«الأوقاف» المصرية تشدد إجراءات حماية المساجد عقب الاعتداء على «إمامين»

هددت بعزل أي مسؤول يسمح بصعود خطيب «غير رسمي» للمنابر

TT

«الأوقاف» المصرية تشدد إجراءات حماية المساجد عقب الاعتداء على «إمامين»

أكدت وزارة الأوقاف المصرية «اعتزامها إعداد مشروع قانون يُغلظ عقوبة الاعتداء على دور العبادة والمصلين والعاملين بها أثناء أدائهم مهام عملهم بما يناسب حرمتها وقدسيتها». وشددت الوزارة مجدداً على عدم صعود أي خطيب «غير رسمي» لمنابر المساجد. إجراءات الأوقاف جاءت بعد واقعة مقتل «إمام غير رسمي» داخل «زاوية» في ضاحية الهرم بالجيزة خلال صلاة الجمعة، ومن قبلها حادثة الاعتداء على إمام مسجد بالإسكندرية أثناء خطبة الجمعة.
يأتي هذا في وقت دخلت فيه «الزوايا» أو المساجد الأهلية الصغيرة مرمى الاتهامات من جديد. وشددت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، أمس، «على ضرورة التصدي لـ(الزوايا) غير المرخصة بالغلق، والإعفاء الفوري من العمل القيادي والإحالة للنيابة المختصة، لأي مسؤول يسمح بصعود شخص غير مصرح له بالخطابة على المنابر». ووجه الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أمس، خطاباً لجميع المحافظين «أكد فيه عدم السماح بفتح أي (زوايا) أسفل البنايات من دون تصريح كتابي مسبق من الوزارة والمحافظة معاً، وذلك لا يتم إلا في حالة الضرورة القصوى». وهي الحالة التي فسرها مصدر في الأوقاف لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «تعني أنه في حال عدم وجود مسجد جامع أو أرض فضاء لبناء مسجد جامع، وعدم وجود أي مسجد بديل بالمنطقة المراد فتح زاوية بها، وحتى في حالة الضرورة، يقتصر الأمر على إقامة شعائر الصلاة، دون خطبة الجمعة أو أداء الدروس الدينية، وذلك لوقف العشوائية، أو توظيفها لأغراض لا تتفق مع الخطاب الديني الوسطي».
وكان وزير الأوقاف، أقال مساء الجمعة، الشيخ محمد نور مدير مديرية الجيزة، والدكتور هيثم معوض مدير إدارة الهرم (التي تقع في نطاقها الزاوية التي شهدت واقعة القتل)، والشيخ علي موافي مفتش الإدارة، من مناصبهم. وقالت الأوقاف إن «الإقالة بسبب تقصيرهم في واجبهم، وعدم تنفيذ التعليمات بعدم إقامة صلاة الجمعة في (الزوايا)؛ والسماح لشخص غير مرخص له بالخطابة باعتلاء المنبر». ونفى الوزير أمس «أي علاقة لوزارته بالإمام الذي قتل في زاوية (الرحمة) بالهرم».
من جهته، قال الدكتور جابر طايع، رئيس القطاع الديني، المتحدث باسم الأوقاف، إن «الزاوية التي وقع بها الحادث تقع ضمن (الزوايا) المخطط غلقها، وإمام الزاوية طالب في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وليس إماماً وخطيباً بالوزارة».
وواصلت النيابة العامة تحقيقاتها أمس، في الحادثة، حيث «استمعت لأقوال عدد من شهود العيان والمصلين الذين ألقوا القبض على المتهم».
وفي مايو (أيار) عام 2018، أعلنت الأوقاف أنها «أغلقت 20 ألف (زاوية) كانت أوكاراً للمتطرفين». وسبق أن وضعت الحكومة المصرية إجراءات مشددة على المساجد، منذ سقوط حكم «الإخوان» عام 2013، وقصرت الخطب والدروس على الأزهريين، ووحدت موضوع خطبة الجمعة، وراقبت صناديق التبرعات. ورغم قرار حكومي في عام 2014 بحظر إقامة صلاة الجمعة في «الزوايا» التي تقل مساحتها عن 80 متراً؛ فإن المصدر في الأوقاف قال إن «القرار لم ينفذ على أرض الواقع لصعوبة حصر (الزوايا)، وكثير منها تقام بها صلاة الجمعة حتى الآن».
الوزير جمعة، أكد في تصريحات سابقة أن «الزوايا استغلت خلال العقود الماضية، إما لتعيين عمال بها، وبعضها استخدمته الجماعات الإرهابية لنشر الأفكار المتطرفة». تحفظات الأوقاف على «الزوايا» تأتي وسط مطالبات شعبية برفض إغلاق بعضها؛ واقترح سالم ياسين، أحد المترددين على «الزوايا» في شرق القاهرة لـ«الشرق الأوسط»، «ترخيصها، وتحسين مستوى المرافق والمباني بها، وتعيين مشايخ ينشرون الفكر الوسطي للخطابة فيها، واختيار من يقومون على شؤونها، ليكونوا مسؤولين أمام الحكومة، وفقاً للضوابط القانونية».
وفي مارس (آذار) عام 2016، قضت محكمة مصرية بأحقية الأوقاف في ضم جميع المساجد الأهلية الصغيرة والإشراف عليها، لإبعادها عن السياسة ونشر الفكر المتشدد. وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها حينها أنه «لا يجوز مطلقاً استخدام منابر (الزوايا) لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو طائفية أو لإثارة الفتن». ولا يوجد حصر رسمي لـ«الزوايا»؛ لكن هناك إحصائيات غير رسمية تُقدرها بنحو 120 ألف مسجد صغير و«زاوية» لا تتبع الأوقاف، ما دعا نواباً في البرلمان المصري إلى المطالبة في وقت سابق «بضرورة إحكام السيطرة عليها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».