السلطات المغربية تلجأ للقوة لفض اعتصام أساتذة التعاقد

الحكومة اشترطت وقف الإضراب لاستئناف الحوار

TT

السلطات المغربية تلجأ للقوة لفض اعتصام أساتذة التعاقد

منعت السلطات المغربية بالقوة الليلة قبل الماضية اعتصاما لأساتذة التعاقد كانوا يعتزمون المبيت فيه أمام مبنى البرلمان في الرباط، وذلك في إطار الاحتجاجات التي يخوضونها ضد الحكومة ووزارة التربية والتعليم من أجل إسقاط نظام التعاقد، والمطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية.
وكما كان متوقعا، تدخل الأمن المغربي لمنع الأساتذة المتظاهرين من المبيت في الشارع العام، بعد تحذيرات وجهها لهم مسؤول أمني أمرهم فيها بالانصراف، قبل اللجوء للقوة لفض الاعتصام؛ حيث استخدمت السلطات خراطيم المياه والهراوات لتفريق الأساتذة المتعاقدين، الأمر الذي أدى إلى حدوث عدة إصابات متفاوتة في صفوفهم.
وعاينت «الشرق الأوسط» تفاصيل الليلة الطويلة التي عاشتها شوارع الرباط، بعدما استمرت مطاردة رجال الأمن لآلاف الأساتذة المتعاقدين في شوارع المدينة، حتى الساعات الأولى من صباح أمس، في عملية كر وفر مشابهة لما حدث في ليلة 23 مارس (آذار) الماضي.
وأعلنت تنسيقية الأساتذة المتعاقدين أن التدخل الأمني أسفر عن إصابة أزيد من 40 شخصا، واتهمت رجال الأمن باستخدام «القوة المفرطة» في تفريق الاعتصام السلمي.. ما أدى إلى نقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وأعلنت التنسيقية أيضا في صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» عن إصابة منسق الدار البيضاء، ربيع الكرعي خلال التدخل الأمني بكسر في عموده الفقري، قبل أن تتراجع وتنفي ذلك في وقت لاحق، وتؤكد إصابته ببعض الرضوض والكدمات فقط.
وسبق ذلك تنظيم مسيرة حاشدة لأساتذة التعاقد بالشموع، جابت الشوارع الرئيسية للرباط، ردد فيها المتظاهرون الغاضبون شعارات مناوئة للحكومة، ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، الذي حملوه مسؤولية تدهور أوضاع المدرسة العمومية، واستمرار إضرابهم المفتوح بعد إلغاء حوار الثلاثاء الماضي، الذي كان يتوقع أن يتوصل فيه إلى حل لملفهم.
في غضون ذلك، أعلنت التنسيقية تمديد الإضراب إلى غاية يوم الأحد، مع التأكيد على أنه قابل للتمديد. بالإضافة إلى استمرار الإنزال الوطني للأساتذة المتعاقدين، الذي تنفذه في الرباط منذ الإثنين إلى اليوم الجمعة، كما دعت إلى تنظيم مسيرة احتجاجية جديدة، مساء أمس، كان مرتقبا أن تجوب شوارع المدينة الرئيسية.
في سياق ذلك نفى مصدر أمني الأخبار، التي تداولتها بعض المواقع المحلية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن وفاة أحد الأساتذة المتعاقدين خلال عمليات إخلاء الشارع العام، وفض الاعتصام الليلي في ساعات متأخرة من الليلة قبل الماضية.
وأضاف المصدر الأمني في تصريح مكتوب، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «الصورة التي تداولتها صفحات على فيسبوك لشخص تم تقديمه على أنه أستاذ متعاقد تعرض لإصابات قاتلة، إنما تتعلق في حقيقتها بسقوط عرضي لشخص يبلغ من العمر 62 سنة، تعرض لحادث تلقائي بشارع الكفاح بالقرب من المحطة الطرقية، وتم نقله إلى المستشفى الجامعي ابن سينا، دون أن تكون له أي علاقة بالتجمهر، باستثناء علاقة الأبوة التي تجمعه بأستاذة متعاقدة».
واعتبر ذات المصدر أن الترويج لمثل هذه الأخبار «الزائفة والمضللة من طرف حسابات وصفحات وهمية، يمس بالأمن والنظام العام، ويدخل في خانة الإشاعات، التي تروم تأجيج الاحتقان»، مبرزا أن تدخل مصالح الأمن «اقتصر على تغليب المقاربة الوقائية عبر الركون لشاحنات ضخ المياه، وذلك عندما أصر المتجمهرون على رفض فض الاعتصام الليلي، وعدم التجاوب مع الإنذارات القانونية، الصادرة عن ممثلي القوات العمومية».
ولفت المصدر الأمني ذاته إلى أن «حالات الإصابات المفترضة في صفوف المتعاقدين، التي تم نقلها إلى المستشفى، تمثلت جميعها في حالات للتظاهر بالإغماء، وقد غادرت المؤسسة الاستشفائية»، مؤكدا في المقابل تسجيل إصابات في صفوف رجال الأمن، وقال إنها طالت «رائد شرطة، وعددا من عناصر القوة العمومية»، حسب تعبيره.
من جانبها، أعلنت الحكومة المغربية، أمس، أن استئناف الحوار مع الأساتذة المتعاقدين رهين بوقفهم الإضراب والعودة إلى الأقسام الدراسية؛ إذ قال مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إنه تقرر تأمين الحصص المقررة للتلاميذ في مختلف المؤسسات التعليمية، ولا سيما في القرى، بدءاً من الأسبوع المقبل لضمان حقهم في التدريس وطمأنة الأسر.
وعزا الخلفي تعليق الحوار مع الأساتذة المتعاقدين، الذي كان مقرراً الثلاثاء الماضي، إلى أن عدداً منهم لم يلتزموا بشرط استئناف الدراسة، كما جرى الاتفاق على ذلك، مشدداً على أن «الحكومة ليست في صدام مع الأساتذة».
ورداً على سؤال بشأن المواجهات التي جرت بين الأساتذة المضربين وقوات الأمن اللية قبل الماضية، قال الخلفي إن قوات الأمن لم تتدخل عندما نظّم الأساتذة المتعاقدون المظاهرات طوال الأيام الماضية، ولم يتقرر التدخل إلا عندما قرر المضربون الاعتصام في الشارع. مشيراً إلى أن «حق التظاهر مكفول بالقانون، وعمل المتدخلين مؤطر أيضاً بالقانون».
وفي موضوع منفصل يتعلق بالاتفاق المرتقب بين الحكومة والنقابات العمالية، قال الخلفي إن نتائج الاتفاق الذي سيتضمن «أخباراً سارة» سيعلن عن تفاصيله من طرف رئيس الحكومة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.