حفتر يسابق الزمن لـ«تحرير» طرابلس... والسراج يحشد لمظاهرات مناوئة

ترمب يدخل على خط الأزمة في ليبيا ... و المسماري يؤكد تدخل تركيا في معركة العاصمة

قوات موالية لحكومة الوفاق تحتفل بعد سيطرتها على منطقة العزيزية جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق تحتفل بعد سيطرتها على منطقة العزيزية جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
TT

حفتر يسابق الزمن لـ«تحرير» طرابلس... والسراج يحشد لمظاهرات مناوئة

قوات موالية لحكومة الوفاق تحتفل بعد سيطرتها على منطقة العزيزية جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق تحتفل بعد سيطرتها على منطقة العزيزية جنوب طرابلس (أ.ف.ب)

بينما بدا أمس أن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، الذي تلقى أول اتصال هاتفي مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يسابق الزمن لـ«تحرير» العاصمة طرابلس، استمر الانقسام داخل مجلس الأمن الدولي بشأن اتخاذ قرار موحد لوقف إطلاق النار، وهو ما دفع فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» المدعومة دوليا، إلى انتقاد صمت حلفائه.
وأعلن البيت الأبيض في بيان أمس أن ترمب تحدث هاتفيا مع حفتر الاثنين الماضي، وتناولا «الجهود الجارية لمكافحة الإرهاب والحاجة لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا».
وطبقا للبيان، فقد «أقر ترمب بدور المشير الجوهري في مكافحة الإرهاب، وتأمين موارد ليبيا النفطية، كما تناولا رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر».
وقالت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصال الهاتفي تم بوساطة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي التقى ترمب الأسبوع الماضي في العاصمة الأميركية واشنطن، قبل أن يعود ويستقبل حفتر في زيارة بالقاهرة.
في المقابل، لم يصدر أي توضيح من مكتب حفتر. لكنه أكد في أول تصريحات له عقب إطلاقه عملية «الفتح المبين» في الرابع من الشهر الجاري، حرصه خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، مساء أول من أمس، على «إنهاء العمل العسكري في عدد من مناطق ليبيا في أقرب الأوقات»، لافتا إلى أن «قواته بصدد محاربة أطراف مسلحة غير نظامية، تسيطر على عدة مناطق بالعاصمة دون وجه حق»، وأنها «حريصة على حقن الدماء والحفاظ على أرواح المدنيين».
وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان لها، أمس، إن الاتصال الهاتفي «جاء في إطار التواصل مع مختلف الأطراف في ليبيا لحثهم على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتغليب لغة الحوار وإنهاء التصعيد العسكري». وكان غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية، قد نفى أمس في بيان مقتضب للبعثة إطلاقه أي تصريحات، ينتقد فيها المشير حفتر، متعهدا بملاحقة مروجي الإشاعات، على حد تعبيره.
في المقابل، سعت حكومة «الوفاق» أمس إلى حشد مظاهرات مؤيدة لها في قلب العاصمة، وذلك للجمعة الثانية على التوالي، رغم استمرار المعارك في عدة مناطق بالمدينة.
وقالت وزارة الداخلية بالحكومة، مساء أول من أمس، إنها تطمئن كل المواطنين بأنها على استعداد تام لتأمين الحراك السلمي الرافض لـ«العدوان على العاصمة طرابلس من قبل المجموعات المسلحة، التابعة لحفتر والخارجة عن الشرعية».
لكن اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم «الجيش الوطني»، حذر في المقابل «من أن الإرهابيين قد يقومون بعمل ضد المظاهرات ليلصقوا الأمر بالجيش»، مضيفا «نتابع كل كبيرة وصغيرة داخل طرابلس وخارجها».
وأثار انقسام مجلس الأمن الدولي بشأن التوصل إلى استراتيجية واضحة لمطالبة المتحاربين بوقف سريع لإطلاق النار، بسبب تصدي الولايات المتحدة وروسيا لمشروع قرار بريطاني، استياء السراج، الذي قال في تصريحات له أمس، إن عدم حصول حكومته على الدعم «قد يؤدي إلى تبعات أخرى، من بينها استغلال «داعش» لظروف عدم الاستقرار في ليبيا».
ونقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين قولهم إن الولايات المتحدة وروسيا رفضتا تأييد قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يدعو إلى وقف إطلاق النار في ليبيا في الوقت الحالي.
ميدانيا، كادت قذائف «مورتر» سقطت على أحد أحياء طرابلس، مساء أول من أمس، أن تصيب مركزا طبيا، فيما قال سكان إن دوي القصف سُمع أيضا في ساعة متأخرة في مناطق بطرابلس.
وما زالت معظم المعارك تتمحور في المناطق الواقعة جنوبي العاصمة، خاصة في منطقة السواني جنوب شرق. وفي غضون ذلك قتل أربعة من عناصر «الجيش الوطني»، وأصيب ستة آخرون في اشتباكات اندلعت في قاعدة عسكرية وسط ليبيا، أول من أمس، حسبما أعلن المسماري، الذي اتهم «جماعة إرهابية» بقيادة الهجوم على قاعدة تمنهنت الجوية، الواقعة على بعد 30 كيلومترا شمال مدينة سبها، وأكد أنّ الهجوم تم «صدّه».
وقال المسماري مساء أول من أمس، إن «الهجوم يود إرسال رسالة مفادها أن الجنوب ليس آمنا، وأن السراج قادر للدخول لأي منطقة. لكن قوات الجيش موجودة في أي وقت، وبالمرصاد».
وبعدما أكد أن محاور شرق طرابلس تسير بشكل جيد لصالح الجيش، لفت المسماري إلى ظهور أعلام ورايات «داعش» و«القاعدة» والوجوه الإرهابية في طرابلس. بالإضافة إلى تهديد أحد أفراد القاعدة، وهو عنصر بتنظيم مجلس شورى بنغازي للجيش من طرابلس.
وأوضح المتحدث باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس، أن قوات الجيش ستعمل على طرد الميليشيات من طرابلس، لتحقيق الأمن والاستقرار وفرض هيبة الدولة، مشيراً إلى أن هدف الجيش المحافظة على حياة السكان في طرابلس ومحيطها. كما تحدث المسماري عن تركيا، وقال إنها تتدخل في معركة طرابلس عبر نقل عناصر من «جبهة النصرة» في سوريا إلى جبهات طرابلس، لمواجهة الجيش.
إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الليبية في شرق البلاد عن الحكومة المؤقتة، التي يترأسها عبد الله الثني، أنها بصدد إصدار قرار تعترف بموجبه بالإبادة الأرمينية خلال حكم الأتراك، مشيرة إلى أن مجلس الوزراء تبنى مقترحا قدمه وزير الخارجية مؤخرا، يعترف فيه بتعرض الأرمن للإبادة من قبل الأتراك، خلال حكم السلطنة العثمانية قبل أكثر من مائة عام.
وتتهم السلطات التي تدير المنطقة الشرقية في ليبيا، تركيا بالتورط في عمليات إرهاب بحق الشعب الليبي، وذلك عبر تمويل وتسليح وإيواء قادة الجماعات الإرهابية المطلوبين للعدالة المحلية والدولية على أراضيها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».