سودانيون عائدون بعد سنوات في المنفى: «اشتقنا لتراب البلد»

معارضون يروون قصص عودتهم بعد عزل البشير

متظاهر في الخرطوم يلوح بعلم البلاد (أ.ف.ب)
متظاهر في الخرطوم يلوح بعلم البلاد (أ.ف.ب)
TT

سودانيون عائدون بعد سنوات في المنفى: «اشتقنا لتراب البلد»

متظاهر في الخرطوم يلوح بعلم البلاد (أ.ف.ب)
متظاهر في الخرطوم يلوح بعلم البلاد (أ.ف.ب)

بعد 10 سنوات من النفي والتشريد، قضاها علي محمود حسنين (معارض سوداني - 80 عاماً) متنقلاً بين العواصم الأوروبية، إثر منعه من دخول البلاد، من جانب الرئيس السوداني السابق عمر البشير؛ عاد «حسنين» إلى الخرطوم، الأسبوع الماضي، بذاكرة تحمل سنوات الشتات والنضال ضد نظام البشير.
قال حسنين، وهو مؤسس «الجبهة الوطنية العريضة»، وهو كيان سياسي نشطت أدواره في معارضة البشير من الخارج، بعد وصوله الخرطوم، لـ«الشرق الأوسط»: «ستكون العودة الأخيرة إلى الوطن؛ لن أخرج منه مرة أخرى».
عقب وصول طائرته القادمة من العاصمة البريطانية إلى مطار الخرطوم، كان أول ما فعله حسنين هو تقبيل الأرض؛ التي غُيب عنها قسرياً عقداً من الزمن، قبل أن ينتقل بعد ذلك لساحة الاعتصام، الواقعة أمام قيادة الجيش السوداني، برفقة حشد من أنصاره، كانوا في استقباله، من أجل تحية المحتجين على صمودهم أمام «نظام إرهابي دموي عميل للذي يدفع»، على حد وصفه.
يصف حسنين مشاعر قدومه الأول: «دخلت السودان كفاتح منتصر، كُنت أشتاق للبلد، أموت شوقاً للخرطوم ولأهلي الغائب عنهم».
توقع المعارض السوداني الإطاحة بنظام البشير، بثورة شعبية، في ظل اشتداد الأزمات الاقتصادية، واتساع دائرة القمع السياسي، ويوضح: «كُنت فاعلاً ومُحرضاً ومنتظراً للثورة انتظاراً».
في عام 2009، سجلت ذاكرة حسنين، آنذاك، أول رحلة شتات له من بلده، إثر تلقيه تهديدات بالقتل من جانب نظام «البشير»؛ بعدما نشطت أدواره في معارضة سياسات النظام آنذاك، وتأييده لمُحاكمة البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية؛ ليصدر بحقه قراراً بسجنه 3 سنوات كاملة داخل زنزانة انفرادية، مع منع الزيارات عنه.
مضت حياة المعارض، قبل هذا الخروج، متأرجحة بين الاستقرار بعض الوقت، والتضييق المُستمر على عمله، بدأت بعزله من منصبه قاضياً، وانتهت بتهديده بالقتل؛ لينتقل عقب خروجه من السجن إلى مصر، عبر الحدود البرية، مستفيداً من سهولة السفر بين البلدين، آنذاك، ببطاقة الهوية فقط، ودون الحاجة إلى تأشيرة سفر مسبقة، كمحطة انتقالية للعاصمة البريطانية؛ التي صارت موطناً بديلاً له يتابع منها أحوال بلاده.
لم تغب قضية السودان عن حسنين، وهو من أوائل خريجي كُلية القانون جامعة الخرطوم، على مدار سنوات بقائه في المنفى، إذ أسس كياناً معارضاً يضم آلاف السودانيين الموجودين في الخارج، وتنقل بين العواصم الأوروبية، والبرلمانات الدولية، للدفاع عن قضية بلاده.
ويرسم المعارض العائد صورة لمستقبل بلاده كما يأمل أن يراها: «أحلم أن تُصبح السودان دولة عظمى، ويحكمُنا نظام مدني مستقر. ثبت أننا شعب قوي، والمرأة السودانية من أقوى نساء الدنيا، لنا مياه كافية، وأرض خصبة، وثروات طبيعية تجعلنا في مصاف الدول المتقدمة».
يسكت برهة، ثم يعود بصوت متَهدج من الغضب: «هؤلاء المجرمون الذين حكمونا، جعلونا شعباً يتسول، لا يجد البترول، رغيف الخبز... لا يجد أي شيء».
يُكمل: «نظام البشير تاجر بالدين من أجل تحقيق مكاسب شخصية له»، ويتساءل: «كيف ارتضينا أفعال البشير لثلاثة عقود، من نهب للبترول، وسرقة أموال شعبه، وقتل لكل معارض له؟»
ويغيب أي إحصاء رسمي لعدد السودانيين المنفيين في الخارج لأسباب سياسية، بينما تُشير إحصائية صادرة في أغسطس (آب) العام قبل الماضي، عن جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج، وهو مؤسسة حكومية، أن العدد الإجمالي للمهاجرين السودانيين في الخارج يصل لنحو 5 ملايين مواطن.

دموع العودة

و«حسنين» ليس استثناء من بين آلاف السودانيين، ممن عادوا لبلادهم عقب الإطاحة بالبشير من الحُكم، ورفع حظر السفر عن جميع المعارضين السياسيين، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في أنحاء البلاد. إذ انتقل عادل التيجاني (45 عاماً) هو الآخر، من منفاه الاختياري بباريس، إلى الخرطوم، قبل أيام معدودة، لزيارة عائلته، والانضمام للمحتجين بعد 5 سنوات قضاها في الخارج.
غلبت عادل الدموع في اللحظات الأولى لوصوله مطار الخرطوم، بعدما غادرها مضطراً إثر ملاحقات قضائية له بسبب كتاباته المنتقدة لسياسات النظام الحاكم، ويقول: «هو التجلي الحقيقي للانتصار في الحياة؛ عشنا خيبات كثيرة جعلتنا مهزومين، أطاحت بأحلامنا؛ وحان وقت الاستفاقة».
خرج التيجاني من بلاده بشكل شرعي، عبر مطار الخرطوم، تفادياً للتضييق المستمر على رزقه، بعدما نشطت أدواره في أحزاب سياسية معارضة، لينتقل مع عائلته إلى العاصمة الفرنسية، باحثاً عن وطن بديل، يعيش فيه في مأمن من عواقب السلطة «غير المأمونة» التي ظلت تطارده في منفاه الاختياري.
وسبق للسفارة السودانية في باريس بعث رسائل تحذير للتيجاني وغيره من السودانيين المُقيمين في المدن الفرنسية، من مزاولة أي نشاط سياسي مناهض لنظام الحُكم أو حضور مؤتمرات دولية تندد بجرائمه في حرب دارفور، حسب التيجاني، الذي يوضح أن الوقت قد حان للتخلص من كل آثار حُكم البشير «الدموي»، وتحديداً «الخوف» الذي زرعه داخل كُل سوداني، سواء أكان مُقيماً داخل البلاد أم خارجها.
وكان الزعيم السوداني المعارض الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة القومي، أول القادمين لبلاده، في ذروة الاحتجاجات التي شهدتها بلاده، في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، بعد قضائه نحو عام في المنفى، متنقلاً خلالها بين مصر وبريطانيا، بعدما اتهمه النظام الحاكم بالتآمر للإطاحة بالبشير بعد لقاء في باريس للمعارض السوداني مع أحد زعماء المتمردين.
وارتفعت أعداد السودانيين المنتقلين خارج بلادهم، لأسباب سياسية، خلال الأيام الأولى للاحتجاجات الشعبية، التي اندلعت في ديسمبر (كانون الأول)، وبلغت ذروتها في 11 أبريل (نيسان) الحالي، تفادياً لحملات الاعتقال الواسعة التي نفذتها قوات الأمن تجاه كل معارض.

الفرار من البطش

من بين هؤلاء الفارين من بطش النظام الأمني السوداني في الشهور الأخيرة «التقيّ عثمان الدين» البالغ من العمر 47 عاماً، الذي يعمل مديراً لتحرير صحيفة «البعث» السودانية، وهي مطبوعة ورقية معارضة؛ إذ انتقل في 17 مارس (آذار) إلى مصر عبر الحدود البرية، بعدما أدرجت السلطات اسمه في قضية تتهمه فيها «بالإخلال بالسلامة العامة، ومحاولة تقويض النظام الدستوري».
وتعود وقائع تلك القضية إلى شهر ديسمبر، حين شارك «التقيّ» في مسيرة احتجاجية نظمها «تجمع المهنيين السودانيين» إلى القصر الجمهوري، للمُطالبة بتنحية النظام الحاكم؛ لتعتقله قوات الأمن، ويظل مُحتجزاً ليوم كامل، قبل أن يتم ترحيله رفقة آخرين لأقسام الشرطة التي أخلت سبيلهم، على ذمة قضية بدأت أولى جلساتها في 31 مارس؛ قبل أن يتم إغلاقها من جانب المجلس العسكري السوداني، ضمن سلسلة قرارات شملت إلغاء جميع الأحكام القضائية الصادر بحق المحتجين، عقب سقوط البشير.
ومنع جهاز الأمن والاستخبارات صحيفة «البعث»، التي يعمل فيها «التقي» من الصدور للمرة التاسعة، في فبراير (شباط) الماضي، فيما صدر بيان عن الهيئة التحريرية للصحيفة أكد فيه أن الصحيفة لن «تحيد عن خطها التحريري المهني، أو تتجاهل خروج المظاهرات وسقوط الشهداء».
يقول «التقي» من مقر إقامته في العاصمة المصرية لـ«الشرق الأوسط»: «سأعود إلى البلاد الأسابيع المُقبلة». لكنه يستدرك: «أخشى أن تكون هناك خدعة ما للإيقاع بجميع معارضي النظام؛ خصوصاً أن نظام البشير ما زال يحكم إلى الآن».



تشديد سعودي على إنهاء التوتر وعودة الاستقرار في شرق اليمن

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
TT

تشديد سعودي على إنهاء التوتر وعودة الاستقرار في شرق اليمن

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

شدّدت السعودية على ضرورة إنهاء التوتر في شرق اليمن، بعد التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة.

وقال اللواء محمد القحطاني، الذي كان على رأس وفد سعودي، زار حضرموت، إن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحلّ الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها في شرق اليمن. وأكّد اللواء القحطاني «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدّد القحطاني التأكيد على موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مجموعة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي». وأوضح أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع.


تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، أكد رئيس الوفد السعودي الزائر لحضرموت اللواء محمد القحطاني، أن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن الوفد السعودي وصل إلى مديريات الوادي والصحراء، بعد استكمال اجتماعاته في مدينة المكلا ومديريات الساحل، حيث كان في استقباله محافظ حضرموت سالم الخنبشي، وعدد من وكلاء المحافظة، ووجهاء وأعيان ومشايخ وادي وصحراء حضرموت.

وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، رحب المحافظ الخنبشي بالوفد السعودي، وقال،«إن الزيارة جاءت لتضيف دعامة لأواصر الأخوة والقربى والجوار والعقيدة التي تجمع اليمن بالمملكة»، معولاً على هذه الزيارة في دعم حضرموت وسلطتها المحلية للتخفيف من معاناة المواطنين في المجالات الخدمية والاقتصادية والأمنية.

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

وفي كلمة له أمام جمع كبير من مشايخ وأعيان ووجهاء وقيادات مديريات الوادي والصحراء، أكد رئيس الوفد السعودي، اللواء الدكتور القحطاني، «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدد المسؤول السعودي، استمرار موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

وأكد القحطاني، رفض أي محاولات تعيق مسار التهدئة، وقال: «إن حضرموت ركيزة وأولوية أساسية للاستقرار وليست ساحة أو ميداناً للصراع، وإن حضرموت لديها كوادر مؤهلة من أبنائها لإدارة شؤونها ومواردها، ويجب أن تُدار عبر مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة بالحكومة والسلطة المحلية».

مصفوفة متكاملة

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني، أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي».

وأكد القحطاني، أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وأشار، إلى أن السعودية «تربطها علاقات أخوية تاريخية مع اليمن بأكمله، وأن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها؛ فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني، وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن السعودية، والإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن».

حشد في عدن من أنصار «المجلس الانتقالي» المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وأعلن القحطاني، أنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية، وحلف قبائل حضرموت، «إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة، وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيداً عن الصراع، من خلال خروج القوات المسيطرة الموجودة حالياً في بترومسيلة، على أن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة بما يضمن تطبيع الحياة».

دعوة أممية

وعلى وقع التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة في الأيام الماضية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى الرياض والتقى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات لدى اليمن محمد الزعابي، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.

وحسب بيان لمكتب المبعوث، ركّزت الاجتماعات على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعدّ منطقة حيوية سياسياً واقتصادياً.

وفي حين شدد المبعوث الأممي، على ضرورة «ممارسة جميع الأطراف الفاعلة ضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»، أكّد على ضرورة الحفاظ على «مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية؛ دعماً للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».

وخلال لقاءاته، جدد غروندبرغ، التزامه بمواصلة العمل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لدعم خفض التصعيد، وتعزيز آفاق التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للنزاع في اليمن.

في السياق نفسه، ذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجدد له دعم الحكومة اليمنية الكامل للجهود الأممية، مؤكّداً استعداد الحكومة للتعاون مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بما يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز الأمن والاستقرار».

وتناول اللقاء - بسب المصادر الرسمية - التطورات المرتبطة بالاجتماع الخاص بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث شدّد الوزير الزنداني، على «أهمية إحراز تقدم ملموس في هذا الملف الإنساني، وضرورة الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، بما يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين دون استثناء».

توالي البيانات الدولية

وبعد بيانات أميركية وبريطانية وفرنسية وألمانية تدعو إلى التهدئة، وتعزيز الاستقرار في اليمن، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، «دعمها لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية في الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وثمنت البعثة في تغريدة على منصة «إكس»،«الإيجاز الشامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حول التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مشددة على ضرورة «تسوية الخلافات السياسية بالوسائل السياسية من خلال الحوار».

ورحبت البعثة، بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد من خلال الوساطة، مجددة وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني، «ومشاركة تطلعاته في الحرية والأمن والازدهار».

وكان العليمي، عقد اجتماعاً في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية من تطورات وصفها بأنها «تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية».

وأكد العليمي، أن «أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية بصفتها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد».

كما جدد التأكيد، على أن «موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة، بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة».


غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».