طرابلس: حماوة سياسية تقابل برودة الناخبين

عون يشدد على ضرورة توفير الأجواء المناسبة لإنجاز الاستحقاق بهدوء

وزيرة الداخلية ريا الحسن خلال زيارتها سرايا طرابلس للإشراف على الانتخابات (الوطنية)
وزيرة الداخلية ريا الحسن خلال زيارتها سرايا طرابلس للإشراف على الانتخابات (الوطنية)
TT

طرابلس: حماوة سياسية تقابل برودة الناخبين

وزيرة الداخلية ريا الحسن خلال زيارتها سرايا طرابلس للإشراف على الانتخابات (الوطنية)
وزيرة الداخلية ريا الحسن خلال زيارتها سرايا طرابلس للإشراف على الانتخابات (الوطنية)

لم تنسحب البرودة التي تعامل بها الناخبون في طرابلس مع الانتخابات الفرعية أمس الأحد، على السياسيين الذين استنفروا لحشد أكبر قدر من المقترعين ورفع نسبة الاقتراع، على الرغم من أن تيار المستقبل، ومنذ الصباح، لم يتوقع أن تتجاوز نسبة الاقتراع الـ12 في المائة.
وتابع الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، سير العملية الانتخابية في طرابلس، وتلقى سلسلة تقارير من الأجهزة الأمنية المعنية حول نسبة الإقبال على الاقتراع، إضافة إلى الأوضاع الأمنية التي ترافق الانتخابات. وشدد رئيس الجمهورية على «ضرورة توفير الأجواء المناسبة لإنجاز العملية الانتخابية بهدوء، وتوفير كل التسهيلات أمام المواطنين لممارسة حقهم الديمقراطي».
ولم تظهر حماسة لدى الناخبين للإدلاء بأصواتهم، رغم الدعوات السياسية لذلك، فقد دعا الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري جميع الطرابلسيين للإدلاء بأصواتهم. وأكّد أنّ التيار منتشر في كل لبنان ومدينة طرابلس ساندت قضية الشهيد رفيق الحريري وكانت أساسية في 14 آذار.
وإثر انتشار إشاعة تفيد بأن «المستقبل يجبر الناس على النزول إلى صناديق الاقتراع»، نفى التيار، جملة وتفصيلاً، ما بثته محطة الـ«otv» عن إشكالات حصلت في الزاهرية والقبة بسبب ما زعمته عن قيام محازبي المستقبل بإجبار الناس للنزول وانتخاب ديما جمالي. وأهاب التيار بالمحطة عدم الانجرار وراء الإشاعات والأخبار المفبركة التي تستهدف تيار المستقبل، والتزام حدود المهنية والموضوعية في تغطيتها للانتخابات، بحسب ما جاء في البيان.
وأدلى المسؤولون في طرابلس أمس بأصواتهم، حيث اقترع مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار في مركز «ثانوية مواهب أسطى الرسمية» بطرابلس، وقال: «كعادتها طرابلس مدينة هادئة تتعامل مع الأحداث بهدوء بالغ وبروح ديمقراطية مع الاحترام لسائر الأطراف، اليوم هو يوم وطني والمدينة تعبر عن رأيها وعن طموحاتها عبر انتخابها لهذا المقعد السني في طرابلس».
وأضاف: «طرابلس تتعامل مع الحدث بروح إيجابية وديمقراطية ويشعر الجميع أن عليهم واجبا ينبغي أن يقوموا به، في مقدار أن الانتخابات واجب على كل فرد ليعبر بفكره وثقافته باختيار الأنسب، وصحيح أن الانتخاب هو للمشروع أكثر منه للأشخاص، هو مشروع الدولة والعودة إلى المؤسسات والحرص على الطائف، هو المشروع الأساسي الذي يلتقي فيه اللبنانيون في العملية الانتخابية. أتمنى للجميع التوفيق وأسال الله تعالى أن يعم الهدوء والاستقرار طرابلس وسائر المناطق».
بدوره، قال النائب سمير الجسر بعد اقتراعه: «لا يوجد انتخابات وقيادة تيار المستقبل غابت عنها لا في الانتخابات الفرعية أو الأساسية، ومن الطبيعي أن يقف التيار اليوم بكل عناصره إلى جانب ناخبيهم وإلى جانب الماكينات الانتخابية». وشدد على أن «النتيجة اليوم محسومة لصالح مرشحتنا».
وقال النائب نقولا نحاس بعد اقتراعه: «أي انتخابات إنما هي محطة أساسية على الناس أن تشارك فيها، فالحياة الديمقراطية لا تستقيم إلا بالمشاركة». وأكد «وحدة الكلمة، فبالإجماع والمشاركة السياسية يمكننا أن نفعل قدرات هذه المدينة ونوفر لها حاجاتها التي تنتظرها». وقال: «باتفاق أهل المدينة لن يكون هناك من عذر يحول دون تنفيذ ما هو مطلوب».
ورأت وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للنساء والشباب فيوليت خير الله الصفدي أنّ «الانتخابات فرصة للمواطن كي يعبّر عن رأيه ويقول من يريد أن يمثّله في المجلس النيابي، وعلى الجميع أن يعمل إلى جانب رئيس الحكومة سعد الحريري للنهوض بطرابلس». وأشارت الصفدي عقب الإدلاء بصوتها في الانتخابات الفرعية في طرابلس، إلى أنّ «الحريري تحدّث عن حصة طرابلس من سيدر»، معتبرة أنه «لا يمكن تحميل مسؤولية مشاكل مدينة عمرها سنوات إلى شخص واحد». وقالت الصفدي إن «كلّ دعم نعطيه للحريري في الحكومة يساعد في الإنماء».
في المقابل، أعلن النائب فيصل كرامي أنّه قرر مقاطعة الانتخابات اعتراضا على قرار المجلس الدستوري. واعتبر أنّ غياب الخطاب السياسي وهيمنة الخطاب التحريضي والوعود الفارغة هي من الأسباب التي دفعت الطرابلسيين إلى عدم الاقتراع، مؤكداً أنّه لا يعترف بهذه الانتخابات. وقال إن «ما يهمنا اليوم هو الإنماء في مدينة طرابلس والتعيينات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».