نازح مسيحي: أعيدوا ابنتي فليس لي سواها

أيوب روى لـ {الشرق الأوسط} كيف اختطفها مسلحو «داعش»

النازح حبيب أيوب يتحدث لـ«الشرق الأوسط»
النازح حبيب أيوب يتحدث لـ«الشرق الأوسط»
TT

نازح مسيحي: أعيدوا ابنتي فليس لي سواها

النازح حبيب أيوب يتحدث لـ«الشرق الأوسط»
النازح حبيب أيوب يتحدث لـ«الشرق الأوسط»

شهدت الأسابيع الماضية تعرض الأقليات الدينية والعرقية إلى عمليات قتل وسبي ونهب من قبل مسلحي «داعش» بعد أن سيطروا على مناطق واسعة من محافظة نينوى. وذكرت عوائل مسيحية نازحة لـ«الشرق الأوسط» أن «داعش» أخذ أعدادا كبيرة من النساء المسيحيات، إضافة إلى مصادرة أموال وممتلكات المسيحيين في هذه المناطق.
نحو مائة من العوائل المسيحية النازحة تعيش الآن في مركز «شلاما» في ناحية عينكاوه (10كم شمال أربيل). ويعيش مع هذه العوائل حبيب أيوب (75عاما)، الذي ليس له سوى ابنته الوحيدة لكنها سبيت من قبل «داعش»، ليبقى هو وحده.
يقول أيوب لـ«الشرق الأوسط»: «كانت ابنتي متزوجة منذ سنوات وتعيش في تركيا، لكنها عادت قبل مدة إلى العراق لتأخذني معها، وصادفت عودتها مع سيطرة (داعش) على الحمدانية، لذا هربنا إلى الموصل إلى بيت أحد الأصدقاء الموصليين المسلمين، واختبأنا لديه أربعة أيام، إلى حين أن يجد دارا لنا وسط المسلمين، لكنه لم يجده فعدنا إلى الحمدانية». وتابع أيوب: «بعد سيطرته على قرقوش مركز الحمدانية، طالب (داعش) عن طريق مكبرات الصوت كل من تبقى من المسيحيين التوجه إلى مسجد قرقوش القريب منا، وإلا سيتم ذبحه، على الرغم من أن الباقين كانوا من المسنين والمرضى، وأكثرنا لا يستطيع المشي، أبلغناهم أننا مرضى وعجزة لا يمكننا أن نأتي فهددونا بالذبح، ثم حملونا في عربات ورمونا عند باب المسجد. ابنتي، ريتا، البالغة من العمر 30 سنة رافقتني إلى المسجد، حيث أخذوها مني. ترجيتهم كثيرا وقلت لهم إنها متزوجة لكن لا جدوى، أخذوها، ثم سلبوا كل ما لدي من مال ومصوغات ذهبية، وأخذوا جوازي سفرنا وشهادتي الجنسية وكل ما نملك من وثائق. لا أعرف أين ابنتي؟ القس أبلغني أنهم سيبحثون عنها، لكن أين سيبحثون. فقدت ابنتي ولن أراها ثانية، أنا لا أريد أي شيء فقط أعيدوا لي ابنتي».
بدوره، قال المواطن المسيحي مبهج بهنام: «كما ترى ظروف النزوح صعبة، ماذا نفعل إذا استمرت هذه الظروف حتى الشتاء؟ ندعو كل الأطراف المعنية إلى العمل بجد على طرد (داعش) وإعادتنا إلى مناطقنا، وإعادة كافة فتياتنا ونسائنا اللاتي سبين من قبل داعش. أنا لم افقد أحدا من عائلتي لكن جيراني في قرقوش والموصل فقدوا نساءهم وأطفالهم». وأشار بهنام: «هذه المرة الخامسة التي أُهجَّر فيها من نينوى. تركت ثلاثة محلات تجارية في الموصل، وبيوتا نهبت فيما بعد من قبل (داعش)، لكن ما العمل؟ لا أريد أن أرحل إلى خارج العراق، لأن هذه الأرض هي أرضنا والقساوسة أبلغونا بأن لا نترك أرضنا». وحول كمية المساعدات التي تصلهم في المركز، قال بهنام: «يعطوننا أسبوعيا مجموعة من المواد الغذائية الرئيسية، حددنا مكانا للطبخ في كل طابق من طوابق المبنى، ونساعد فيما بيننا العوائل الفقيرة، حيث نعد لها وجبات الطعام». وبحسب إحصاءات حكومة إقليم كردستان، فإن عدد النازحين في الإقليم وصل إلى أكثر من مليون ونصف المليون نازح، مؤكدة أن الإقليم لا يستطيع استيعاب هذا الكم الكبير ودعت بغداد إلى القيام بدورها في مساعدة النازحين ماديا ولوجيستيا.
وقال ديندار زيباري في مؤتمر صحافي عقده في أربيل: «نكرر مرة أخرى.. نحن لا يمكننا في الإقليم بهذه الميزانية القليلة التي لدينا أن نقدم المساعدة لهؤلاء النازحين. الإقليم لا يستطيع استيعاب هذا الكم الهائل من النازحين، وبغداد لم تقدم حتى الآن المساعدة المطلوبة للنازحين». وأضاف زيباري أن «الحل ليس بفتح عشرين مخيما آخر، الحل يجب أن يكون سياسيا بين الأطراف العراقية، لفرض الأمن في تلك المناطق وبالتالي عودة النازحين إلى مناطقهم».
من جانبها، قالت ممثلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في كردستان نتاليا بروكوبا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «منظمتنا مستمرة في التنسيق مع حكومة الإقليم والحكومة العراقية في مساعدة اللاجئين، لا يمكن لهذه العوائل النازحة أن تبقى في الحدائق والأبنية غير المكتملة، بل يجب إقامة مخيمات لإيوائهم سريعا. بدأنا بتأسيس 12 مخيما جديدا للنازحين، خمسة مخيمات منها أصبحت جاهزة الآن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».