جدل أوروبي بعد إقرار إصلاح «حقوق الملكية الفكرية»

TT

جدل أوروبي بعد إقرار إصلاح «حقوق الملكية الفكرية»

أقرّ الاتحاد الأوروبي، أمس، نهائياً الإصلاح المثير للجدل بشأن حقوق الملكية الفكرية الأوروبية إثر تصويت أخير لوزراء الاتحاد خلال اجتماع لهم في لوكسمبورغ، في المرحلة الأخيرة من مسار امتد لأكثر من سنتين.
وكانت نتيجة التصويت متوقعة بعد المفاوضات الشاقة التي أُجريت بشأن هذا الإصلاح، في ظل حملات الضغط القوية من جانب داعميه ومعارضيه على السواء. لكن مع ذلك، صوّتت ستة بلدان ضد الإصلاح، وهي وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أوروبية، إيطاليا وفنلندا والسويد ولوكسمبورغ وبولندا وهولندا.
غير أن هذه الأقلية من البلدان المعارضة لم تكن كافية لعرقلة إقرار النص. وامتنعت أيضاً كل من بلجيكا وإستونيا وسلوفينيا عن التصويت.
وفي بيان أصدره مجلس الاتحاد الأوروبي، أشاد الوزير الروماني فالير دانيال برياز الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد، بما اعتبره «نصاً متوازناً». وأشار إلى أن الإصلاح «يفتح فرصاً متعددة للقطاعات الإبداعية الأوروبية»، وأيضاً «للمستخدمين الذين ستتعزز حرية تعبيرهم عبر الإنترنت».
وفور نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، ستكون أمام البلدان الأعضاء مهلة 24 شهراً لإدخال القواعد الجديدة إلى تشريعاتها الوطنية. ونال الإصلاح موافقة أعضاء البرلمان الأوروبي نهاية مارس (آذار) إثر تصويت عكس انقساماً حاداً، بـ348 صوتاً مؤيداً و274 معارضاً وامتناع 26 عن التصويت.
كذلك، أشاد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، بانتهاء المسار الذي أُطلق في سبتمبر (أيلول) 2016 لدى تقديم الهيئة التنفيذية الأوروبية هذا الإصلاح ذا التبعات المالية الكبيرة. وأكّد يونكر في بيان أن «أوروبا ستتزود بقواعد واضحة ستضمن مداخيل عادلة لمبتكري المضامين، وحقوقاً كبيرة للمستخدمين».
وقد صوّب المعارضون سهامهم على بندين في هذا الإصلاح. أولهما هو البند 13 الرامي إلى تعزيز الموقع التفاوضي للمبتكرين وأصحاب الحقوق (كالمؤلفين والفنانين...) في مواجهات منصات تستخدم مضامينهم مثل «يوتيوب» أو «تمبلر». ويخشى البعض استخدام فلاتر للتحميل التلقائي يرى أنصار الحريات الإلكترونية أنها قد تفتح الباب أمام شكل من أشكال الرقابة.
وقالت النائبة الأوروبية جوليا ريدا، وهي من رموز المعارضين لهذا التعديل: «مجموعة الضغط في مجال الترفيه لن تتوقف هنا، إذ إنها ستمارس ضغطاً في السنتين المقبلتين في وجه تطبيقات على المستوى الوطني تتجاهل الحقوق الأساسية للمستخدمين. سيكون مهماً أكثر من أي وقت مضى للمجتمع المدني أن يُبقي على ضغوطه في البلدان الأعضاء».
أما البند الثاني المثير للجدل فهو البند 11 الذي يوصي باستحداث «قانون موازٍ» لحقوق المؤلف مخصص لناشري الصحف. ومن شأنه السماح لوسائل الإعلام بالحصول على مقابل مالي لإعادة استخدام إنتاجها عبر الإنترنت من قِبل شبكات مثل «غوغل» أو «فيسبوك».
أما «سي سي آي إيه يوروب» ممثلة مجموعة الضغط المرتبطة بقطاع الصناعة الرقمية في المفوضية الأوروبية، فقد نددت بهذا النص واصفةً إياه بأنه «غير متوازن». وقالت العضوة في هذه الهيئة مود ساكيه، في بيان: «نخشى أن يضر هذا الأمر بالابتكار الإلكتروني ويحدّ من الحريات عبر الإنترنت في أوروبا. نحض الدول الأعضاء على إجراء تقييم معمق ومحاولة تقليل تبعات النص خلال تطبيقه».


مقالات ذات صلة

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
TT

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها منظمات للمجتمع المدني، اليوم الثلاثاء، أن أكثر من 800 مؤسسة مالية أوروبية لها علاقات تجارية بشركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية.

ووفقاً لـ«رويترز»، وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل، ويأمل بعض المستوطنين أن يساعدهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في تحقيق حلم فرض السيادة على الضفة الغربية التي يعدها الفلسطينيون محور دولة لهم في المستقبل.

وأدى العنف المتزايد للمستوطنين إلى فرض عقوبات أميركية، وقالت بعض الشركات إنها ستوقف أعمالها في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد تقرير تحالف منظمات «لا تشتري من الاحتلال» بأن 822 مؤسسة مالية في المجمل أقامت علاقات هذا العام مع 58 شركة «ضالعة بنشاط» في المستوطنات الإسرائيلية ارتفاعاً من 776 مؤسسة في 2023.

ودعت منظمات المجتمع المدني إلى تشديد التدقيق وسحب الاستثمارات إذا لزم الأمر.

وقال أندرو بريستون، من منظمة المساعدات الشعبية النرويجية، وهي واحدة من 25 منظمة مجتمع مدني أوروبية وفلسطينية أجرت البحث: «المؤشر هو أن الأمور تسير في الاتجاه الخطأ».

وقال لنادي جنيف للصحافة حيث قُدم التقرير: «نرى أنه يجب على المؤسسات المالية الأوروبية معاودة تقييم نهجها بشكل عاجل تجاه الشركات الضالعة في الاحتلال غير القانوني».

ولم ترد وزارة المالية الإسرائيلية بعد على طلب للتعليق.

ويبلغ طول الضفة الغربية نحو 100 كيلومتر وعرضها 50، وتقع في لب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ استيلاء إسرائيل عليها في حرب عام 1967.

وتعد معظم الدول الضفة الغربية أرضاً محتلة، وأن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو الموقف الذي أيدته أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في يوليو (تموز).

وأفاد التقرير بأن بنوكاً كبرى منها «بي إن بي باريبا» و«إتش إس بي سي» من بين الشركات الأوروبية المدرجة على القائمة. ولم ترد البنوك بعد على طلب للتعليق.

وأفاد التقرير بأن الشركات الضالعة بنشاط في المستوطنات وعددها 58 تشمل شركة كاتربيلر لصناعة الآلات الثقيلة، بالإضافة إلى موقعي السفر «بوكينغ» و«إكسبيديا». ولم ترد أي من هذه الشركات بعد على طلب للتعليق.

وقالت «بوكينغ» في وقت سابق إنها حدثت إرشاداتها لمنح العملاء مزيداً من المعلومات لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المناطق المتنازع عليها والمتأثرة بالصراع. وقالت «إكسبيديا» إن أماكن الإقامة الخاصة بها محددة بوضوح على أنها مستوطنات إسرائيلية تقع في الأراضي الفلسطينية.

وكثير من الشركات المذكورة في التقرير، ولكن ليس كلها، مدرج أيضاً في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية.

وذكر التقرير أن بعض المؤسسات المالية سحبت استثماراتها من شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك صندوق التقاعد النرويجي (كيه إل بي).