الليبيون «يتجاهلون» الحرب لإنجاح الانتخابات البلدية

TT

الليبيون «يتجاهلون» الحرب لإنجاح الانتخابات البلدية

وسط إشادة المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، أجريت انتخابات المجالس البلدية، أمس، في سبع مدن بالجنوب الغربي للبلاد، على الرغم من المعاناة الإنسانية التي سببتها المعارك العسكرية المحتدمة في العاصمة طرابلس بين «الجيش الوطني»، وقوات موالية لحكومة «الوفاق» المعترف بها دولياً.
وفتح 59 مركز اقتراع أبوابه منذ التاسعة صباحاً وحتى السادسة مساءً لاستقبال نحو 138.61 ناخباً في سياق المشاركة في العملية الانتخابية لمجالس بلديات الرحيبات، والقرضة الشاطئ، وبراك الشاطئ، وإداري الشاطئ، وأوباري وزليتن والشويرف.
وقالت اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية في تغريدة، عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس، إن «عملية الاقتراع استمرت على مدار اليوم دون عقبات أو أزمات، وسط إقبال ملحوظ من المواطنين».
وكانت الانتخابات البلدية في ليبيا قد بدأت في تسع بلديات بغرب البلاد، مع نهاية مارس (آذار) الماضي، في استحقاق هو الأول منذ خمس سنوات، وبلغت نسبة المشاركة أكثر من 40 في المائة، تحت إشراف المجلس الرئاسي بحكومة «الوفاق».
وثمن المبعوث الأممي لدى ليبيا أمس، ما سماه «إصرار الليبيين على المضي في الانتخابات البلدية والمشاركة فيها، رغم الأوضاع الراهنة»، وقال في تغريدة على حسابه على «تويتر»: «جرت اليوم (أمس) الانتخابات البلدية في سبع مدن ليبية. أحيي الإصرار على إجرائها والمشاركة فيها، على الرغم من هذه الأزمة العصيبة».
وقال الصحافي الليبي إدريس جبجي، الذي يقيم في مدينة سبها (جنوب)، عبر حسابه على «فيسبوك» أمس، إن انتخابات بلدية سبها ستجري في السابع والعشرين من أبريل (نيسان) الحالي، معلناً عن دعمه لإحدى القوائم المتنافسة.
وكانت اللجنة المركزية المشرفة على الانتخابات البلدية، قد اشتكت من نقص التمويل اللازم لإجراء الانتخابات، وطالبت حكومة «الوفاق» بتوفير 50 مليون دينار، قرابة (36 مليون دولار).
ويعد هذا الاستحقاق أول مراحل خريطة الطريق الأممية، التي كان يفترض أن تسبق إقرار دستور دائم للبلاد، ثم إجراء انتخابات رئاسية ونيابية، قبيل اندلاع الحرب في طرابلس.
ودعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الحكومة لتوفير التمويل اللازم لإجراء انتخابات المجالس البلدية، في الوقت الذي تقدم فيه البعثة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي دعماً فنياً ولوجيستياً للجنة الانتخابات منذ مارس (آذار) 2018.
ويوجد في ليبيا 120 مجلساً محلياً بدأت عملها عام 2013 لتحل محل المجالس، التي أنشأها نظام معمر القذافي، وأجرى بعضها انتخابات في 2014. وتتألف إدارة المجلس البلدي من سبعة أعضاء، لتقوم بدورها بانتخاب رئيسها داخلياً.
وقال مروان المنصوري، الذي ينتمي إلى مدينة أوباري في الجنوب الليبي، لـ«الشرق الأوسط» إن «المواطنين توافدوا على مقار الاقتراع منذ صباح أمس، دون أي مشاكل للإدلاء بأصواتهم»، مشيراً إلى أن «الجميع هنا يريدون انتخاب مجلس إدارة للبلدية كي يتم تسيير الأمور، والتصدي للأزمات المتراكمة».
من جهتها، أعلنت اللجنة المركزية أمس أن نسبة المشاركة في انتخابات المجالس التي تجري في سبع مدن، بلغت حتى عصر أمس 28 في المائة، مشيرة إلى تواصل عملية التصويت إلى السادسة مساء.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.