مئات الآلاف في الاعتصام المتواصل لليوم الخامس... والأمن يلغي مسيرة تابعة للنظام

قيادة الجيش السوداني تتراجع عن فض الاعتصام أمام مقراتها

احتجاجات امام مبنى قيادة الجيش السوداني أمس (أ.ف.ب)
احتجاجات امام مبنى قيادة الجيش السوداني أمس (أ.ف.ب)
TT

مئات الآلاف في الاعتصام المتواصل لليوم الخامس... والأمن يلغي مسيرة تابعة للنظام

احتجاجات امام مبنى قيادة الجيش السوداني أمس (أ.ف.ب)
احتجاجات امام مبنى قيادة الجيش السوداني أمس (أ.ف.ب)

أصاب الشلل التام، العاصمة السودانية الخرطوم، بسبب اعتصام الملايين أمام القيادة العامة للجيش للمطالبة بتنحي الرئيس البشير، المستمر طوال خمسة أيام، وأثناء ذلك رحب تجمع المهنيين السودانيين وحلفاؤه «قوى الحرية والتغيير» بانحياز أفراد وقيادات من «قوات الدعم السريع» وقيادات قوى نظامية جديدة للثورة.
وقال التجمع الذي ينظم الاحتجاجات والاعتصام إنه تلقى إشارات وتصريحات متعددة بانحياز هذه القوات للشعب. وأضاف أن الشرفاء من القوات المسلحة والشرطة «فعلياً في الميدان»، وقوبل وقوفهم في حماية الثورة الشعبية السلمية بارتياح كبير.
ودعا القوات النظامية كافة للعب دورها الوطني في حماية المواطنين العزل المعتصمين أمام القيادة العامة. وتعهد التجمع المهني بأن تظل أبواب الثورة مفتوحة لأي انحياز إيجابي باتجاه العدل والسلام وبناء المستقبل الأفضل، ودون تساهل في حق أحد. وانضم للمعتصمين أمس، ثوار قادمون من مدن ود مدني (وسط)، وبورتسودان، وكسلا، والدمازين (شرق)، وعطبرة (شمال)، ومدن أخرى لإسناد الاعتصام الهادف لإسقاط حكم البشير.
وانتقد التجمع موكب الموالين للحكومة كان مقرراً تنظيمه اليوم ووصفه بأنه محاولة بائسة لتهديد أمان السودان وسلمية الثورة، وقال: «سيفوتها عليهم الثوار بوعيهم وسلميتهم», لكن جهاز الأمن أعلن في وقت لاحق إلغاء هذه المسيرة لدواعٍ أمنية.
ولم تهاجم قوات الأمن المعتصمين فجر أمس، على خلاف توقعاتهم واستعداداتهم، حيث قاموا بانتظار هجوم مماثل لأحداث فجري الأحد والاثنين الماضيين، التي قتل فيها 21 وأصيب أكثر من 150 متظاهرا، وقال مصدر رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الأجهزة الأمنية تواجه مشكلة «انحياز» ضباط للمحتجين، وإن عملية الفض ستتواصل عقب حل هذه المشكلة.
وانتشر جنود الجيش السوداني بكثافة حول اعتصام خارج وزارة الدفاع أمس، بينما عمد بضعة آلاف من المحتجين إلى الرقص والغناء وترديد الشعارات التي تطالب الرئيس عمر البشير بالتنحي.
ونفى الناطق الرسمي باسم الجيش، اللواء أحمد خليفة الشامي في تصريحات لموقع «العربية. نت» أمس، وجود خطة لفض الاعتصام من حيث المبدأ، وذلك بعد يوم واحد من تصريحات منسوبة له بـ«وجود خطة أمنية من أجل فض اعتصام المحتجين حول قيادة الجيش»، تتضمن «تحييد قوات الجيش عن حماية المعتصمين عبر تجريد جميع العناصر الموجودة بالقيادة من سلاحهم».
ومنذ بدء الاعتصام السبت، شاركت قوات من الجيش السوداني في التصدي للأجهزة الأمنية، وأعلنت مخالفتها لـ«الأوامر» والوقوف مع المعتصمين، ووفرت لهم الحماية، مستخدمة الذخيرة الحية لصد هجمات الأمن والأجهزة الأخرى، ما تسبب في مقتل عدد من الجنود وإصابة بعضهم، وبينهم ضابط برتبة نقيب، بجراح.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.