الحكومة تتعرض لضغط أوروبي لإنجاز الموازنة وتنفيذ الإصلاحات

TT

الحكومة تتعرض لضغط أوروبي لإنجاز الموازنة وتنفيذ الإصلاحات

تواجه الحكومة اللبنانية صعوبات جمة لإقرار الموازنة على مستويين، الأول داخلي مرتبط بموظفي القطاع العام المدنيين والعسكريين، والثاني أوروبي من الدول والمنظمات والصناديق المالية، التي نبهت الحكومة أن عليها أن تنجز ثلاثة أمور من أجل البدء بتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» بتمويل يبلغ 12 مليار دولار من أجل تصحيح البنى التحتية في أنحاء البلاد وإلا فسيتوقف تنفيذ هذا المشروع.
وأفاد مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط» بأن اتصالات تجري مع باريس المكلفة من الدول المتبرعة من أجل تمديد هذه المهلة، لأن الوقت المتبقي أمام لبنان غير كاف. ومن أجل دعم الموقف أعطت مثالا أن الحكومة أقرت مع مجلس النواب خطة الكهرباء وأتاها التعليق الأوروبي الفوري «إقرار الخطة أمر جيد لكن المهم موعد تنفيذها».
ووفق هذا المصدر، فإن «الحكومة تعمل تحت ضغط أوروبي وتحديدا من ممولي مؤتمر (سيدر) للإسراع في تحضير ما طلب للحفاظ على هذا المؤتمر وإبقائه حيا، لأن الفعاليات السياسية على اختلاف مشاربها أجمعت على أن مقررات (سيدر) هي الطريق الذي يمكن أن ينقذ الوضع الاقتصادي المتدهور. وفي حال خسارته يمكن لهذا الاقتصاد أن ينهار في وقت وشيك إذا لم تتخذ الخطوات المطلوبة التي ستؤدي إلى تخفيض العجز في الموازنة»، بحسب ما أفاد المصدر عينه.
وبينما لا يزال مشروع الموازنة في حوزة الرئيس سعد الحريري ولم يتسلم أي وزير نسخة منه، أفاد مسؤول بارز شارك في الاجتماعات الموسعة والضيقة مع الرئيس الحريري، بأن رئيس الحكومة يعي أهمية تجنب المس برواتب الموظفين التي لا تتجاوز مليونين وثلاثة ملايين ليرة. إلا أن رواتب كبار الموظفين التي تتجاوز الأربعة آلاف دولار سيلحقها التخفيض.
وتابع المصدر أن الرئيس الحريري مع الوزير علي حسن خليل وفريق عمل الأول منكبون على إيجاد صيغة للتقشف المطلوب وكيفية اتخاذ قرارات بشأنه من دون أن يؤذي نمط الموظف في عيشه اليومي، وفي الوقت نفسه سيُتجه إلى تخفيض المعاشات المرتفعة لكبار الموظفين وللنواب والوزراء والرؤساء الثلاثة، وبالتأكيد فإن التقديمات والمساعدات للنوادي والمدارس المجانية سيُعاد النظر فيها وصولاً إلى تخفيضها بنسب مرتفعة أو وقفها.
وختم: لن يكون هناك تقشف للذين يحتجون في الوقت الحاضر، وربما هناك طرق أخرى لتعزيز المداخيل، وأنه يجب تحضير الناس لمشروع الموازنة الذي هو قيد الإعداد. وشدّد على ضرورة التزام الوزراء والمقربين بالامتناع عن تسريبات تثير البلبلة وتؤخر إنجاز الموازنة وهذا يؤذي اقتصاد البلاد والنقد الوطني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.