«قوات سوريا الديمقراطية» تلاحق «الدواعش» في كهوف وأنفاق شرق الفرات

وفاة 13 طفلاً في مخيم الهول جراء سوء الأحوال الصحية والمعيشية

TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تلاحق «الدواعش» في كهوف وأنفاق شرق الفرات

تتعقب قوات سوريا الديمقراطية مجموعات من تنظيم داعش متوارية داخل كهوف قرب بلدة الباغوز في شرق سوريا، وفق ما أكد متحدث باسمها الثلاثاء، بينما تستهدفها غارات التحالف الدولي بقيادة أميركية، بعد أكثر من أسبوع على إعلان انتهاء «الخلافة».
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف في 23 الشهر الماضي، تجريد التنظيم من مناطق سيطرته داخل بلدة الباغوز، والقضاء التام على مناطق سيطرة «داعش» في سوريا والعراق المجاور التي أعلنها في عام 2014.
وقال مدير المركز الإعلامي في قوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي الثلاثاء: «ما زالت قواتنا تتعقب بقايا الإرهابيين في مختلف المنطقة المحررة، بناء على معلومات دقيقة».
وأضاف: «هناك مجموعات متخفية في كهوف مطلة على الباغوز»، متحدثاً كذلك عن «خلايا متخفية تلاحقهم قواتنا، بالإضافة إلى عمليات التمشيط وتفكيك الألغام».
وتتزامن عملية التعقب هذه مع شن التحالف الدولي عشرات الغارات منذ الأحد، وتستهدف وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنفاقاً وكهوفاً تقع شرق المخيم المحاذي لنهر الفرات، الذي انكفأ إليه مقاتلو التنظيم قبل طردهم منه.
وأكد متحدث باسم التحالف الدولي سكوت رولينسون، رداً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية ليل الاثنين، أن «التحالف يواصل توجيه ضربات دقيقة بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية... دعماً لعميات التطهير الخلفية» التي تقوم بها.
وتهدف هذه العمليات إلى «تحديد مكان تواجد من تبقّى من إرهابيي (داعش)... والقضاء على ما تبقى من مخازن أسلحتهم»، مضيفاً: «نركز على تقويض قدراتهم لمنعهم من إعادة تجديد» قواهم.
وبعد سيطرتها على الباغوز، أفادت قوات سوريا الديمقراطية عن بدء «مرحلة جديدة» في المعركة ضد التنظيم، بالتنسيق مع التحالف، تستهدف «الخلايا النائمة» التابعة له.
ويحتفظ التنظيم بانتشار في البادية السورية المترامية المساحة والممتدة من شرق حمص (وسط) حتى الحدود العراقية، وبقدرته كذلك على تحريك خلايا نائمة في المناطق التي تم طرده منها، تقوم بعمليات خطف ووضع عبوات وتنفيذ اغتيالات وهجمات انتحارية تطال أهدافاً مدنية وعسكرية في آن معاً.
وقال رولينسون: «تواصل قوات سوريا الديمقراطية حرمان (داعش) من مساحة (جغرافية) ونفوذ في المنطقة وتعمل على حرمانه من الموارد التي يحتاجها» لاستعادة نشاطه بهدف «ضمان الاستقرار على المدى الطويل».
وأفاد عن مواصلة التحالف «تقدير أعداد آلاف من مقاتلي (داعش) ممن انتقلوا للعمل السري».
وتسبب هجوم انتحاري تبناه التنظيم في مدينة منبج (شمال) قبل أسبوع، بمقتل سبعة من مقاتلي مجلس منبج العسكري.
وأفاد المرصد الثلاثاء عن توقيف قوات سوريا الديمقراطية تسعة أشخاص يُشتبه بارتباطهم بالتنظيم، منذ الأحد، في مدينة الرقة التي شكلت معقله الأبرز في سوريا قبل طرده منها في أكتوبر (تشرين الأول) 2017.
ويؤكد خبراء أن تجريد تنظيم داعش من مناطق سيطرته جغرافياً لا يعني انتهاء الخطر الذي يمثله، محذرين من إمكانية أن يلجأ إلى شن هجمات عشوائية لإيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية في المرحلة المقبلة.
الى ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 13 طفلا جراء سوء الأحوال الصحية والمعيشية في مخيم الهول للنازحين في منطقة شرق الفرات. وقال المرصد، في بيان صحافي الثلاثاء، إنه يرتفع بذلك عدد الأطفال الذين فارقوا الحياة في المخيم إلى 207 على الأقل منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأشار إلى أن المخيم يعاني من نقص الأدوية والأغذية، والنقص الحاد في الرعاية الطبية، بفعل تقاعس المنظمات الدولية، والتي لم تكن على حجم المأساة والكارثة التي يشهدها المخيم. ولفت المرصد إلى أن المخيم، الذي بات من أكبر المخيمات في منطقة شرق الفرات والأراضي السورية تحول لدويلة تضم غالبيتها عوائل عناصر «تنظيم داعش» من جنسيات مختلفة سورية وعربية وآسيوية وغربية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي أعلن الاثنين أن فرنسا ستخصص مليون يورو من المساعدة الإنسانية لمخيمات النازحين في شمال شرقي سوريا، وخصوصا مخيم الهول الذي يضم آلاف النساء والأطفال الأجانب المرتبطين بـ«تنظيم داعش».
وقال جان إيف لودريان في بيان: «نظرا إلى حجم الأزمة الإنسانية، قررت تعزيز تحركنا في مخيمات المنطقة، وخصوصا مخيم الهول الذي يضم راهنا سبعين ألف شخص في ظروف صعبة للغاية».
وشهد مخيم الهول الذي أقيم في الأساس لاستقبال 20 ألف شخص كحد أقصى، تدفقا كبيرا منذ الهجوم النهائي على «تنظيم داعش» في ديسمبر، الذي شنته «قوات سوريا الديمقراطية».
وذكر مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية، أن مدنيين سوريين وعائلات متطرفين يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة، تتمثل في خيم تغمرها المياه، وأطفال يعانون الإسهال، وأمهات عاجزات عن الإرضاع لأنهن لا يحصلن على ما يكفي من المواد الغذائية.
وحذرت السلطات الكردية، المتحالفة مع التحالف الدولي المناهض لـ«تنظيم داعش» بقيادة أميركية، من هذا الأمر مرارا وطالبت بالمساعدة.
وصرح وزير الخارجية الفرنسي أن بلاده ستقدم «الخيم والسلع الأساسية ومساعدة غذائية وتؤمن الوصول إلى الماء» بما قيمته نصف مليون يورو «وخصوصا» لمخيم الهول.
ويضيق مخيم الهول بأكثر من تسعة آلاف امرأة وطفل من الأجانب، منهم عشرات الفرنسيين، تحت مراقبة شديدة في جيب مخصص لهم، ينفصل عن بقية المخيم بسياج.
وتم فصل الأجانب لأنهم يرتبطون ارتباطا وثيقا بـ«تنظيم داعش»، ويُعتبرون مسؤولين عن الوضع المأسوي الذي يجد السوريون أنفسهم فيه.
وترفض فرنسا إعادة مواطنيها من المتطرفين وزوجاتهم، ولا توافق على إعادة الأطفال إلا بعد درس كل حالة على حدة. وتم إعادة خمسة أيتام في 15 الشهر الماضي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.