائري الرسمي، عن إنهاء مهام حميد ملزي، كرئيس مدير عام للمؤسسة العمومية للاستثمارات الفندقية، بعدما تم إنهاء مهامه الأسبوع الماضي كمدير عام لإقامة الدولة «الساحل»، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».