سيكون هذا هو نهائي دوري أبطال أوروبا الثامن على التوالي الذي لا يظهر فيه المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، لكن ربما لا ينبغي أن يشعر كثيرون بالدهشة بسبب ذلك، لأن هذه بطولة قوية يخرج منها الفريق المغلوب في الأدوار الإقصائية، فضلاً عن أنها تشهد الكثير من المفاجآت، ولا يمكن لأي شخص أن يضمن مكانه في المباراة النهائية، حتى في عصر الأندية الكبرى التي تنفق أموالاً طائلة على تدعيم صفوفها.
لكن بالنظر إلى أن غوارديولا قد فاز بسبعة ألقاب للدوري المحلي في المواسم التسعة التي عمل خلالها مديراً فنياً - وربما يرتفع هذا العدد إلى عشرة ألقاب الشهر المقبل في حال فوزه بالدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم - وقاد ثلاثة أندية من أقوى الأندية في العالم، فإن البعض يرى أن المدير الفني الإسباني قد فشل في تحقيق النجاح المتوقع في بطولة دوري أبطال أوروبا.
وبالتالي، فإن السؤال المطروح الآن هو: ما الأسباب التي جعلت غوارديولا يفشل في الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا منذ فوزه بها مع برشلونة الإسباني عامي 2009 و2011؟.
في الحقيقة، يجب التأكيد على أنه لا يوجد مدير فني يعمل بجد أكثر من غوارديولا، الذي يعرف عنه اهتمامه بأدق التفاصيل والنظر في كافة الإحصائيات والأرقام المتعلقة بعمله وبفريقه. ورغم عبقرية غوارديولا التي لا يختلف عليها أحد، فإنه قد يجد صعوبة في فهم حالة الفوضى التي حدثت على ملعب «الاتحاد» في لقاء الإياب بنصف النهائي أمام توتنهام الأربعاء الماضي. ويمكن لغوارديولا أن يشير إلى الطريقة التي مارس بها لاعبو توتنهام هوتسبر الضغط على لاعبيه بالشكل الذي تسبب في الأخطاء التي أدت إلى الهدفين المبكرين للمنافس عن طريق اللاعب الكوري الجنوبي سون هيونغ مين. ويمكنه أيضاً أن يشير إلى أن هذا الأمر قد أدى إلى ظهور مساحات شاسعة خلف ظهيري الجنب لنادي توتنهام هوتسبر، وهو الأمر الذي استغله مانشستر سيتي في إحراز أول ثلاثة أهداف. ويمكن لغوارديولا أيضاً أن يشير إلى أن إصابة موسي سيسوكو وعدم وجود بدائل أمام المدير الفني لتوتنهام هوتسبر، ماوريسيو بوكيتينو، قد ساهم في تحويل دفة المباراة مع نهاية الشوط الأول.
لكن لم تكن هذه هي الأسباب التي تحكمت في النتيجة النهائية للمباراة، التي حُسمت بالهدف الذي أحرزه فيرناندو ليورنتي، والذي ربما لم يكن ليشارك في المباراة لولا خروج سيسوكو للإصابة، ولولا غياب هاري كين أيضاً بسبب الإصابة التي لحقت به الأسبوع الماضي. لقد اصطدمت الكرة في فخذ ليورنتي، ولجأ حكم المباراة لتقنية حكم الفيديو المساعد لرؤية ما إذا كانت الكرة قد لمست يده أم لا، ليقرر في النهاية احتساب الهدف.
وربما احتسب الحكم هذا الهدف بموجب القانون الحالي الذي ينص على أنه لا يجب احتساب الكرة لمسة يد إذا لم تكن متعمدة، لكن الأمر سيتغير في يونيو (حزيران) المقبل عندما يتم تغيير القانون ليتم احتساب خطأ بمجرد لمس الكرة لليد، بغض النظر عما إذا كان ذلك متعمداً أم لا.
وبعد ذلك، جاء الهدف الذي أحرزه النجم الإنجليزي رحيم سترلينغ في الدقيقة 93 من عمر اللقاء والذي ألغي بعد العودة لتقنية حكم الفيديو المساعد أيضاً. وقد كان غوارديولا صريحاً للغاية عندما اعترف بأن سيرجيو أغويرو كان متسللاً عندما صنع الهدف، لكن التسلل كان بفارق ضئيل للغاية. وكان من الصعب للغاية ألا يتذكر المرء ما حدث في مباراة مانشستر سيتي أمام ليفربول في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، عندما ألغى حكم المباراة هدفاً لسيتي بداعي التسلل سجله ليروي ساني (أثبتت الإعادة صحته لكن لم يكن هناك حكم الفيديو)، وهو الهدف الذي كان من الممكن أن يجعل النتيجة النهائية هي الخسارة بثلاثة أهداف مقابل هدفين مما يمنح سيتي أفضلية. ولو كانت تقنية حكم الفيديو المساعد مطبقة آنذاك، كان سيتم احتساب الهدف، ومن كان يدري كيف سيكون رد ليفربول في شوط المباراة الثاني؟.
من المعقول أيضاً أن نتساءل عن الفرق بين الهدف الذي احتسب لليورنتي وبين الهدف الذي سجله برشلونة في مرمى إنتر ميلان الإيطالي في الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا عام 2010 والذي ألغى بدعوى أن الكرة لمست يد لاعب برشلونة آنذاك يايا توريه، وهو الهدف الذي كان من شأنه أن يمنح برشلونة بطاقة التأهل للمباراة النهائية في حال احتسابه.
لقد خرج غوارديولا من دوري أبطال أوروبا في ثماني مناسبات كمدير فني، وكانت ثلاثة منها بسبب قاعدة احتساب الهدف خارج ملعب الفريق بهدفين، كما أهدر لاعبوه ركلات جزاء في ثلاث مناسبات. وفي ثلاث مناسبات أخرى، سحقت فرقه الفرق الأخرى في مباراة العودة، لكنها ودعت البطولة بفارق الأهداف. وعلاوة على ذلك، كان هناك الكثير من العوامل والأحداث الأخرى التي وقفت ضده، مثل ثورة البركان الآيسلندي الذي أجبر فريقه برشلونة على السفر إلى ميلان بالحافلة في عام 2010. والخلل الدفاعي الواضح الذي سمح لتيموي باكايوكو بتسجيل هدف التأهل لموناكو في عام 2017.
وربما لن يكون من الغريب أن يرى البعض أن هناك «عُقدة» لغوارديولا في دوري أبطال أوروبا. فقد كان المدير الفني الإسباني، قبل كل شيء، من جيل مشجعي برشلونة الذين نشأوا ولديهم شعور بأن هذه البطولة يهيمن عليها الغريم التقليدي ريال مدريد. كما كان غوارديولا صبياً يبلغ من العمر 15 عاماً يجمع الكرات من خلف المرمى في المباراة التي شهدت العودة المذهلة للعملاق الكتالوني أمام غوتنبرغ السويدي في الدور نصف النهائي للبطولة عام 1986. قبل أن يرى فريقه يخسر المباراة النهائية بركلات الجزاء أمام ستيوا بوخارست الروماني، رغم أن المباراة أقيمت في إشبيلية ولم يتم السماح بحضور أكثر من 200 مشجع فقط من رومانيا.
ومن المؤكد أن كل هذه الأمور تسبب توتراً هائلاً. وعلاوة على ذلك، هناك اتهام لغوارديولا بأنه يفكر في النواحي الهجومية بشكل مبالغ فيه على حساب النواحي الدفاعية، وبأنه لم يتوصل بعد إلى النتيجة التي خلص إليها المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون والتي تتمثل في أنه في المباريات الكبرى وأمام أعظم المهاجمين فإنه يكون من الأفضل أن تتاح لك خمس فرص وأن تمنع خصمك من أن يحصل على 20 فرصة وأن تسمح له بثلاث فرص فقط، بمعنى أنه يجب الاهتمام بالنواحي الدفاعية بشكل أكبر في المواجهات الكبرى.
لكن بعيداً عن هذه النظرية، هناك شعور بأنه في المباريات الهامة، وعلى الأقل منذ مباراة نصف النهائي أمام تشيلسي عام 2009. فإن غوارديولا يواجه سوء حظ غريب، على عكس مدير فني مثل زين الدين زيدان الذي فاز فريقه ريال مدريد في مباريات هامة الموسم الماضي بعد أخطاء كارثية من لاعبي الفرق المنافسة مثل حارس بايرن ميونيخ زفن أولرايش أو حارس ليفربول لوريس كاريوس. ويرى كثيرون أن غوارديولا قد فشل في دوري أبطال أوروبا رغم أنه يتولى قيادة أندية تنفق أموالاً طائلة على تدعيم صفوفها، وبغض النظر عن شرعية تلك الاتهامات، فمن المؤكد أنها قد تؤثر الآن على غوارديولا.
هل فشل غوارديولا في دوري أبطال أوروبا؟
لم ينل اللقب منذ 2011 والحظ عانده في آخر 8 مواسم بسبب قاعدة فارق الأهداف أو ركلات الترجيح
هل فشل غوارديولا في دوري أبطال أوروبا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة