سُلطت الأضواء على بلدة تمير السعودية بعد العملية التي باشرتها الجهات الأمنية، يوم الاثنين الماضي، ونتج عنها القبض على ثمانية مواطنين ممن يقومون بالتغرير بصغار السن للانضمام للجماعات المتطرفة في الخارج.
وكسرت هذه الحادثة، التي استهجنها السكان، الواقع الذي كانت عليه «تمير» قبل عشرات العقود عندما لبى أهاليها نداء الملك المؤسس وانضموا إليه وشاركوه فتوحات توحيد البلاد، ونتج عنها هذا الكيان الكبير «المملكة العربية السعودية».
وأمام تذمر الأهالي من هؤلاء المحرضين، أعادت العملية الأمنية والقبض على ثمانية من قاطني المنطقة، واقع المحافظة قبل سنوات قليلة، حيث عُرفت البلدة بطيبة أهلها وحبهم لوطنهم وقيادتهم، وما زالوا، واشتهارهم بالكرم، والترحاب بالقادمين إليها من الراغبين في زيارة متنزهاتها وبراريها، ورياضها الخصبة، والتخييم في وديانها وسهولها الخصبة، خصوصا في مواسم الربيع، بل إن الأهالي رفضوا قبل أكثر من أربعة عقود افتتاح مركز للشرطة أو مركز لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورأوا أن بلدتهم لا تحتاج إلى مثل هذين المركزين؛ لقناعتهم الشديدة بأن السكان قادرون على إدارة بلدتهم وحل مشاكلهم بأنفسهم مع أميرهم، بعيدا عن محاضر الشرطة والمحاكم ومراكز الحسبة.
وتعد تمير إحدى المستوطنات البشرية الموغلة في القدم، حيث كانت مورد ماء لعدي والتيم من بني تميم، وبعد بعثة النبي الكريم دخل كثير من القبائل في الإسلام وشاركت في الفتوحات الإسلامية، واستقرت قبائل كثيرة حول مواردها، ومن تلك القبائل قبائل التيم، حيث استقرت في تمير، وعلى أثر ذلك تحولت تمير من مورد ماء إلى قرية، وبعد إنشاء مدينة الكوفة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ازدادت أهمية تمير، فكان هناك طريق يصل بين مدينة حجر باليمامة «الرياض حاليا» ومدينة الكوفة، وكانت تمير ضمن القرى التي يمر بها الطريق.
وذكر حسن بن عبد الله الأصفهاني «تمير» بقوله «إن أردت ورد تمر وتمير وردتهما، وهما ماءان لعدي والتيم، عليهما نخيل ومياه بين أجبال، ويرى أحدهما من الآخر، وبين تلك الأجبال خبروات من السدر».
كما أورد ذكرها كل من: الحسن بن أحمد الهمداني في كتابه «صفة جزيرة العرب»، وياقوت الحموي في كتابه «معجم البلدان»، والحسن بن محمد الصاغاني في كتابه «التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية»، ومحمد بن يعقوب الفيروز أبادي في كتابه «القاموس المحيط».
وعندما أتم الملك عبد العزيز فتح الرياض وأراد فتح منطقة سدير بعد عامين، أرسل وفدا إلى بعض بلدانها، حيث أرسل وفدا إلى أهل تمير الذين استقبلوه بالترحاب وأكرموه ودعاهم للانضمام إلى الملك عبد العزيز فأجابوه ومكث عندهم أياما ثم ساروا مع الملك عبد العزيز وشاركوه في الفتوحات.
وتمت مراسلات ومكاتبات بين الملك المؤسس وأهالي تمير، منها رسالة من الملك للأهالي بشأن جعل روضة الخشم وفيضة روضة القصر وجو الشعب القريبات من تمير، لصالح أعمال توحيد البلاد، لكي تكون مراعي للإبل والخيل، وطلب من أهل تمير عدم المعارضة في ذلك، فقد كانت المنطقة موقعا متميزا لانطلاقة هذه الفتوحات، ولذلك سمي أحد الطرق التي تمر بها الخيول المعدة في معارك التوحيد باسم «دريبات الخيل»، ولا يزال هذا الاسم باقيا إلى الآن.
واشتهرت تمير بوجود جبل أسمر يسمى جبل «خزه»، وهو أول ما يراه الزائر عند دخوله البلدة من الجهة الجنوبية، ولا يقل ارتفاعها عن 800 متر عن سطح البحر.
وتعاقب على إمارة تمير منذ أكثر من مائتي عام إلى اليوم، عدد من الأمراء، هم: «كديان بن مانع، مشل المفرج، حمد بن إبراهيم المفرج، إبراهيم بن مناع المناع، فايز بن هديب العشري، علي بن فايز الهديب، علي بن عيسى، إبراهيم بن حمد العثمان، عبد الله بن فايز الهديب، ناصر بن حمد الزيد المناع، أحمد بن فايز الهديب، محمد المشل المفرج، ناصر بن محمد الثنيان، برجس عثمان العثيمين، فهد بن ناصر السحيم، ناصر بن عبد الله الغنيم، مقحم بن براك السليس، إبراهيم المنيع.. وهو حاليا رئيس مركز تمير».
وكان المتحدث الأمني لوزارة الداخلية صرح يوم أول من أمس (الثلاثاء) بأنه «إنفاذا للأمر الكريم رقم 16820 وتاريخ 5-5-1435هـ القاضي باعتماد قائمة التيارات والجماعات - وما في حكمها - الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخليا أو إقليميا أو دوليا، ومعاقبة كل من ينتمي إليها أو يؤيدها أو يتبنى فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك، أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة، فقد باشرت الجهات الأمنية، يوم الاثنين الموافق 29-10-1435هـ، عملية أمنية بمحافظة تمير نتج عنها حتى الآن القبض على ثمانية مواطنين ممن يقومون بالتغرير بحدثاء الأسنان للانضمام للمجموعات المتطرفة في الخارج، خاصة بعد تذمر عدد من ولاة الأمور من هؤلاء المحرضين، وتثبت الجهات الأمنية من قيامهم بذلك، وستطبق بحقهم الإجراءات النظامية، وما زال الموضوع محل المتابعة الأمنية».
8:9 دقيقه
بلدة تمير السعودية.. من مدينة بلا شرطة إلى رفض المحرضين
https://aawsat.com/home/article/169296
بلدة تمير السعودية.. من مدينة بلا شرطة إلى رفض المحرضين
سكانها ساندوا الملك عبد العزيز في فتوحات التأسيس
- الرياض: بدر الخريف
- الرياض: بدر الخريف
بلدة تمير السعودية.. من مدينة بلا شرطة إلى رفض المحرضين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة



