دعاية «تأييد» التعديلات الدستورية بمصر تستبق الحسم البرلماني

تشريعية النواب تناقش مقترحات قبيل الصياغة النهائية

لافتة لتأييد التعديلات الدستورية بميدان «مصطفى محمود» بالجيزة (الشرق الأوسط)
لافتة لتأييد التعديلات الدستورية بميدان «مصطفى محمود» بالجيزة (الشرق الأوسط)
TT

دعاية «تأييد» التعديلات الدستورية بمصر تستبق الحسم البرلماني

لافتة لتأييد التعديلات الدستورية بميدان «مصطفى محمود» بالجيزة (الشرق الأوسط)
لافتة لتأييد التعديلات الدستورية بميدان «مصطفى محمود» بالجيزة (الشرق الأوسط)

استبق مؤيدو تعديلات دستورية مُقترحة في مصر، موافقة تبدو «محسومة» داخل البرلمان، بحملات دعائية مكثفة في شوارع القاهرة والمحافظات، ومؤتمرات شعبية تحشد المواطنين للتصويت بـ«نعم».
ورصدت «الشرق الأوسط»، في عدد من الميادين الرئيسية، انتشار لافتات حزبية تدعو المواطنين للمشاركة في الاستفتاء المزمع، والتصويت بـ«نعم»، وأخرى لرجال أعمال وتجار يؤكدون مباركتهم للتعديلات بصفة شخصية.
وأقر البرلمان مبدئياً، نهاية فبراير (شباط) الماضي، تعديلات قدمها ائتلاف الأغلبية «دعم مصر»، تتضمن زيادة فترة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات، وتمنح وضعاً خاصاً للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، يسمح بترشحه فترتين إضافيتين، ما يعني إمكانية بقائه في السلطة حتى عام 2034.
ويعتزم المجلس التصويت بشكل نهائي عليها، خلال جلسة عامة تعقد في غضون منتصف أبريل (نيسان) الجاري، بعد انتهاء اللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس من الصياغة النهائية للمواد المقرر تعديلها.
ويتطلب تمرير تلك التعديلات موافقة ثلثي أعضاء المجلس (نداءً بالاسم)، لتتولى الهيئة الوطنية للانتخابات دعوة الناخبين للاستفتاء عليها، حال موافقة المجلس بالأغلبية المطلوبة.
وينحصر معظم رافضي التعديلات الدستورية داخل البرلمان المصري في التكتل المعارض الصغير «25 - 30»، الذي يتشكل من نحو 16 نائباً، في حين يتألف مجلس النواب، الذي يهيمن عليه مؤيدو السيسي، من 568 نائباً منتخباً، بالإضافة إلى 28 نائباً عيّنهم الرئيس.
أحمد حلمي الشريف، وكيل اللجنة التشريعية، قال إن «اللجنة بدأت جلسات المداولة هذا الأسبوع؛ حيث تتولى دراسة الآراء التي تم تقديمها للمجلس، بالإضافة للاقتراحات التي تم ذكرها في جلسات الحوار المجتمعي، التي عقدت على مدار الأسبوعين الماضيين»، مضيفاً: «بعد أن تنتهي اللجنة التشريعية من المداولة بشأن التعديلات الدستورية، ستبدأ الأسبوع القادم في صياغة المقترحات، ثم تقدم تقريرها بذلك للمجلس لمناقشته في جلسة عامة».
ويقود عدد من الأحزاب المصرية، الموالية للرئيس السيسي، وعلى رأسها حزب «مستقبل وطن»، الذي يحظى بأكثرية نيابية، حملات تأييد واسعة في جميع أنحاء الجمهورية للتعديلات. وقال عمر وطني، عضو البرلمان عن الحزب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التعديلات جاءت في الوقت المناسب؛ خصوصاً في ظل ما تمر به الدولة في الداخل والخارج، بجانب معالجة القصور القائم في دستور 2014؛ نظراً لما يحتويه من مواد غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع».
وفي بني سويف (جنوب القاهرة)، نظم حزب «مستقبل وطن»، قبل يومين، بالاشتراك مع النقابة العامة للعاملين بسكك حديد مصر ومترو الأنفاق، مؤتمراً حول التعديلات، بعث خلاله رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، جبالي المراغي، ما أسماه «برقية تأييد ومبايعة للرئيس السيسي باسم 30 مليون عامل، معلنين تأييدهم المطلق للتعديلات الدستورية لاستمرار بناء الدولة».
وقال أمين عام الحزب ببني سويف، ووكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، حسام العمدة، إن «التعديلات المقترحة لم تأتِ من فراغ، وإنما هي انعكاس صادق لما يلمسه الشعب من فهم، وما تستوجبه ضروريات المرحلة الراهنة والمقبلة».
بدوره، دشن حزب «المصريين الأحرار» بشرق الإسكندرية، حملة «نعم للدستور». واستبق أحمد علي، أمين الحزب بشرق الإسكندرية، حسم التعديلات برلمانياً، معلناً قيام الحزب بـ«تشكيل غرفة عمليات وإقامة مقرات ونقاط متمركزة بالشارع، لتعريف المواطنين بلجان التصويت، وتوفير وسائل انتقال لكبار السن وذوي الإعاقة، مع وجود شباب من الحزب لمساعدة المسنين في الوصول إلى لجانهم».
وخلال مؤتمر نظمته نقابة الزراعيين بالإسكندرية، أول من أمس، أكد ماهر أبو جبل، عضو مجلس نقابة الزراعيين، أن «التعديلات تشكل منعطفاً جديداً لحماية مصر من المؤامرات التي تحيط بها من الخارج، وتشكل تهديداً لحالة الاستقرار التي شهدتها البلاد خلال الخمس سنوات الأخيرة».
كما يعقد حزب «الحرية»، (الثلاثاء)، بأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة، مؤتمراً لإطلاق الحملة الرسمية لحشد المواطنين للمشاركة في الاستفتاء على التعديلات، تحت عنوان «خليك مسؤول، شارك في الدستور».
في المقابل، رفضت وزارة الداخلية دعوة أطلقتها «الحركة المدنية الديمقراطية»، تضم 7 أحزاب معارضة، لتنظيم وقفة احتجاجية، الخميس الماضي، أمام مجلس النواب، للاعتراض على التعديلات، بداعي «وجود مخاطر أمنية، واحتمالية اندساس عناصر إرهابية».
وقال مجدي عبد الحميد، المتحدث الرسمي باسم الحركة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتجاه الغالب هو المشاركة الإيجابية في الاستفتاء، عبر النزول والتصويت برفض التعديلات، وليس المقاطعة»، مؤكداً اعتزام الحركة تنظيم «فعاليات متنوعة لتوعية المصريين في هذا الاتجاه».
وتمنح التعديلات المقترحة القوات المسلحة دوراً في «حماية وصيانة الدستور ومبادئ الديمقراطية، والحفاظ على مدنية الدولة»، كما تشمل استحداث غرفة ثانية للبرلمان باسم «مجلس الشيوخ»، بعد إلغاء مجلس مماثل عام 2013.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».