قوات النخبة العراقية تلاحق «داعش» في تلال حمرين

بمشاركة طيران التحالف الدولي

عناصر في القوات العراقية تتقدم بمعيّة {الحشد الشعبي} جنوب الموصل لمطاردة {داعش} باتجاه الأنبار في 2017 (أ.ف.ب)
عناصر في القوات العراقية تتقدم بمعيّة {الحشد الشعبي} جنوب الموصل لمطاردة {داعش} باتجاه الأنبار في 2017 (أ.ف.ب)
TT

قوات النخبة العراقية تلاحق «داعش» في تلال حمرين

عناصر في القوات العراقية تتقدم بمعيّة {الحشد الشعبي} جنوب الموصل لمطاردة {داعش} باتجاه الأنبار في 2017 (أ.ف.ب)
عناصر في القوات العراقية تتقدم بمعيّة {الحشد الشعبي} جنوب الموصل لمطاردة {داعش} باتجاه الأنبار في 2017 (أ.ف.ب)

تواصل قوات النخبة العراقية «جهاز مكافحة الإرهاب» بقيادة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي عمليتها، التي بدأت منذ يومين، والتي تستهدف مواقع تنظيم «داعش» في تلال حمرين.
وتعد هذه المنطقة التي تربط بين محافظتي ديالى (56 كلم شمال شرقي بغداد) وصلاح الدين (180 كلم شمال بغداد) أبرز مخابئ «داعش» التي لا يزال التنظيم يطلق منها عملياته منذ إعلان الانتصار العسكري عليه، أواخر عام 2017.
وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب، أمس، عن قتل 12 إرهابياً في عملية تلال حمرين حتى الآن. وقال المتحدث الرسمي باسم الجهاز صباح النعمان في مؤتمر صحافي إن «عملية تلال حمرين هي عملية نوعية، واستغرق التدقيق بها أكثر من شهر، وإن العملية أفشلت خطط التنظيم على المناطق المجاورة». وأضاف: «قتلنا 12 إلى 15 إرهابياً خلال عملية تلال حمرين، وعثرنا على وثائق مهمة جداً يجري تحليلها في جهاز مكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى أن «جهدنا الاستخباري أفشل خطط العدو لتأسيس قاعدة في تلال حمرين». ولفت النعمان إلى أن «الضربات الجوية أربكت قيادات التنظيم»، مبيناً: «قبل بدء عملية تلال حمرين كانت لدينا ضربات جوية لـ(التحالف الدولي) استهدفت 15 مضافة».
وأكد النعمان أن «الجهاز نفّذ عمليات سابقة قريبة على الحدود العراقية - الأردنية - السورية»، مشيراً إلى «عدم وجود تعاون مباشر مع القوات السورية». وتابع: «عقدنا العزم، وبتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة، على تطهير وملاحقة كل الإرهابيين خلال هذه السنة»، واعداً بـ«إنهاء الإرهاب في هذا العام».
وطبقاً لمصدر عراقي أمني مسؤول، فإن «هذه العملية التي سوف تستمرّ في محافظات أخرى من البلاد حتى نهاية (داعش) تتم بمشاركة طيران الجيش العراقي والتحالف الدولي». وأضاف المصدر الأمني الرفيع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أو موقعه، أن «عمليات تلال حمرين تأتي ضمن خطة كبيرة وزعت الأدوار فيها بين عدد من القوات والأجهزة الأمنية العراقية، وكل حسب الخطة المعدة له». وأضاف المصدر الأمني أن «قيادة عمليات الأنبار تنفذ عمليات تفتيش واسعة بقوة فرقة كاملة شمال الخط السريع، بينما يتولى جهاز مكافحة الإرهاب تنفيذ عمليات خاصة وإنزال لتدمير كل ملاذات (داعش)»، مشيراً إلى أن «العملية لا تزال مستمرة، وتحقق نتائج مهمة، بمشاركة قيادة عمليات صلاح الدين التي بدأت حملة واسعة في تفتيش مناطق جزيرة تكريت».
وحول أهمية هذه العملية يقول الخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «حين فقدت وحدات (داعش) التقليدية سيطرتها الفعلية على مناطق شمال وشمال شرقي ديالى ومناطق أخرى كانت تسيطر عليها نهاية عام 2015، أهملت المنطقة»، مبيناً أن «ذلك أدى إلى تمكين ما يُعرف بـ(قاطع ديالى) في تنظيم (داعش) من التكيف مع واقع الهزيمة وإعادة تأهيل عناصره والاعتماد على العناصر المحلية والتمويل الذاتي والتحصن بالموانع الطبيعية المتمثلة بتلال ووديان وكهوف حمرين».
وأوضح الهاشمي أن «منطقة تلال حمرين برزت في السنوات الأخيرة باعتبارها كبرى المناطق المفتوحة التي تحمل مخاطر إرهابية، ليس على مستوى محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين فقط، ولكن على مستوى العراق، إذ إن هناك امتداداً لشبكات الإرهاب من ديالى مروراً بمنطقة شرق صلاح الدين وصولاً إلى جنوب كركوك». ويشير إلى أن «أهمية المنطقة تعود إلى سهولة توغُّل التنظيمات المتطرفة فيها، إذ على الرغم من مساحتها الواسعة التي تُعتبر فاصلة بين كثير من المحافظات، فإنها كذلك منطقة حدودية مع إيران، وإنها تُعدّ واقعياً أقرب طريق بين بغداد وغرب إيران ويمر بها أهم طرق إمدادات الطاقة والتجارة بين كل من إيران والعراق، وهذا ما يجعل من المنطقة ذات قيمة حيوية لأمن الطاقة العراقية».
ويكشف الهاشمي أنه «بحسب اعترافات الذين ألقي القبض عليهم في (قاطع ديالى) فإن التنظيم يتعرض للتفكك الذاتي، وهذا ينبغي استغلاله من قبل المخطط العسكري والأمني العراقي، ويشمل ذلك قتل معظم القيادات المؤسسة، وعدم السماح للقيادات البديلة بملء الفراغ التنظيمي الذي تركته القيادات السابقة». وتابع: «هناك تأكيدات بأن عدداً كبيراً من الأفراد قد غادر التنظيم إلى جهة مجهولة، وآخرين نكثوا البيعة وعادوا إلى بيعة تنظيم القاعدة».
من جهته، يرى الخبير الأمني فاضل أبو رغيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه العملية محدودة، ولن تستطيع تنفيذ المهمة كاملة لجملة أسباب، أهمها وعورة تلك المناطق، واختلاف تضاريسها، فضلاً عن تخفي التنظيم بصورة متقنة ومتحركة ككثبان رملية». ويضيف أبو رغيف أن «العمليات القتالية من شأنها أن تحدّ من قدرات هذا التنظيم، لكن من الصعب القول إنها تنهيه».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».