برشلونة ليست كمثلها من المدن.. وناديها «أكثر من مجرد ناد»

عدة أسباب تدعو العرب لزيارتها

منظر عام لبرشلونة تبدو فيه كنيسة العائلة المقدسة
منظر عام لبرشلونة تبدو فيه كنيسة العائلة المقدسة
TT

برشلونة ليست كمثلها من المدن.. وناديها «أكثر من مجرد ناد»

منظر عام لبرشلونة تبدو فيه كنيسة العائلة المقدسة
منظر عام لبرشلونة تبدو فيه كنيسة العائلة المقدسة

محبو رياضة كرة القدم، لا سيما مشجعو نادي برشلونة الملقب باسم «بارسا» يدركون تماما الشعار الشهير الذي يتغنى به النادي وهو Més que un club» » ويعني بالعربية «أكثر من مجرد ناد» بالإشارة إلى أهمية النادي الذي يضم ألمع اللاعبين أمثال ميسي ونيمار واللاعب المثير للجدل سواريز، وبما أن النادي هو أكثر من مجرد ناد فلا بد أن تكون المدينة التي تحويه متفردة هي أيضا وليست مجرد مدينة عادية، والواقع يثبت أن برشلونة ليست مجرد مدينة سياحية أوروبية إنما هي أكثر من ذلك وبالتحديد هي أشبه بمتحف مفتوح للفن والإبداع والرياضة والأكل والتبضع..
لا يختلف اثنان على روعة وجمال بلاد المتوسط بشكل عام، ولكن إذا كنت قد زرت إسبانيا فلا بد أن تكون قد كونت فكرة عن تفرد هذه البلاد المتوسطية، واللافت هو التنوع الجميل الذي تنفرد به تلك البلاد الدافئة، فلكل مدينة فيها تاريخها وقصتها وخصالها وأطباقها وموقعها، ولكن تبقى برشلونة التي تعد ثاني أكبر مدينة في البلاد بعد العاصمة مدريد من أجمل مدن إسبانيا الكبرى التي وهبها الخالق البحر والشمس والجغرافيا والتاريخ لتكتمل الصورة التي يبحث عنها المتعطش للفن القديم والحديث وصاحب الذوق الرفيع والمهتم بالفن والسائح النهم المحب لمعدته.
إلى جانب ما تتميز به برشلونة هو كونها عاصمة كاتالونيا (من بين 17 منطقة تتمتع بحكم ذاتي في إسبانيا) يعيش فيها أكثر من مليون و600 ألف نسمة في حين يتعدى عدد سكانها في ضواحيها الأربعة ملايين نسمة لتحتل بذلك المرتبة السادسة من حيث الاكتظاظ السكاني في أوروبا.
تختلف برشلونة عن باقي المدن الإسبانية بتمتعها بلغتها الخاصة «الكاتالونية»، فبمجرد وصولك إلى المطار سوف تشعر بالتأثير الكاتالوني على المدينة، فجميع اللافتات تكتب باللغتين الكاتالونية والإسبانية، ويعرف أهالي برشلونة عن أنفسهم بالكاتالونيين وليس بالإسبان وهذا يدل على مدى اعتزازهم بتاريخهم وروابطهم القديمة التي خطها الزمن.
قبل يوم من إقلاع طائرتي إلى برشلونة بلغتني الخطوط البريطانية بخبر إلغاء رحلتي بسبب تزامنها مع وصول إعصار بيرتا في عز الصيف إلى بريطانيا، ولكن ولحسن الحظ، أشفقت الشركة البريطانية علينا نحن أهالي الكهف الهاربين من ظلمة الإعصار وصقعة لندن بعز الصيف وأمنت لنا رحلة أخرى بعد ساعتين من الموعد الذي كان مقررا، فجاءت بيرتا وغادرت دون أي أضرار تذكر، وانطلقت الرحلة إلى مدينة الشمس والدفء والفن.

* المشهد الأول
بعد مغادرة مطار برشلونة الدولي سوف تبدأ رحلتك بالفعل، كل ما في شوارعها العريضة يذكرك بالفن، ويجعلك تشعر وكأنك تعرف الفنان غاودي وبيكاسو وميرو معرفة شخصية، كيف لا وكل ما في جمال وروعة في هندسة الأبنية يشهق بالفن الراقي والهندسة الفريدة، ولافتات لا تنتهي لمتاحف ومعارض فنية.
زيارتي صادفت في أغسطس (آب) وأجمل ما في هذا التوقيت هو أن المدينة تفتح ذراعيها للسياح بعدما هجرها أهلها في هذا الشهر، كما أن المعامل الكبرى تعطي فرصة سنوية لعمالها طيلة الشهر مما يجعل الطرقات شبه فارغة، تجد فيها وفرة في سيارات الأجرة وأعدادا هائلة من السياح من كل بقاع العالم لا سيما من منطقتنا العربية.

* 5 أسباب لزيارتها
خلال زيارتي رأيت الكثير من العائلات العربية من جميع الأعمار، وقد يكون السبب هو التنوع الذي تزخر به تلك المدينة الأنيقة، لأنها تؤمن ما يبحث عنه السائح مهما كانت اهتماماته، وقد يكون السبب الأهم الذي يجذب العرب لزيارتها هو إمكانية تناول العشاء في وقت متأخر جدا من الليل، وهذا ما لا يجده السائح العربي في عواصم أوروبية أخرى مثل لندن على سبيل المثال وليس التعميم. المطاعم في برشلونة تفتح مطابخها لغاية ساعة متأخرة من الليل، والسبب الثاني هو أنها تقدم فرصة المشي في شوارعها وخاصة عند الكورنيش المحاذي للمرفأ والشاطئ، وبالنسبة للعائلات التي تقضي عطلتها مع الصغار فتقدم لهم المدينة واحدة من أجمل حدائق الحيوان في أوروبا، ولمحبي التسوق يعد شهر أغسطس (آب) من أفضل أشهر الصيف لاقتناص فرص شراء السلع بأسعار مخفضة جدا، وللعرب الذين لا يقاومون العيش من دون «نفس» شيشة، تقدم لهم برشلونة مقاصف كثيرة ومميزة تقدم الشيشة والمأكولات العربية في المنطقة القريبة من المرفأ، ولمحبي الرياضة وكرة القدم فلا يمكن أن تخذلهم زيارة استاد نادي برشلونة في منطقة «دياغونال» حيث تنظم رحلات إليه يوميا يشاهد فيها الزائر ما وراء كواليس النادي والملعب مع دليل سياحي يقدم معلومات جمة عن النادي الذي يفوق عمره المائة عام ويعد النادي الرياضي الوحيد في العالم الذي يرتكز في تركيبته على المبدأ الخيري الذي يستفيد منه العاملون به الذين يتمتعون بالقدرة على شراء أسهم تجارية فيه والاستفادة الربحية منها.

* أهم الزيارات
من المستحيل التعريج على كل المعالم السياحية في برشلونة في مقال واحد بسبب كثرتها، ولكن لا يمكن أن نغض الطرف عن أماكن سياحية أساسية في برشلونة مثل:

1 - شارع لا رامبلا La Rambla: ويعد العصب الحيوي للمدينة فهو يتوسط كل المعالم الجميلة في المدينة وكل الطرقات تصب فيه، إنه شارع عريض وتتفرع منه شوارع صغيرة مخصصة للمشاة، وعلى الرغم من شهرته فإنه وللأسف يعد أكثر شارع ينتشر فيه النشالون في أوروبا، ولحسن الحظ لم أقع ضحية السرقة فيه إلا أن الوقاية والحذر لا بد منهما، فأنصح بعدم جذب أنظار المتطفلين من خلال وضع كمية واضحة من المجوهرات وعدم حمل حقائب يد كبيرة والاستعاضة عنها بحقائب صغيرة يمكن لفها حول الجسم.

2 - ساحة كاتالونيا Placa De Catalunya وتعد أشهر ساحة في برشلونة وقلبها النابض بالحيوية، وتنشر فيها أشهر المحلات التجارية، أقرب محطة مترو للوصول إليها: كاتالونيا.

3 - الحي القوطي The Gothic Quarter وهو يتفرع عن شارع لا رامبلا، وبمجرد المشي في أزقته الضيقة تشعر وكأن عقارب الساعة تأخذك إلى الوراء، فهذه المنطقة شهيرة بأبنيتها القديمة التي يعود بناؤها إلى القرن العاشر الميلادي وأهم ما يمكن أن تزوره في المنطقة متحف بيكاسو والكنيسة القديمة.

4 - كازا ميلا Casa Mila منزل صممه المبدع الفنان الإسباني غاودي، يمكن الدخول إليه والوصول إلى سطحه لتستمتع بأجمل مناظر المدينة.

5 - تيبيدابو Tibidabo منطقة جبلية يمكن الوصول إليها عبر التلفيريك، وتشتهر بموقعها الرائع المطل على مدينة برشلونة، وفيها مدينة ألعاب وملاه كبرى، ويمكنك زيارة الكاتدرائية الواقعة على قمة تلك الهضبة ومقابل مبلغ 2 يورو ونصف للشخص الواحد يمكنك أن تستقل المصعد الكهربائي للوصول إلى السطح لتمتع ناظريك بأجمل مشهد مطل على المدينة.

6 - ملعب نادي برشلونة، وتنظم فيه رحلات تعريفية مع إمكانية التقاط الصور على مدرجاته وما وراء الكواليس.

7 - حديقة غويل Park Guell وتعد من أجمل حدائق برشلونة وهي امتداد لإبداع الفنان غاودي وتعد تحفة حقيقية من بين التحف التي تزخر بها أوروبا.

8 - كنيسة ساغرادا فاميليا The Sagrada Familia وتعني كنسية العائلة المقدسة قصتها فريدة من نوعها، إذ بدأ الفنان غاودي ببنائها عام 1882 وتوفي قبل التمكن من الانتهاء من مشروعه، ولا يزال العمل مستمرا حتى يومنا هذا للانتهاء من بنائها، تعد من أجمل الأبنية في أوروبا ويمكن زيارتها من الداخل، يستغرق وقت الانتظار في الطابور للدخول نحو 40 دقيقة.

9 - حديقة الحيوان Parque De La Ciudadela تعد من أكبر حدائق الحيوان في أوروبا وتشتهر بوجود غوريلا نادر جدا فيها، إضافة إلى وجود برك مائية جميلة جدا ونوافير ماء من تصميم غاودي.

10 - متحف بيكاسو Museu Picasso ويضم أشهر لوحات الرسام المبدع في بداياته، ويقع في وسط الحي القديم.

11 - ساحة ريال Placa Reial وتعد من أجمل الساحات في المدينة، تتوسطها نافورة جميلة وتحيط بها المطاعم التي تقدم الأكل في الهواء الطلق، هذه الساحة قريبة جدا من لا رامبلا والحي القوطي.
12 - منطقة مول دي غريغال Moll De Gregal وتمتد عند محيط المرفأ، تنشر فيها مطاعم السمك والمطاعم العربية ومنها تنطلق في رحلة ممتعة للمشي بمحاذاة الشاطئ تصل من بعدها إلى فندق «دبليو» الذي يعد من معالم برشلونة السياحية الجديدة.

* عناوين الذواقة
عندما تزور برشلونة انس موضوع اتباع حمية غذائية صارمة وسعرات حرارية معدودة، لأن المطاعم المتخصصة بتقديم أطباق التاباس الإسبانية لا تحصى ولا تعد، وهي أشبه بالمازة العربية تقدم أطباقا مختلفة صغيرة من أشهرها الفلفل الأخضر المقلي « Padron peppers » وعجة البيض والبطاطس « Tortilla» والجمبري بالثوم « Gambas al ajillo»، ومن أشهر الأماكن التي تقدم التابس التقليدية في برشلونة:

1 - لا فوندا ديل بورت أوليمبك La Fonda Del Port Olimpic ويقع بمحاذاة المرفأ ويشتهر بتقديم كافة ثمار البحر بما فيها التاباس (السعر لا يتعدى الـ25 يورو للشخص الواحد).

2 - إيراتي تافيرنا باسكا Irati Taverna Basca ويعد من بين أهم مطاعم التاباس في برشلونة بحسب موقع «تريب أدفايزر».

3 - ميرابلو Mirablau وما يميز هذا المطعم هو موقعه المطل على مدينة برشلونة لأنه يقع أعلى الجبل عند نقطة «تيبيدابو» ويقدم كل أنواع التاباس (السعر لا يتعدى العشرين يورو للشخص).

4 - سيوداد كوندال Ciudad Condal ويقع عند شارع لا رامبلا، وبحسب أهالي برشلونة فهو أفضل مكان يقدم التاباس والأطباق الإسبانية الأخرى، ولكن يتوجب عليك الانتظار نحو الأربعين دقيقة، إلا أنه يستحق الانتظار لأن أطباقه فريدة بالفعل ولا يمكن أن تتذوقها في أي مكان آخر (السعر لا يتعدى الـ25 يورو للشخص)

5 - ديليسياس Delicias ويقع في الحي القديم ويقدم الأطباق التقليدية، ما يميزه زقاق صغير يمكن الجلوس فيه على طاولات كانت بالأصل براميل خشبية لنقل لتخزين الزيت والمشروبات (السعر لا يتعدى الثلاثين يورو للشخص).

6 - ومن بين أفضل الأماكن التي يفضلها متتبعو موقع «تريب أدفايزر» Cardina Casanas, Quimet, La Cova, Rure, Morrysom, Tossa, Maitea, Casa Jacinta.

* الفنادق
مثل أي مدينة أوروبية كبرى تجد الكثير من الفنادق من جميع الفئات وبمختلف الأسعار.
وفي برشلونة خيارات واسعة للفنادق وأهمها: الريتز، أرت، دبليو، ذا بالاس
كل هذه الفنادق موجودة في وسط المدينة، وإذا كنت تبحث عن فندق جيد من فئة خمس نجوم يبعد عن وسط المدينة بنحو عشر دقائق بواسطة مترو الإنفاق أو التاكسي، أنصحك بفندق «برينسيسا سوفيا» في منطقة دياغونال أو «إن إتش» في وسط منطقة لا رامبلا.
وللحصول على أفضل الأسعار للإقامة في برشلونة أنصحك بالاستعانة بأحد المواقع الإلكترونية المتخصصة بالفنادق، مثل Booking.com , hotels.com

* التسوق
تنتشر في برشلونة المحلات التجارية في كل زاوية وزقاق وشارع، من أشهر المحلات التجارية فيها والتي ستراها أينما حللت وسترى أكياسها باللونين الأخضر والأبيض «كورتي إنغليس» Corte Ingles، وإذا كنت تبحث عن الماركات العالمية الراقية فما عليك سوى التوجه إلى شارع «باسيج دي غراسيا» Passeig De Gracia وعلى طول شارع لا رامبلا تنتشر المحلات التجارية، وللتبضع في أماكن أقل زحمة يمكنك التوجه إلى المراكز التجارية «المولات» في منطقة دياغونال.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».