تونس تعزز احتياطاتها العسكرية على طول الحدود مع ليبيا

TT

تونس تعزز احتياطاتها العسكرية على طول الحدود مع ليبيا

أشرف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أمس، بقصر قرطاج، على اجتماع مجلس الأمن القومي التونسي، الذي يضم الرئاسات الثلاث، ووزارات السيادة، وكبار القيادات الأمنية والعسكرية، وأعلن، خلال الاجتماع المغلق، تمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر واحد، نظراً لحجم التحديات الأمنية المحلية والإقليمية، حسبما أوردت رئاسة الجمهورية.
ووفق ما تسرب من الجلسة المغلقة، فقد سيطرت التطورات السياسية والأمنية في ليبيا، بعد إعلان المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني الليبي»، الهجوم على العاصمة الليبية طرابلس، على أعمال هذا المجلس، الذي وصفته مصادر مطلعة بـ«الأمني بامتياز»، حيث استعرض مستجدات الوضع في ليبيا المجاورة الذي وُصف بـ«الخطير»، بينما دعا الرئيس التونسي إلى «تفادي التصعيد والإسراع بإيجاد حل سياسي مبني على الحوار بين جميع الأطراف».
كما ناقش الاجتماع الخطة الأمنية والعسكرية التي تكون قادرة على ضمان سلامة الحدود التونسية، في حال استغلال عناصر إرهابية للوضع المتوتر لمحاولة التسلل إلى تونس.
من جهتها، أعربت وزارة الخارجية التونسية عن انشغال تونس بالتطورات الخطيرة للأوضاع في ليبيا، وعن قلقها العميق لما آلت إليه الأحداث في هذا البلد الشقيق، داعيةً جميع الأطراف إلى «التحلي بأعلى درجات ضبط النفس، وتفادي التصعيد الذي من شأنه أن يزيد في تعميق معاناة الشعب الليبي الشقيق، ويهدد انسجامه ووحدة أراضيه».
كما أكدت على أهمية الحفاظ على المسار السياسي السلمي، الذي ترعاه منظمة الأمم المتحدة، وتوفير كل الظروف لإنجاح المؤتمر الوطني الجامع، المنتظَر عقده خلال الفترة المقبلة، والإسراع بإيجاد حلّ سياسي دائم يمكّن من إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا.
في السياق ذاته، أكدت وزارة الدفاع التونسية اتخاذ كل الاحتياطات الميدانية لتأمين حدود البلاد الجنوبية والشرقية مع ليبيا، ومواجهة التداعيات المحتملة، في ظل ما يشهده الوضع الأمني حالياً في ليبيا، وتحسباً لما قد ينتج عنه من انعكاسات على المناطق المتاخمة للحدود بين البلدين. ودعت العسكريين إلى مزيد من اليقظة والحذر، وتعزيز التشكيلات العسكرية بالمعبرين الحدوديين بكل من الذهيبة ورأس جدير (كلاهما مع ليبيا)، مع تشديد المراقبة باستغلال الوسائل الجوية، ومنظومات المراقبة الإلكترونية للتفطن المبكر لكل التحركات المشبوهة.
وأوضحت وزارة الدفاع أمس أنها شددت مراقبة حدودها مع جارتها ليبيا بسبب تجدد الصراع بين الفصائل المتنافسة هناك. وقال في بيان لها إنه «متابعةً لما يشهده الوضع الأمني في ليبيا الشقيقة من توتر... اتخذت الوزارة كل التحوطات الميدانية لتأمين الحدود الجنوبية الشرقية، ومواجهة التداعيات المحتملة». كما عبرت الأحزاب السياسية الرئيسية عن «قلقها العميق» حيال التطورات الأخيرة في ليبيا، غداة إعلان «الجيش الوطني الليبي»، بقيادة المشير خليفة حفتر، شن هجوم في اتجاه طرابلس.
وبدأت تونس باستخدام الجزء الأول من نظام مراقبة إلكتروني، منذ مارس (آذار) الماضي، وهو المشروع الذي بدأت وزارة الدفاع التونسية في وضعه منذ 2018، بدعم من ألمانيا والولايات المتحدة. وينقسم هذا المشروع إلى نظامي مراقبة إلكترونية متحرك وثابت، بهدف التصدي لأنشطة التهريب، وتسلل المتشددين وتسريب أسلحة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.