{حرب استنزاف} سبقت إعلان وقف إطلاق النار

مقتل إسرائيلي بقذيفة هاون.. والجيش الإسرائيلي واصل سياسة إسقاط أبراج غزة

كتلة من اللهب تتصاعد من منزل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام  بعد استهدافه بغارة إسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
كتلة من اللهب تتصاعد من منزل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام بعد استهدافه بغارة إسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

{حرب استنزاف} سبقت إعلان وقف إطلاق النار

كتلة من اللهب تتصاعد من منزل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام  بعد استهدافه بغارة إسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
كتلة من اللهب تتصاعد من منزل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام بعد استهدافه بغارة إسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

صعدت كل من إسرائيل وحماس في اليوم الأخير المفترض للحرب، أمس، من حرب الاستنزاف. واستهدفت الصواريخ الإسرائيلية مزيدا من الأبراج السكنية الشاهقة في غزة ودمرت برجين ضخمين في يوم واحد، الأول يضم 16 طابقا والثاني 13 طابقا، بعد تدميرها برجين آخرين خلال 72 ساعة الماضية. كما استمرت حماس في إطلاق عشرات الصواريخ تجاه مستوطنات غلاف غزة مما أسفر عن مقتل إسرائيلي.
وقصفت إسرائيل أمس البرج الإيطالي، شمال غزة، ثلاث مرات لإسقاطه، وظلت أجزاء منه واقفة، قبل أن تقصف برج الباشا وتسويه بالأرض. وكانت إسرائيل دمرت في السابق برج «الظافر4» السكني وبرج زعرب التجاري.
وتسبب ضرب الأبراج في الأيام الأخيرة إلى تشريد أكثر من 1200 فلسطيني، يضافون إلى نحو 400 ألف تركوا منازلهم بسبب القصف الذي حول الأبراج والمنازل إلى ركام، ولجا أغلبهم إلى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق تحديدا على قصف الأبراج وقال إنه «يهاجم مواقع تؤوي قيادة حماس، ومراكز التحكم التابعة لها». وعدت حماس «العدوان الصهيوني على ممتلكات المواطنين والأبراج السكنية في غزة جريمة حرب لن تكسر إرادة شعبنا ولن يفلت مرتكبوها من العقاب».
وقال فوزي برهوم الناطق باسم حماس، إن «تدمير الاحتلال للأبراج السكنية في قطاع غزة جريمة حرب وانتقام صهيوني غير مسبوق من أهلنا في غزة». وأضاف في بيان مقتضب أمس أن «هذه السياسة تهدف لتخويف الناس وثنيهم عن الالتفاف حول المقاومة ورجالها». لكنه شدد على أن «هذه السياسية ستزيدنا إصرارا على المواجهة وحماية مصالح شعبنا الفلسطيني».
وقتلت إسرائيل، أمس، قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ مساء، سبعة فلسطينيين، لترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى «2139 شهيدا، منهم 577 طفلا، و260 سيدة، و101 مسن، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 10870» بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وطلبت إسرائيل من سكان حي الشجاعية في مدينة غزة مغادرتها تمهيدا إلى قصف مكثف قبل أن يتضح أن اتفاقا لوقف إطلاق النار آخذ بالتبلور. وقال سكان في الحي إن «الجيش الإسرائيلي اتصل بهم هاتفيا لمطالبتهم بإخلاء منازلهم تمهيدا لقصف مناطق واسعة من الحي. ويظل الأمر مرتبطا بنجاح وقف إطلاق النار أو لا».
وفي اليوم الأخير «المفترض» للحرب، تلقت مستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة رشقات صاروخية مكثفة، كما استهدفت حركة حماس تل أبيب وحيفا بصواريخ من طراز «إم 75».
وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن «الفصائل الفلسطينية أطلقت أمس أكثر من 70 قذيفة صاروخية من قطاع غزة على إسرائيل، وإن منظومة القبة الحديدية اعترضت قذيفة صاروخية فوق أشدود وقذيفتين فوق أشكلون وثلاث قذائف أخرى أطلقت باتجاه المجلس الإقليمي سدوت نيغف بالنقب الغربي».
وأصيب نحو 19 إسرائيليا بجراح طفيفة وصدمة جراء سقوط قذيفة على منزل في عسقلان.
وقالت الشرطة الإسرائيلية، في بيان نقلته القناة الثانية الإسرائيلية إن «صاروخا أطلق من قطاع غزة أصاب منزلا في عسقلان، مما أدى إلى وجود أضرار مادية وإصابات». وأضاف البيان، أن «19 أصيبوا بجروح طفيفة، بجانب أكثر من 21 إصابة بالصدمة». كما أعلنت السلطات الإسرائيلية عن مقتل أحد مواطنيها في منطقة أشكول المحاذية لغزة بقذيفة هاون، كما أصيب شخصان بجروح خطرة.
وانتقد رئيس تجمع مستوطنات أشكول، حاييم إيلين عجز الجيش الإسرائيلي عن مواجهة صواريخ غزة، قائلا إن «الصواريخ جعلت الحياة في أشكول غير ممكنة».
ونقلت صحيفة «معاريف» عن إيلين قوله: «يبدو أن حماس قررت التخلص من سلاحها عبر إلقائه على مستوطنات غلاف غزة، والتي كان لأشكول نصيب الأسد منها، بسقوط أكثر من 1300 صاروخ تسببت في هجرة السكان». وأضاف: «غزارة نيران كهذه لا تسمح لأحد باستمرار العيش في هذه المنطقة».
وكان مستوطنون فروا من مستوطنات غلاف غزة كما فر سياح ومقيمون أجانب في إسرائيل.
وأعلن فريق «مكابي تل أبيب»، وهو بطل الدوري الإسرائيلي بكرة القدم، أن المدرب الإسباني للفريق أوسكار غارسيا قرر اعتزال مهام منصبه والعودة إلى إسبانيا معللا ذلك بالوضع الأمني الراهن في إسرائيل.
وحاولت الحكومة تبرير استمرار الصواريخ بالقول إن القضاء عليها تماما مستحيل. وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاق أهارونوفيتش، إن «حركة حماس ما زالت تمتلك قدرات كبيرة على إطلاق الصواريخ». وأضاف: «إسرائيل بذلت قصارى جهودها لوقف الاعتداءات الصاروخية إلا أنه لا يمكن تحقيق النجاح بنسبة مائة في المائة».
وكانت وحدات عسكرية إسرائيلية بدأت مبكرا، أمس، بالتراجع عن حدود قطاع غزة في مؤشر على وقف الحرب. وقال الجيش الإسرائيلي إن الألوية النظامية التي نشرها في قطاع غزة خلال عملية «الجرف الصامد» بدأت تعود إلى مناطق تمركزها على الحدود الشمالية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.