تقارير غربية تحذر من احتمال تسلل إرهابيين من سوريا إلى لبنان

TT

تقارير غربية تحذر من احتمال تسلل إرهابيين من سوريا إلى لبنان

تلقى لبنان تقارير مقلقة من أجهزة استخبارات غربية وبعض السفارات الأوروبية في بيروت، تحذّر من خطر تسلل إرهابيين من سوريا إلى الأراضي اللبنانية، في الأسابيع والأشهر المقبلة. وأكدت مصادر أمنية لبنانية، اطلعت على فحوى هذه التقارير لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأجهزة والسفارات الغربية، بنت استنتاجاتها على الأوضاع العسكرية والأمنية غير المستقرّة في سوريا، وتجدد جولات العنف المتقطّعة، ما يجعل الوضع الأمني سيئاً للغاية والوضع الاقتصادي أكثر سوءاً مما كان عليه في ذروة الحرب».
جزء من المعلومات الغربية الواردة إلى لبنان، جرى استخلاصها من وضع مخيّم الهول، في شمال شرقي سوريا، القريب من الحدود العراقية، الواقع تحت سيطرة القوات الكردية، المدعومة من قوات التحالف الدولي. وتشير المعلومات إلى أن هذا المخيّم «يضمّ 76 ألف شخص، جميعهم من النساء والأطفال، وهم دون الـ15 من العمر، بينهم 10 آلاف يحملون جنسيات أجنبية»، مشيرة إلى أن «أغلبهم أوروبيون، من السويد وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى بضع مئات من الجنسيتين الأسترالية والإندونيسية، وهؤلاء يتلقون المساعدات الغذائية والطبية من الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري».
وتتحدث المعلومات عن «شكوك بوجود عشرات اللبنانيين بينهم، من نساء وأطفال مقاتلي تنظيم (داعش)، لا يزالون يتحصنون في بعض الجيوب، ويتنقلون بين الأراضي السورية والعراقية». وتفيد المعلومات التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية، أن «الدول التي لديها مواطنون في المخيم المذكور، تتابع أوضاع رعاياها من خلال سفاراتها في لبنان، وهذه السفارات حذّرت صراحة من فرار عشرات المتشددين من مواطنيها إلى لبنان، عبر الحدود غير المضبوطة، أو عبر تهريبهم من قبل مافيات، لقاء أموال طائلة، ونقلهم إلى داخل المخيمات الفلسطينية». ووفق المعلومات المشار إليها، فإن «الخطورة تكمن في أن الدول الأوروبية وأستراليا، أسقطت جنسياتها عن مواطنيها الموجودين في مخيم الهول، ما جعل الآلاف من دون جنسية، كما أن هذه الدول تنازلت عن واجباتها القانونية في محاكمة مواطنيها، كي لا تتحمّل مخاطر إعادتهم إلى بلادهم». وأوضحت أن «الدول المشار إليها، تعتبر أن النساء والأطفال الموجودين في مخيّم الهول، ليسوا أقلّ خطراً من آبائهم وأزواجهم، لأنهم تشربوا عقيدة التنظيمات المتطرفة».
المعطيات التي كشفت عنها المصادر الأمنية، تتابعها المراجع القضائية اللبنانية، وتعطي تعليماتها لمواكبة تفاصيلها بدقّة؛ خصوصاً أن القضاء العسكري يعج بمئات الملفات التي يحاكم فيها عناصر تنظيمي «داعش» و«النصرة». وسألت «الشرق الأوسط» مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في لبنان، القاضي بيتر جرمانوس، إذا كانت المعلومات على هذا القدر من الخطورة، فأكد أن «القضاء العسكري حقق خطوات متقدمة على طريق محاكمة المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية؛ خصوصاً من تنظيم (داعش)»، لكنه أشار إلى أنه «لا معطيات أو معلومات لدى القضاء العسكري عمّا إذا كان هؤلاء ارتكبوا جرائم إرهابية أو جرائم ضدّ الإنسانية في سوريا»، معترفاً بأن «هناك خشية من أن يكون بعض هؤلاء أشخاصاً خطيرين، ونالوا أحكاماً مخففة بسبب نقص المعلومات عنهم».
ولا يزال آلاف الموجودين في مخيّم الهول موضع تجاذب بين الدول الغربية والولايات المتحدة، وحمّلت السفارات الأوروبية التي لديها رعايا في المخيّم، الولايات المتحدة مسؤولية استمرار خطر هؤلاء، ووفق المصادر الأمنية اللبنانية، فإن هذه الدول تشير إلى أن «الأميركيين يضعون (فيتو) على اقتراح إنشاء محكمة دولية لمحاكمة المنتمين إلى (داعش) بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، وتركوا للدول المجاورة لسوريا والعراق حلّ هذه المشكلات»، مؤكدة أن هذا الأمر «يرتّب أعباء كبيرة على دول المنطقة، مع ما تطرحه من إشكالية السجون التي تتحوّل إلى جامعات تخرّج الإرهابيين، مثل سجن أبو غريب في العراق وبعض السجون السورية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.