رغم التطمينات التي تقدمها الحكومة العراقية بشأن عدم إمكانية تعرض العاصمة بغداد التي تضم نحو 10 ملايين نسمة إلى الغرق بسبب السيول، فإن وزير الموارد المائية الأسبق محسن الشمري أكد أن «المخاطر لا تزال قائمة لاحتمال حصول موجات إضافية من الأمطار خلال الأسابيع المقبلة».
وأوضح الشمري لـ«الشرق الأوسط» أن «الأسباب الرئيسية التي تجعل الخطر قائماً رغم كل الإجراءات الاحترازية التي قامت بها الجهات المسؤولة، سواء في الحكومة المركزية عبر وزارة الموارد المائية أو الإدارات المحلية في المحافظات تتمثل في مسألتين، وهما: طبيعة النظام السياسي في البلد الذي يعاني من أزمة بنيوية في إدارة كل الملفات في البلد وليس ملف المياه، وثانياً: أننا دخلنا هذه السنة موجة ما تسمى بالأمطار الفيضانية طبقاً لمبدأ التغير المناخي الذي يمر به العالم ومنه منطقتنا».
وكان وزير الموارد المائية العراقية الدكتور جمال العادلي بدّد المخاطر المحدقة ببغداد والمخاوف الناتجة عنها لدى سكان العاصمة، خصوصاً بعد الأنباء التي تحدثت عن إمكانية انهيار سد سامراء. وقال العادلي إن «المياه الآن في سد سامراء تقترب من الذروة لكن لا يزال فيه فراغ نحو المتر أو أكثر بقليل»، مؤكداً أن «هذا الأمر لا يشكل أي خطر، كما نتوقع قدوم كميات قريبة أخرى خلال اليومين المقبلين». وأوضح أن «الكميات الفائضة من سد سامراء أرسلت إلى بحيرة الثرثار بكمية 11 إلى 12 مليار متر مكعب حتى الآن».
وسد سامراء المائي يقع على نهر دجلة قرب مدينة سامراء جنوب محافظة صلاح الدين وشمال العاصمة بغداد، وأنشئ عام 1955، ويرتبط عبر قناة تحويل بمنخفض الثرثار غرباً.
وأعلنت السلطات حالة الطوارئ في خمس محافظات بسبب تهديدات السيول. وقال وكيل وزارة الداخلية عقيل الخزعلي إن «المحافظات المهددة هي: صلاح الدين وكركوك وديالى وواسط وميسان». كما أخلت السلطات قرى واقعة على جانبي نهر دجلة في محافظة صلاح الدين من جراء ارتفاع منسوب المياه.
وأعلن محافظ بغداد فلاح الجزائري حالة الطوارئ تحسباً لوقوع فيضانات من جراء الأمطار الغزيرة المتوقعة. لكن وزارة الموارد المائية أكدت من جانبها أن «بغداد آمنة ولا خوف عليها من الغرق نتيجة الأمطار والسيول». وقال خالد شمال المدير في الوزارة في تصريح صحافي إن «تصاريف المياه في بغداد تصب في نهر دجلة، وهي تحت السيطرة»، مشيراً إلى أن «المياه التي تأتي من سد الموصل وروافده يتم تحويلها عبر سد سامراء إلى بحيرة الثرثار في محافظة الأنبار لتخزينها ولا مشكلة في هذا الاتجاه».
وأضاف أن «نهر ديالى الذي يمر في جنوب شرقي بغداد، يسهم هو الآخر في تصريف المياه من سدي حمرين في محافظة ديالى ودربندخان في السليمانية، ويمرر المياه إلى دجلة الذي يلتقي بها في منطقة سلمان باك جنوب بغداد».
وأكد أن «العراق لديه فراغ تخزين بنحو أربعين مليار متر مكعب من المياه، موزعة على بحيرة الثرثار والحبانية وسدي الموصل وحديثة، إلى جانب مساحة تخزين ميتة في بحيرة الرزازة في كربلاء تقدر بـ24 مليار متر مكعب من المياه».
لكن وزير الموارد المائية الأسبق محسن الشمري أكد أن «المشكلة الرئيسية تتمثل الآن في التغير المناخي الذي لم نرتفع إلى مستوى ما يمثله من تحديات، وبالتالي فإن كل ما نتعامل به الآن من وسائل لدرء المخاطر هي وسائل تقليدية لا تستجيب للتحديات الحديثة». وأضاف أن «أنظمة السدود في العراق منذ العهد الملكي تعد من أفضل الأنظمة لكن بعضها يحتاج إلى تحديث وتطوير، وهو أمر مرتبط بالإمكانات المادية، بينما البعض الآخر يرتبط بالكوادر والملاكات التي لم يستوعب بعضها المتغيرات المناخية وما تتطلبه من استجابة لتحدياتها».
وأشار إلى أن «السنة الحالية - وكنت نبهت إلى ذلك منذ وقت مبكر هذا العام - ستكون طبقاً لتقديرات علماء المناخ من السنوات الفيضانية، وهو ما يصعب التكهن بنتائجه في حال حصلت أمطار غزيرة قد لا يستوعبها نهر دجلة رغم كل ما يجري الحديث عنه من قدرة على الاستيعاب أو تحويل المياه، إذ إن بغداد يمكن أن تغرق ليس من سد سامراء لأنه لا يشكل خطراً على بغداد، بل مما يمكن أن يأتينا من كميات من الأمطار من روافد نهر دجلة مثل الزاب وغيرها».
ورأى الشمري أن «الحل الذي كان يجب اللجوء إليه هو إفراغ الخزانات بدءاً من سد الموصل وتوجيهها نحو بحيرة الثرثار لأن لدينا فراغاً تخزينياً كبيراً فيها، كي نستوعب الكميات الجديدة من الأمطار مهما كانت شدتها». ودعا إلى «حلول علمية تستوعب المتغيرات المناخية في العالم مع استمرار مواسم الأمطار للسنوات المقبلة».
تقديرات متضاربة لإمكانية غرق بغداد بالسيول
تقديرات متضاربة لإمكانية غرق بغداد بالسيول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة