الجيش الليبي يسيطر على ضواحي طرابلس... والسراج يلجأ للطيران

مواجهات مع ميليشيات طرابلس و«سرايا بنغازي» تدخل المعركة

قوات تابعة لمصراتة تتمركز في تاجوراء شرق طرابلس (رويترز)
قوات تابعة لمصراتة تتمركز في تاجوراء شرق طرابلس (رويترز)
TT

الجيش الليبي يسيطر على ضواحي طرابلس... والسراج يلجأ للطيران

قوات تابعة لمصراتة تتمركز في تاجوراء شرق طرابلس (رويترز)
قوات تابعة لمصراتة تتمركز في تاجوراء شرق طرابلس (رويترز)

واصل المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، تجاهله دعوة مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى الوقف الفوري لكل التحركات العسكرية في اتجاه العاصمة طرابلس، حيث استمرت قوات الجيش في خوض معاركها على أكثر من محور في ضواحي العاصمة، تمهيداً لدخولها.
وبدا أن حفتر، يخطط لما بعد إعلان تحرير طرابلس إذ عقد أمس، اجتماعا رفيع المستوى بمقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي شرق البلاد، مع رئيس الحكومة المؤقتة الموالية له عبد الله الثني ورئيس الأركان العامة للجيش الفريق عبد الرازق الناظوري ووزير الداخلية إبراهيم بوشناف، لبحث ترتيبات تأمين طرابلس.
وبدأت قوات الجيش، التي لم يعد يفصلها سوى كيلومترات قليلة فقط عن وسط طرابلس، حيث مقر الوزارات الرئيسية التابعة لفائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، في خوض قتال مباشر وجها لوجه مع الميليشيات المسلحة في طرابلس الموالية للسراج، الذي عين أمس، العقيد طيار محمد قنونو، ناطقا رسميا باسم الجيش التابع له، كما شكل غرفة عمليات مشتركة بقيادة اللواء أسامة الجويلي، تعود تبعيتها لرئيس أركانه الفريق الشريف، وتضم آمر المنطقة الوسطى وآمر قوة مكافحة الإرهاب.
وأعلن الجيش الوطني في بيان له أمس، في حدث وصفه بأنه «تاريخي غير مسبوق» لأهل ليبيا، أن قواته بسطت أمس، سيطرتها على كامل مطار طرابلس الدولي وتقوم بعملية تأمينه كنقطة انطلاق للسيطرة على مواقع حيوية أخرى داخل العاصمة في الساعات القليلة المقبلة، فيما وزعت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش فيديو يظهر وصول تعزيزات عسكرية إلى مكانها المحدد ضمن عملية «طوفان الكرامة» التي أطلقها حفتر.
ودخل سلاح الجو للمرة الأولى على خط المعركة، بعدما قصفت مقاتلات تابعة لحكومة السراج تمركزات لقوات الجيش الوطني، وقال مصدر عسكري في تصريحات له أمس، نقلتها وسائل إعلام محلية، إن «طائرات حربية انطلقت من القاعدة الجوية بمصراتة، نفذت 3 ضربات جوية استهدفت قوات الجيش في غريان ومزدة بجنوب طرابلس»، لافتا إلى أن الغارات كانت تستهدف تجمع آليات وذخائر في المواقع المذكورة.
لكن وسائل إعلام محلية قالت في المقابل، إن عائلة لقت حتفها جراء قصف منزلها بالخطأ من الطائرات التي تتبع السراج، فيما رد الجيش الوطني بإعلان المنطقة الغربية منطقة عمليات عسكرية يمنع الطيران فيها لأي طائرة حربية أو طائرة تصوير جوي من أي جهة كانت.
ووصف فتحي باشا أغا وزير الداخلية بحكومة الوفاق، الوضع الأمني في مدينة طرابلس بأنه جيد وممتاز، وقال في تصريحات تلفزيونية له مساء أول من أمس، إن قواته استعادت السيطرة على المطار بعد تسلل وحدات من قوات حفتر إليه، وإن المعارك تدور الآن في منطقة قصر بن غشير، مشيرا إلى أنها ستستمر حتى «دفع المهاجمين إلى المكان الذي أتوا منه في الرجمة»، المقر الرئيسي لقيادة حفتر.
لكن مصدرا مسؤولا في وزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة الموالية لحفتر في شرق البلاد، أعلن في المقابل «انشقاقات واسعة في صفوف رجال الأمن بمناطق غرب ليبيا عن داخلية السراج». وأضاف المصدر أن مجموعات من جهاز الدعم المركزي في العاصمة طرابلس، فتحت قنوات اتصال مباشر مع وزير الداخلية إبراهيم بوشناف وقامت بتشكيل خلايا عمل داخل العاصمة لتأمينها ساعة الصفر بالتنسيق مع غرفة عمليات الجيش.
وأعلن مصطفى الشركسي قائد تنظيم «سرايا الدفاع عن بنغازي»، في فيديو مصور يعتبر أول ظهور علني له بعد اختفائه منذ نحو عامين، انضمامه إلى صفوف قوات السراج للتصدي للجيش في المنطقة الغربية. كما دعا الشركسي، قوات الجيش التي وصفها بـ«مجموعات من العاطلين عن العمل الباحثين عن المال، إلى الاستسلام»، مطالبا كل العسكريين بدعم من وصفهم بالثوار في طرابلس ومحيطها بالمعلومة والخبرة.
وفرضت قوات الجيش الوطني سيطرتها الكاملة على مطار طرابلس الدولي وأحكمت الطوق على جنوب العاصمة طرابلس، وفقا لما أعلنه الناطق الرسمي باسم الجيش اللواء أحمد المسماري، الذي قال مساء أول من أمس، في مؤتمر صحافي: «وصلنا إلى الموقع وفرضنا سيطرة كاملة عليه كما قمنا بالسيطرة على مدينة العزيزية والسواني، وبالتالي أحكمنا الطوق الجنوبي للعاصمة».
وأظهرت لقطات مصورة عناصر من «الكتيبة 155» التابعة للجيش وهي تعلن السيطرة على المدخل الجنوبي للعاصمة طرابلس المؤدي إلى المطار الدولي، كما نجحت في السيطرة على مدينة ترهونة وصولا إلى بلدية قصر بن غشير الواقعة على بعد 28 كيلومترا جنوب طرابلس.
وأضاف المسماري: «قواتنا تسيطر على بلدتي ترهونة والعزيزية القريبتين من طرابلس وهي تتقدم بخطى ثابتة، وحينما نتحدث عن قصر بن غشير وسواني وبن يادم ومحطة الرمل فإننا دخلنا طرابلس وغدا سنكون وسطها»، مؤكدا أن عملية تحرير طرابلس لن تتوقف حتى تنهي مهمتها.
وأعلن المسماري أن «الوحدات العسكرية فقدت خمسة (شهداء) أمس واليوم في طريق تقدمها نحو طرابلس»، مشيرا إلى «أسر 123 جنديا» في منطقة الـ27 كيلومترا غرب طرابلس، التي سيطرت عليها قوات الجيش قبل أن تستعيدها قوات موالية لحكومة السراج لاحقا.
وسعت حكومة السراج إلى إعاقة التقدم المطرد لقوات الجيش، إذ نفذت طائرات حربية تابعة لها انطلقت من قاعدة مصراتة الجوية غرب البلاد، ضربة جوية استهدفت قوات الجيش في منطقة أبو غيلان جنوب طرابلس، لكن دون أي خسائر. وطبقا للمسماري فقد رصدت قوات الجيش «تحركات صوب الجفرة الواقعة على بعد نحو 650 كيلومترا جنوب شرقي طرابلس، من قبل قوات مسلحة» لم يسمها، مضيفا: «نحن نعرف جيداً الوجهة التي جاءت منها ونحذرها من الاستمرار في التقدم».
وقال سكان إن قوات من مدينة مصراتة الواقعة شرق طرابلس أرسلت مزيدا من التعزيزات للدفاع عن السراج، إذ دفعت قوات متحالفة مع حكومته بالمزيد من الشاحنات الصغيرة المزودة بالأسلحة الآلية إلى طرابلس للدفاع عن العاصمة في مواجهة قوات الجيش الوطني.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.