مع تحوُّل الصحة والعافية لأن يكونا المقياس الجديد للنجاح في عالمنا المعاصر، صرنا نتقلب بين المتنوع والمختلف من أنواع الأطعمة المثالية (الغنية بالمغذيات والعناصر المفيدة) أكثر من أي وقت مضى.
والهند من كنوز العالم الدفينة للأطعمة ذات الفوائد العلاجية الباهرة، المسماة بالأطعمة المثالية، التي تنتقل بحالتك الصحية إلى آفاق عالية وخصر أنحف بعض الشيء. وهي أطعمة مفعمة بالمغذيات ومضادات الأكسدة، التي يمكن اعتبارها من أفضل الحلول لمشكلات أوقاتنا الراهنة المسمومة بكل ما هو اصطناعي وغير صحي، مع المساعدة في منع ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، والإمساك، وزيادة الوزن غير الضرورية. وتقول خبيرة التغذية كاميني راي إن المفتاح الحقيقي يكمن في تناول الأطعمة الصحيحة. وعليك أن تعرف أي نوع من الأطعمة يناسبك، ويعزز من عملية الأيض لديك ويؤدي بك إلى صحة أفضل بمرور الوقت. وبعض من الأطعمة الهندية الأصيلة ذات القيم الغذائية المثالية هي على النحو التالي:
- ديسي غي (الزبدة الصافية)
أصبح استعمال السمن، في السنوات الأخيرة، من الظواهر العالمية، وبات يندرج تحت فئة الأطعمة المثالية، ويزداد عشاقه لا سيما وسط أتباع نظام «كيتو» الغذائي الشهير.
وحاز السمن اليوم على سمعة عالمية باعتباره من الأطعمة المثالية بعد سمعته القديمة كأحد مصادر السمنة والبدانة. وتشتق لفظة «غي» الهندية من اللغة السنسكريتية وهي فعل بمعنى «ينثر أو يرش»، وهي في الواقع تشير إلى دهن الحليب المشتق من الزبدة للفصل بين المواد الصلبة في الحليب عن الماء.
والسمن الهندي غني بفيتامين «أ»، و«د»، و«إي»، و«كيه»، والأحماض الدهنية الوسيطة سريعة الامتصاص في الجسد الذي يحولها إلى طاقة يستفيد منها تمام الاستفادة.
يتحدث الشيف كونال كابور إلينا عن السمن وكيف أنه كان من وسائط الطهي الأولى في الهند، التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين. وعند الطهي باستخدام السمن يتحسن مذاق اللحوم والخضراوات كثيراً، كما قال. وتقول اختصاصية علم التغذية والمؤلفة الشهيرة روجوتا ديويكار إنها تحاول إدخال السعادة على الكثيرين فيما تقدمه من أطعمة عن طريق بصمة السمن التي تضعها بعناية فائقة على الطعام الممتاز. وتقول السيدة روجوتا في كتابها المعنون «إنديان سوبر فودز – الأطعمة الهندية المثالية»: «يساعدك السمن على التقليل أو التحرر من الدهون العنيدة في الجسد»، وأضافت قائلة إن السمن من الأحماض الدهنية الأساسية التي يحتاج إليها الجسد لاستيعاب فيتامين (د). كما أنه من أفضل العناصر المساعدة في التخلص من الإمساك».
- وللسمن الحيواني الهندي تاريخه الخاص... الحقيقي والأسطوري
وفي الأساطير الهندوسية القديمة، والتي تنتسب في أصولها إلى آلهة الهندوس، تقول الحكاية إن براجاباتي سيد المخلوقات فرك كلتا يديه بعضهما ببعض لاشتقاق السمن للمرة الأولى، ثم صب منه بعض ذلك في اللهيب المقدس لأجل إيجاد ذريته. ونتيجة لذلك، يصب الهندوس السمن في النيران المقدسة بالمعابد حتى يومنا هذا، في ممارسة طقسية يُعتقد أنها تجلب الخير للزيجات، والجنازات، وغير ذلك من الطقوس الدينية المختلفة.
وكان السمن يُستهلك بكميات كبيرة وعلى نطاق واسع كجزء من نظام غذائي متوازن.
وتقول خبيرة (طب الأيورفيدا التقليدي) المتمرسة شاراد كولكارني إن الدراسات المختبرية أثبتت فوائد السمن في تقليل مستويات الكولسترول في الدم والأمعاء. ويكون ذلك عن طريق تحفيز زيادة إفراز الدهون الصفراوية. كما للسمن فوائد جيدة للمخ والأعصاب حيث يساعد على التحكم في ضغط العين، وهو مفيد كذلك لمرضى المياه الزرقاء. ومن أبرز ما قيل عن فوائد السمن قدرته على تحفيز إفراز الأحماض المعدية التي تساعد على الهضم، في حين أن غيره من الدهون، مثل الزبد والزيوت، تعمل على إبطاء عملية الهضم ويمكن أن تسبب التثاقل الشديد في المعدة. والسمن غني بمضادات الأكسدة، ويعمل كعامل مساعد في امتصاص الفيتامينات والمعادن من الأطعمة الأخرى مما يسهِم في تعزيز الجهاز المناعي في الجسد.
- «المورينغا الهندية»
يقول الشيف الفرنسي الشهير دومينيك آنسيل: «الجميع يحبون (شاي الماتشا)، وعشاق هذا الشاي في بروكلين ونجوم هوليوود يقسمون بامتياز ذلك المنتج الياباني عن سواه». أما «المورينغا الهندية»، فإلى جانب أنها من أغنى المصادر الطبيعية بالكربوهيدرات، إلا أنها توفر أيضاً أفضل صورة تغذية ممكنة عند مقارنتها بـ«شاي الماتشا» الياباني. إذ تحتوي «المورينغا» على الألياف الطبيعية بمقدار 10 أضعاف، وعلى البروتينات بمقدار 30 ضعفاً، وعلى الكالسيوم بمقدار 100 ضعف من نظيرها الياباني. وعند تحويلها إلى مسحوق لا تعتبر من الأطعمة المثالية فحسب، وإنما هي من الأشجار الطبيعية المثالية ذات الوريقات الغنية بالمغذيات، والثمار، والأزهار، والبذور.
واكتسبت «المورينغا» لقبها ذائع الصيت كونها شجرة من أشجار المعجزات. وهي معروفة على مستوى العالم بأنها «أكثر أشجار العالم فائدة» لدى علماء التغذية. وتاريخ «المورينغا» العلاجي قديم وممتد، وهو حديث الأوساط العلمية والدوائر المعنية بشؤون الصحة. وشجرة «مورينغا أوليفيرا»، المعروفة أيضاً باسم شجرة «عصا الطبلة»، موجودة في كل من الهند، وباكستان، ونيبال. وكانت قيد الاستخدام لسنوات طويلة من قبل الأطباء في علاج مرض السكري، وأمراض القلب، وفقر الدم، والتهاب المفاصل، وأمراض الكبد، ومشكلات الجهاز التنفسي، وأمراض الجلد، ومتاعب الهضم. ويبدأ أثرها من خلال الحد من الالتهاب عن طريق إخماد الإنزيمات والبروتينات المثيرة للالتهابات في الخلايا. وتحمل «المورينغا» ضعف قوة البروتينات الموجودة في السبانخ، وثلاثة أضعاف نسبة الحديد فيها كذلك. وبالإضافة إلى ما تقدم، فإن المورينغا تملك محتوى هائلاً من الكالسيوم، والبوتاسيوم، وفيتامين (أ).
- الأمارانث (القطيفة) الهندية
إن كنت تظن أن حبوب الكينوا هي من الحبوب المثالية في القرن الحالي، فإن حبوب الأمارانث تتفوق عليها في نزال صعب للغاية وسوف تخرج منها فائزة بلا منازع.
وهي معروفة أيضاً باسم «راجغيرا» أو «رامدانا»، التي تُترجم بركاكة لتعني «غذاء الآلهة»، وهي تعتبر واحدة من أهم الأطعمة المعروفة في الهند وفقا لطب الأيورفيدا التقليدي. وفميا يتعلق بتوافر المحتوى الهائل من الكالسيوم، والزنك، والحديد، والألياف، فإن الأمارانث تأتي دائما في المقدمة قبل الكينوا من حيث الخصائص الغذائية. بالإضافة إلى أن أسعارها في متناول الجميع. وحبوب الأمارانث الهندية المثالية تُعتبر لدى بقية أنحاء العالم من الأعشاب الضارة. ورغم ذلك، فإن بعض أنواع هذه الحبوب المثالية تُستهلك في الواقع كخضراوات ذات أوراق مخضرة، وبعضها يُزرع لأنواع مختلفة من الحبوب، والبعض الآخر يُزرع لأجل الحصول على الزيوت الأساسية.
- بذور اللوتس
هي بذور منتفخة كمثل كرات القطن، وصارت بمرور الوقت من الوجبات الشعبية الخفيفة في محلات الأغذية الغربية الكاملة. وهي معروفة في الهند بمسماها الشعبي «ماخانا»، وهذه الكرات بيضاء اللون ذات البقع البنية اللطيفة تُعرف في بعض أجزاء آسيا أيضاً باسم «بذور الثعالب» أو «جوز الغورغون».