المغرب: اتفاق وشيك بين الحكومة والنقابات العمالية

TT

المغرب: اتفاق وشيك بين الحكومة والنقابات العمالية

كشف مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أمس، عن اتفاق وشيك بين الحكومة والنقابات، سيعلن عنه خلال الأيام المقبلة.
وقال الخلفي في لقاء صحافي عقده عقب اجتماع الحكومة، إن هناك اتفاقاً مبدئياً سيتم تدقيقه بين مختلف الأطراف إلى حين التوصل إلى توافق، ومن ثم الإعلان عنه من قبل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
ويأتي هذا الاتفاق بعد سلسلة لقاءات عقدها عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، مع زعماء الاتحادات العمالية التي ظلت متشبثة بمطلب الزيادة الشاملة في رواتب العمال والموظفين. وقد عقد لفتيت أمس لقاء مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب (اتحاد أصحاب الأعمال) والأمناء العامين للمركزيات النقابية (اتحادات عمالية) لتدارس العرض الحكومي. واقترح وزير الداخلية على الاتحادات العمالية زيادة في الأجور في حدود 500 درهم (50 دولاراً) للسلالم (الدرجات) ما دون 10، الرتبة الخامسة، بالإضافة إلى زيادة في حدود 400 درهم (40 دولاراً)، ابتداء من السلم 10، الرتبة الخامسة.
وستبرمج هذه الزيادة على ثلاث دفعات؛ حيث سيتم صرفها على مدى سنة ونصف سنة؛ حيث سيفرج عن الدفعة الأولى في مايو (أيار) المقبل، والدفعة الثانية في يناير (كانون الثاني) 2020، بينما الدفعة الثالثة في يناير 2021.
ويشمل العرض الذي تقدمت به الحكومة، كذلك، زيادة في التعويضات العائلية في حدود 100 درهم (10 دولارات) عن كل طفل من الأبناء الثلاثة الأوائل. كما شمل العرض الحكومي العاملين في القطاع الخاص، عبر الزيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاعين الصناعي والتجاري والخدماتي، والحد الأدنى في القطاع الزراعي، بنسبة 10 في المائة، وهي الزيادة التي اقترح تفعيلها على دفعتين.
وكشفت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي)، أمس، بعد الاجتماع مع وزير الداخلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، أنه تم الاتفاق على مواصلة الحوار في أفق التوصل إلى اتفاق ثلاثي الأطراف، بعد التوافق على تحسين الدخل قبل الأول من مايو المقبل، الذي يصادف عيد العمال.
وأوضحت النقابة المغربية أنها طالبت وزير الداخلية بـ«ضرورة مأسسة الحوار الاجتماعي، ووضع كل القوانين الاجتماعية على طاولة التفاوض الجماعي، وتنفيذ الالتزامات المتضمنة في اتفاق 26 أبريل (نيسان) 2011، الذي وقع في عهد حكومة عباس الفاسي؛ مشيرة إلى أن كاتبها (أمينها) العام، عبد القادر الزاير، دعا خلال الاجتماع الثلاثي إلى «احترام الحريات النقابية، وضرورة إصدار وزارة الداخلية مذكرة إلى جميع الولاة والعمال (المحافظين) من أجل معالجة كل النزاعات الاجتماعية بمختلف الأقاليم، واتخاذ الدولة لمبادرات قوية لتجاوز الاحتقان الاجتماعي».
وعلى صعيد غير متصل، قررت السلطات المغربية ترحيل النزلاء المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة إلى مجموعة من المؤسسات السجنية الواقعة بشمال البلاد. وقالت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في بيان، إن هذا القرار يأتي غداة صدور أحكام استئنافية في حق مجموع النزلاء المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، وفي إطار تقريب هؤلاء النزلاء ما أمكن من ذويهم، والحفاظ بذلك على روابطهم الأسرية والاجتماعية.
وأوضح البيان أن المندوبية العامة اعتمدت في هذا التوزيع على معايير تنظيمية تخص مدة العقوبة المحكوم بها على كل واحد منهم، والتصنيف المعمول به للمؤسسات السجنية من حيث مدد العقوبة، مع مراعاة بعض الحالات الخاصة المرتبطة بالطابع الأسري والاجتماعي. ولم يحدد البيان مواقع السجون التي رُحِّل إليها المعتقلون، وعددهم 38، بينهم ناصر الزفزافي متزعم احتجاجات الحسيمة.
وكانت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قد أيدت ليلة الجمعة - السبت الماضية، أحكاماً ابتدائية بالسجن مدة 20 عاماً بحق الزفزافي (39 سنة) وثلاثة من رفاقه، بعد إدانتهم بتهم عدّة، من بينها «التآمر للمسّ بأمن الدولة». وتتراوح بقية الأحكام الابتدائية التي أكّدتها المحكمة بين السجن 15 عاماً، وسنة واحدة، بينهم أربعة يلاحقون في حالة سراح (إفراج).
كما أيّدت محكمة الاستئناف أيضاً سجن الصحافي حميد المهداوي لثلاث سنوات، نظراً لأنه لم يبلغ عن مكالمة هاتفية تلقّاها من شخص يتحدث فيها عن «إدخال أسلحة إلى المغرب لصالح الحراك».
ولجأ ناصر الزفزافي ومحمد الحاكي، المدان بالسجن 15 عاماً، إلى خياطة شفاهما احتجاجاً على ظروف الاعتقال، غداة تأكيد أحكام الإدانة في هذا الملف، لكنهما نزعا هذه الخيوط، الأربعاء، بعد مناشدات من دفاعهما ونشطاء حقوقيين.
وبينما دعت هيئات حقوقية وبعض المنظمات السياسية إلى «الإفراج عن المعتقلين»، مدينة في بيانات متفرقة ما اعتبرته «محاكمة غير عادلة»، قالت السلطات المغربية إن المحاكمة احترمت جميع شروط العدالة.
واعتقل المدانون في مدينة الحسيمة ونواحيها (شمال) ما بين مايو ويونيو (حزيران) 2017، على خلفية الحركة الاحتجاجية المعروفة، ونقلوا إلى الدار البيضاء حيث جرت محاكمتهم. وأفرج في أغسطس (آب) 2018 عن 11 منهم بموجب عفو ملكي.
ورفعت احتجاجات مطالب اجتماعية واقتصادية طوال أشهر، بين خريف 2016 وصيف 2017، بينما اتَّهمتها السلطات بخدمة أجندة انفصالية، والتآمر للمسّ بأمن الدولة. وقد خرجت أولى المظاهرات احتجاجاً على حادث موت بائع السمك محسن فكري، الذي لقي حتفه طحناً في شاحنة لتدوير النفايات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».