القاهرة تستضيف قمتين أفريقيتين حول الأوضاع في السودان وليبيا

السيسي يجدد دعم مصر الكامل للخرطوم ... ورئيس الاتحاد الأفريقي يدعو السودانيين إلى وضع مصالح بلادهم فوق أي اعتبار

TT

القاهرة تستضيف قمتين أفريقيتين حول الأوضاع في السودان وليبيا

تستضيف العاصمة المصرية القاهرة اليوم (الثلاثاء)، قمتين أفريقيتين لمناقشة الأوضاع في السودان وليبيا.
وقالت الرئاسة المصرية، أمس، إنه من المقرر أن يستضيف الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، قمة تشاورية للشركاء الإقليميين للسودان، بمشاركة الرئيس التشادي إدريس ديبي، ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلة، والرئيس الرواندي بول كاجامي، والرئيس ساسو نيجسو رئيس الكونغو، والرئيس الصومالي عبد الله فرماجو، والرئيس سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا، فضلاً عن موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ودميكي ماكونين نائب رئيس الوزراء الإثيوبي، وتوت جالواك مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية، ومبعوثين عن رؤساء كل من أوغندا (سام كوتيسا، وزير الخارجية)، وكينيا (مونيكا جوما، وزيرة الخارجية)، ونيجيريا (مصطفى لوال سليمان، وكيل وزارة الخارجية).
وأوضح السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة، أن القمة تستهدف مناقشة تطورات الأوضاع في السودان، وتعزيز العمل المشترك والتباحث حول أنسب السُّبل للتعامل مع المستجدات الراهنة على الساحة السودانية، وكيفية المساهمة في دعم الاستقرار والسلام هناك. وتشهد القمة تمثيل عدد من المنظمات الإقليمية المنخرطة في الشأن السوداني، حيث تشارك الكونغو، الرئيس الحالي للمؤتمر الدولي للبحيرات العظمى، وكذلك إثيوبيا، الرئيس الحالي لتجمع «الإيغاد»، فضلاً عن «ترويكا الاتحاد الأفريقي» التي تضم الرئيس السابق والحالي والقادم للاتحاد: رواندا ومصر وجنوب أفريقيا، ودول جوار السودان.
كما يستضيف السيسي اجتماع «قمة الترويكا» ورئاسة لجنة ليبيا بالاتحاد الأفريقي بمشاركة رؤساء: رواندا وجنوب أفريقيا عضوي «ترويكا الاتحاد الأفريقي»، ورئيس جمهورية الكونغو بصفته رئيساً للجنة المعنية بليبيا في الاتحاد الأفريقي، فضلاً عن رئيس المفوضية الأفريقية. لمناقشة آخر التطورات على الساحة الليبية، وسُبل احتواء الأزمة الحالية وإحياء العملية السياسية في ليبيا والقضاء على الإرهاب.
من جهته، حث الاتحاد الأفريقي السودانيين وأصحاب المصلحة من السياسيين على وضع مصالح البلاد فوق أي اعتبار، داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام بالاتفاق على انتقال سلمي للسلطة بقيادة مدنية متفق عليها، لتمهيد الطريق إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة تمثل نقطة للتحول الديمقراطي.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي، في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» قبيل انطلاق القمة الأفريقية في القاهرة اليوم، إنه أجرى مشاورات مكثفة خلال زيارته الخرطوم اليومين الماضيين مع المجلس العسكري وقادة الأحزاب والشخصيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى جانب ممثلي المجتمع الدولي والبعثات الدبلوماسية الأفريقية والاتحاد الأوروبي وبعثة الأمم المتحدة في السودان، مؤكداً تضامن الاتحاد الأفريقي مع الشعب السوداني ودعمه من أجل أن ينعم بالتحول الديمقراطي والحكم الرشيد، وشدد على ضرورة أن يعمل جميع أصحاب المصلحة من السودانيين بمسؤولية ووضع مصالح بلادهم فوق أي اعتبار في هذا المنعطف الخاص.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، الفريق أول أبو بكر دمبلاب، رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، بحضور السيد عباس كامل رئيس المخابرات العامة المصرية. وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن أبو بكر سلم الرئيس المصري رسالة من الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، تضمنت الإحاطة بشأن آخر تطورات سير الأوضاع في السودان، وتطلعه لـ«استمرار الدور المصري الداعم لأمن واستقرار السودان لتجاوز هذه المرحلة»، في ظل الروابط الأزلية التي تجمع شعبي وادي النيل، إلى جانب الدور المصري المحوري في القارة، في إطار قيادتها الحالية لدفة العمل الأفريقي المشترك من خلال رئاسة الاتحاد الأفريقي.
وأوضح المتحدث أن الرئيس السيسي نقل للمبعوث السوداني تحياته إلى رئيس المجلس العسكري الانتقالي، وأعرب عن تقديره للجهود التي يبذلها المجلس في التعامل مع الأوضاع الراهنة بالبلاد، مؤكداً استعداد مصر الكامل وغير المشروط لتقديم سبل الدعم كافة للسودان الشقيق لتحقيق استحقاقات هذه المرحلة، بما فيه صالح الشعب السوداني، وبما يضمن مساندة إرادته وخياراته في صياغة مستقبل بلاده، والحفاظ على مؤسسات الدولة.
من جهة أخرى، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله وزراء الشباب والرياضة العرب، في القاهرة، أمس، إلى صياغة خطة عمل تدريجية لتفعيل «الاستراتيجية العربية لاستثمار طاقات الشباب ومكافحة التطرف الفكري». وطُرحت استراتيجية عربية شبابية لمكافحة التطرف الفكري والإرهاب، خلال ملتقى إقليمي عُقد بمدينة أسوان المصرية، في فبراير (شباط) الماضي، بهدف استثمار طاقات الشباب في مختلف المجالات لتحصين عقولهم ضد الفكر المتطرف.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن الرئيس السيسي التقى وزراء الشباب العرب، على هامش انعقاد الدورة (42) لمجلسهم بالقاهرة، ونوه إلى أهمية استمرار العمل على تعظيم دور وزارات الشباب والرياضة في توجيه طاقات الشباب وتكريس مفاهيم الوحدة الوطنية، ودعم القيم الأخلاقية وتنمية روح الولاء للوطن والحفاظ على الممتلكات العامة، فضلاً عن النهوض بالشباب رياضياً واجتماعياً وثقافياً وإبراز دورهم في أداء واجباتهم، وكذلك توعية الشباب بالتحديات التي يفرضها انتشار التكنولوجيا البازغة في العصر الحالي، وتأثيرها على فرص العمل خلال المستقبل المنظور.
وأكد الرئيس المصري أن كتلة الشباب تشكل الشريحة الكبرى من المجتمعات العربية، ومن ثمّ تمثل طاقة إيجابية هائلة إذا ما أُحسن استخدامها، مشدداً على أهمية صياغة خطة عمل طموحة وتدريجية بهدف تفعيل «الاستراتيجية العربية لاستثمار طاقات الشباب ومكافحة التطرف الفكري»، في إطار أولوية الحفاظ على الدول في المنطقة العربية وتفادي الإضرار الاستراتيجي والعبث بالمؤسسات الوطنية المهمة لتثبيت أركان الدولة، عن طريق تعظيم الإمكانات والقدرات المشتركة في الوطن العربي لمكافحة الأفكار والآيديولوجيات المتطرفة، والعمل على الحد من ظاهرة استقطاب الشباب في مسارات تهدد مقدرات وكيان الدول من خلال توعيتهم بالمتطلبات الاقتصادية لتلبية حاجات الشعوب، وكذلك الخسائر الجسيمة التي تعود على الدول نتيجة تفشي الفوضى وعدم الاستقرار.
وأوضح المتحدث أن اللقاء شهد حواراً مفتوحاً وتبادلاً للرؤى حول التجارب العربية المختلفة في العمل الشبابي، وكيفية الاستفادة منها في صياغة نسيج شبابي عربي متكامل، والتحصين الفكري ضد الآيديولوجيات الدخيلة، وإيجاد أرضية حقيقية من الكوادر المجتمعية الشبابية في الوطن العربي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».