دعم مصري لحفتر في جهود مكافحة الإرهاب بليبيا

معارك طرابلس تنتظر حسم الطيران... والسراج يزور غرفة عمليات «قوات الوفاق»

السيسي لدى اجتماعه مع حفتر بحضور عباس كامل رئيس المخابرات العامة في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
السيسي لدى اجتماعه مع حفتر بحضور عباس كامل رئيس المخابرات العامة في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

دعم مصري لحفتر في جهود مكافحة الإرهاب بليبيا

السيسي لدى اجتماعه مع حفتر بحضور عباس كامل رئيس المخابرات العامة في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
السيسي لدى اجتماعه مع حفتر بحضور عباس كامل رئيس المخابرات العامة في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)

تراجعت حدة المعارك نسبياً، أمس في اليوم الحادي عشر لعملية «تحرير العاصمة الليبية طرابلس»، على الرغم من مواصلة طرفي النزاع استخدام الطائرات الحربية بكثافة في محاولة لحسم القتال، فيما أجرى المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي محادثات في زيارة مفاجئة إلى القاهرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تزامنا مع ظهور فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني للمرة الأولى في غرفة عمليات قواته في طرابلس.
ووصل حفتر إلى القاهرة حيث بحث مع السيسي بحضور اللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات المصرية، تطورات ومستجدات الأوضاع على الساحة الليبية، وحرص مصر على وحدة واستقرار وأمن ليبيا. وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إن السيسي أكد خلال اللقاء «دعم مصر لجهود مكافحة الإرهاب والجماعات والميليشيات المتطرفة لتحقيق الأمن والاستقرار للمواطن الليبي في كافة الأراضي الليبية، وبما يسمح بإرساء قواعد الدولة المدنية المستقرة ذات السيادة، والبدء في إعمار ليبيا، والنهوض بها في مختلف المجالات تلبية لطموحات الشعب الليبي العظيم».
من جانبه، اكتفى مكتب المشير حفتر بالإشارة في بيان مقتضب إلى أنه وصل إلى القاهرة، حيث ناقش مع السيسي بقصر الاتحادية «الكثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها ملف مكافحة الإرهاب».
في المقابل اعتبر السراج لدى زيارته إلى غرفة العمليات المشتركة التابعة للقوات الموالية له حيث اجتمع مع قادته العسكريين بطرابلس أن ما وصفه بـ«الاعتداء على العاصمة» سيتيح «فرصة تنتظرها العناصر الإرهابية والمتطرفة للعبث بأمن واستقرار ليبيا». وقال بحسب بيان أصدره: «كنا نأمل أن نكون اليوم بملتقى وطني جامع، يجمع الليبيين على طاولة حوار لمناقشة سبل الخروج من الأزمة، ولكن يوجد طرف يصر على إدخال الوطن في حرب لا رابح فيها»، وأضاف «إننا دعاة سلام ومسعانا كان دائما الحوار والتوافق، لكننا جاهزون للدفاع عن وطننا وأهلنا وعاصمتنا وجميع مدننا».
بدورها، قالت وزارة الداخلية بحكومة السراج إن فرقة تابعة لجهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب التابع لها اعتقلت الإرهابي أنس أبريك المبروك الزوكي المكنى أبوعبد الله الدرناوي وينتمي لـ«تنظيم داعش». وأوضحت في بيان لها أن التحقيقات كشفت عن أن سبب وجوده بطرابلس هو لتنفيذ عمليات إرهابية وزعزعة الأمن والاستقرار داخل العاصمة طرابلس، مشيرة إلى أنه كان غادر بنغازي مطلع عام 2017 بعد إقامة لمدة عامين.
وقال مهند يونس الناطق باسم حكومة السراج إن حكومة الوفاق لن تقبل بوقف إطلاق النار في ظل «استمرار هجوم قوات حفتر على العاصمة»، وهي تشترط «عودة هذه القوات إلى مواقعها السابقة». وأوضح مهند في أول مؤتمر صحافي له بعد توليه منصبه خلفا لمحمد السلاك الناطق السابق الذي غادر موقعه من دون تفسير رسمي، أن حكومته «على تواصل مستمر مع أغلب دول العالم لإدانة الهجوم على طرابلس والتأكيد على الحل السياسي، وأن الحديث عن حلول سياسية على نفس القواعد السابقة أمر عفى عليه الزمن». وأشار يونس إلى أنهم بصدد توثيق الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي من قبل قوات حفتر لاتخاذ إجراءات قانونية دولية ضدها.
وتماهى هذا الحديث، مع تحذير أطلقته أمس بعثة الأمم لمتحدة لدى ليبيا من أن «قصف المدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمناطق الآهلة بالمدنيين محرم تماما في القانون الدولي الإنساني»، مشيرة إلى أنها «تقوم بمتابعة وتوثيق كل الأعمال الحربية المخالفة لذلك القانون تمهيدا لإحاطة مجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية».
وذكّر غسان سلامة رئيس البعثة الأممية في تغريدة له عبر موقع «تويتر» الليبيين بأن يوم أمس «كان اليوم يوم ملتقاكم في غدامس تخطون فيه معا معالم سبيل نحو دولة موحدة، قادرة، منصفة، مدنية، ديمقراطية. لكن الرياح راحت في مناح أخرى لم تكن السفن تشتهيها ولطخ الدم المسيرة». وتابع: «موقفنا لن يتبدل فإنما الحرب ما علمتم وذقتم ولا حل، مهما اشتد العناد السياسي».
ميدانياً، أعلن اللواء أحمد المسماري الناطق باسم الجيش الوطني أن ما سماه بـ«طائرات الميليشيات الإرهابية استهدفت أمس منازل المواطنين ومقرات عامة وخاصة في منطقة عين زارة وقصر بن غشير في ضواحي طرابلس الشرقية»، مشيرا في بيان مقتضب له إلى أن «هذه الطائرات التي أقلعت من مطار مصراتة في غرب البلاد، استهدفت مقرا لشركة في منطقة قصر بن غشير، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص من حاملي الجنسية السودانية».
وتحدث مسؤولون في حكومة السراج عن إسقاط طائرة تابعة لقوات الجيش الوطني في منطقة وادي الربيع جنوب طرابلس، فيما تداول ناشطون محليون صورا فوتوغرافية لقائد الطائرة لدى هبوطه بالمظلة بعد تحطمها.
وأقر اللواء محمد المنفور آمر غرفة عمليات سلاح الجو التابع للجيش الوطني بسقوط الطائرة فوق منطقة يتمركز بها الجيش جنوب طرابلس، لكنه أكد في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن قائد الطائرة نجا مع بعد قفزه بالمظلة في ذات المنطقة نافياً تعرضه للأسر على يد قوات السراج.
في غضون ذلك، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن 121 شخصا على الأقل قتلوا وجُرح 561 آخرون منذ بدء الهجوم، فيما أدان مكتب المنظمة في ليبيا: «الهجمات المتكررة على طواقم العلاج وسيارات الإسعاف في طرابلس». وأضاف أن «الهجمات على سيارات الإسعاف وأطقم الإغاثة تُعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني وتحرم السكان من الحصول على الرعاية الصحية عندما يكونون في أشد الحاجة لها» مشيرا إلى أن «أثر هذه الهجمات على السكان ونظام الرعاية الصحية في ليبيا مُدمر». وتحدث مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن نزوج 13 ألفا و500 شخص بينهم 900 تم استقبالهم في مراكز إيواء.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».