احتجاجات في الجزائر للمطالبة بتنحية «الرئيس الثاني» للبلاد

الشرطة تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرات ضد تنصيب بن صالح

قوات الأمن تحاول منع متظاهر من اقتحام الحاجز الأمني خلال الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن تحاول منع متظاهر من اقتحام الحاجز الأمني خلال الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات في الجزائر للمطالبة بتنحية «الرئيس الثاني» للبلاد

قوات الأمن تحاول منع متظاهر من اقتحام الحاجز الأمني خلال الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن تحاول منع متظاهر من اقتحام الحاجز الأمني خلال الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)

«سنكون مضطرين لتنحية رئيس آخر في زمن قصير. فبعد إبعاد رئيس الجمهورية سندفع برئيس الدولة إلى الرحيل»...
هكذا صاح آلاف طلبة الجامعات بصوت واحد، أمس بالعاصمة الجزائرية، ردا على تعيين رئيس «مجلس الأمة» عبد القادر بن صالح، رئيسا لمرحلة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر. لكن الشرطة منعت مظاهرة الطلبة باستعمال المياه والقنابل المسيلة للدموع، وكان ذلك مؤشرا على تشدد غير مألوف من جانب السلطات، تجاه الحراك الرافض للنظام ورموزه.
وفوجئ المتظاهرون في ساحة البريد المركزي أمس، بصرامة غير معهودة من قوات الأمن، التي طوقت المكان، وحالت دون خروجهم من مكان التجمع للسير باتجاه قصر الحكومة، الذي يوجد على بعد بضعة أمتار. وتفرق المتظاهرون بعد ساعات من الاحتجاج ضد تعيين بن صالح رئيسا للدولة، كما ينص الدستور في حالة استقالة رئيس الجمهورية. وقال المحامي والناشط بالحراك طارق مراح، إن «مسيرات حاشدة جرت بعنابة (شرق)، ووهران (غرب) وفي أماكن أخرى، تنديداً بتعيين عبد القادر بن صالح، وندعو كل الجزائريين والجزائريات إلى الخروج بقوة في جمعة هذا الأسبوع، من أجل تنحيته وإسقاط الحكومة... انتهت منظومة الفساد».
ويرتقب أن يستدعي رئيس الدولة كتلة الناخبين بمرسوم رئاسي، تحسبا لتنظيم انتخابات الرئاسة بعد 3 أشهر، بدءا من تاريخ أمس، بحسب ما يرد في الدستور. وخلال الفترة المقبلة لا يمكن لرئيس الدولة أن يصدر أي قرار يخص شؤون الدولة، كأن يقيل وزيرا، أو يعين مسؤولا كبيرا في جهاز حكومي.
يشار إلى أن بن صالح عُيّن رئيسا للدولة أمس، مباشرة بعد تصويت أعضاء غرفتي البرلمان (613 عضوا) على شغور منصب رئيس الجمهورية، وذلك بعد أن قدم عبد العزيز بوتفليقة استقالته لـ«المجلس الدستوري» (2 من الشهر الحالي).
وقال بن صالح في خطاب قصير: «في هذه اللحظات التاريخية من حياة الأمّة، وفي هذا الوقت، حيث نصغي بإجلال إلى صوت الشعب الجزائري العظيم... فإننا أمام واجب وطني جماعي، يملي على الجميع وبإلحاح توفير أنسب وأنجع الظروف لإحاطة الفترة القصيرة القادمة بكل الأسباب المطلوبة للإسراع في تدشين مرحلة جديدة في حياة الأمّة... مرحلة يُمسك فيها الشعب الجزائري بمصيره عبر الاختيار الديمقراطي الحر لحكامه... وإنّي لأهيب بالجميع العمل بجد وإخلاص وتفان من أجل الوصول في أقرب موعد لإعادة الكلمة إلى الشعب حتى يتخذ قراره السيد في اختيار رئيسه المنتخب، لقيادة البلاد، واعتماد البرنامج الذي يرتئيه، ورسم معالم طريق مستقبله الذي نريده له واعدا».
وبدا بن صالح مرتبكا وضعيفا وهو يدخل «نادي الصنوبر»، حيث التأم البرلمان. ورفض أكثر من 100 برلماني حضور تنصيبه، وغالبيتهم من المعارضة، التي تعتبر بن صالح «رمزا من النظام البوتفليقي»، وتطالب بإقالته، وبتنحية رئيس «المجلس الدستوري» الطيب بلعيز (الرجل الثالث في الدولة)، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، المرفوضين شعبيا وبشدة. أما البرلمانيون الذين حضروا، فهم من أحزاب السلطة، وبعضهم ينتمي لـ«لثلث الرئاسي» لمجلس الأمة.
كما جاءت كلمة قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، أمس، التي كانت منتظرة منذ يومين، مخيبة لآمال ملايين المتظاهرين، على أساس أنه لم يأخذ بعين الاعتبار، على غير ما جرت العادة في الأسابيع الماضية، مطالبهم بخصوص «رحيل الباءات الثلاثة» وأولهم بن صالح.
وذكر قايد صالح أثناء وجوده بمنشأة عسكرية بوهران، كبرى مدن الغرب، أن «الجيش الوطني الشعبي سيواصل بذل قصارى الجهود الكفيلة بالدفع بكل مكوناته المختلفة إلى ما ينسجم ويتسق تماما مع حق الشعب الجزائري الشرعي في الاطمئنان الكامل على حاضر بلاده وعلى مستقبلها». وفهم من كلامه أنه يدعم مطالب الحراك. لكنه لم يبادر بخطوة ملموسة في هذا الاتجاه، كما فعل مطلع الشهر عندما جمع قيادات الجيش بوزارة الدفاع، وأمر «العصابة» (كما وصفها وكان يقصد المسؤولين بالرئاسة) بالتنحي عن الحكم، وهو ما تم في اليوم نفسه. كما تعهد مرتين في وقت سابق بتطبيق حرفي للمادة 7 من الدستور، التي تقول إن «الشعب هو صاحب السيادة»، وللمادة 8 التي تفيد بأن «الشعب هو مصدر السلطة التأسيسية».
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء سابقا، علي بن فليس، الذي يرأس حزب «طلائع الحريات»، عقب تنصيب بن صالح رئيسا للدولة: «أصبح من الواضح اليوم أنه لم يتم العمل قط بالمادتين السابعة والثامنة من الدستور، وانحصر الأمر فقط في المادة 102 (شغور منصب الرئيس بالاستقالة أو في حال مرض خطير أو الوفاة) كحلّ وحيد وحصري لمعضلة شغور المؤسسة الرئاسية. غير أن التطبيق الحرفي والكامل للمادة 102 لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشكل إجراء للتهدئة في السياق الحالي، الذي يتميز بحساسية استثنائية؛ بل بالعكس. فهو من شأنه ومن طبيعته أن يغذي بشكل أكبر مرارة الشعب وغضبه، ويزيد الأزمة الاستثنائية المتسمة بالخطورة والحساسية، تشعبا وتعقيدا».
من جهتها، قالت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، إن «الإصرار على تنصيب بن صالح رئيسا للدولة، رغم الإرادة الشعبية، هو تحدّ صارخ واستفزاز خطير للجزائريين، وهو استخفاف بعقولنا جميعا باستمرار منظومة الحكم نفسها، التي نطالب برحيلها جميعا. وهو استغباء لهذه الملايين التي خرجت بمطلب واضح، وهو استقالة الباءات الثلاثة. وهو أيضا إدمانٌ على السياسات والذهنيات نفسها، التي ستؤدي إلى المصير نفسه، الذي اضطرّ إليه بوتفليقة بالخروج غير المشرّف من السلطة». مبرزة أنه «لا يُعقل أن تضغط مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، من أجل استقالة بوتفليقة، ولا يتم التناغم مع الشعب في مطلبه برحيل بن صالح، وهو ما يدخل الشكّ في هذه المؤسسات، ويوحي بتواطئها على فرض الأمر الواقع مجدّدا... وهذا يؤكد أنّ كلّ مؤسسات الدولة تتحمل المسؤولية السياسية في فرض العهدة الرابعة، ومحاولة فرض العهدة الخامسة، لولا الهبة الشعبية العارمة».
أما المحامي والناشط السياسي مقران آيت العربي، فقال من جانبه: «بوصول بن صالح إلى قصر الرئاسة، وبقاء بدوي في قصر الحكومة، وبلعيز على رأس المجلس الدستوري، تدخل الثورة المضادة لإرادة الشعب مرحلتها العملية. إن تنظيم الانتخابات الرئاسية تحت قيادة مهندسي التزوير والفساد، وفي ظرف 90 يوما سيؤدي لا محالة إلى بقاء النظام لمدة جيل على الأقل».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.