مصر تشدد مواجهتها ضد متعاطي المخدرات

أوقفت 279 موظفاً حكومياً عن العمل وأحالتهم للنيابة

TT

مصر تشدد مواجهتها ضد متعاطي المخدرات

شددت الحكومة المصرية من مواجهتها ضد متعاطي المخدرات، في إطار حملة واسعة أعقبت حادثة «جرار قطار»، شهدتها القاهرة نهاية فبراير (شباط) الماضي، وثبت تعاطي أحد المتهمين للمخدرات. وقالت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، أمس، إنه «خلال الشهرين الماضيين تم الكشف على أكثر من 8 آلاف موظف، في 8 وزارات، أحيل منهم 279 متعاطياً للنيابة الإدارية مع إيقافهم عن العمل».
وأودى الحادث، الذي وقع في محطة «رمسيس» وسط القاهرة، بحياة 22 مواطناً. وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في أعقابه، تعديلات في قانون الخدمة المدنية بمقتضاه «يتم إنهاء خدمة من يثبت تعاطيه المخدرات».
وتصل نسبة تعاطي المخدرات بمصر نحو 10 في المائة من تعداد السكان، وفقاً لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، بينما تصل نسبة الإدمان إلى 1.8 في المائة. وأكدت الوزيرة والي أن «الدولة تولي اهتماماً كبيراً بمكافحة الإدمان، وتعمل من خلال محاور كثيرة؛ أهمها الجانب التوعوي الوقائي، والطبي، والأمني، والتشريع».
وأضافت الوزيرة، خلال افتتاحها أمس ورشة عمل لعدد من القضاة وأعضاء النيابة العامة حول مشكلة تعاطي وإدمان المخدرات، وأبعادها القضائية والنفسية والاجتماعية، أن مشكلة المخدرات تُمثل أحد أهم القضايا التي تواجه المجتمع المصري باعتبارها قضية وجود لا تقل في أهميتها عن قضية مكافحة الإرهاب، وباعتبارها مُشكلة تقوض فرص التنمية وتهدد السلم الاجتماعي، نظراً لارتباطها الوثيق بالجرائم المختلفة وحوادث الطرق والمرافق العامة، التي كان آخرها فاجعة قطار محطة رمسيس.
وأشارت والي إلى أن حجم قضايا الاتجار وتعاطي المواد المخدرة التي تطلع عليها بالتقارير الرسمية الصادرة من وزارتي العدل والداخلية، تؤكد أهمية الاستمرار في بناء جسور التواصل مع أعضاء الهيئات القضائية، منوهة إلى أن عدد قضايا المخدرات وصل في عام 2017 إلى 54 ألفاً.
وأكدت والي اهتمام الدولة الواضح بتطوير التشريعات الحاكمة والمنظمة للتعامل مع قضية الإدمان، مشيرة إلى الارتقاء بأعداد المراكز العلاجية من 12 مركزاً عام 2015 إلى 22 مركزاً عام 2018، وأنه سيتم إضافة 5 مراكز علاجية جديدة العام الحالي، كما وضع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان خطة للتوسع في المراكز العلاجية في جميع المحافظات بحلول عام 2022، وفقاً لبرنامج الحكومة، واستفاد من خدمات العلاج 116 ألف مريض إدمان عام 2018.
وأشارت إلى أن الصندوق نجح بالتنسيق مع الشركاء في تنفيذ حملات للكشف على المخدرات، وتمكن من خفض نسب التعاطي بين السائقين المهنيين من 24 في المائة عام 2015 إلى 12 في المائة العام الحالي، وقام الأسبوع الماضي بتسليم الإدارة العامة للمرور 50 ألف كاشف استدلالي للكشف عن المخدرات، كما نجح في خفض نسب التعاطي بين سائقي الحافلات المدرسية من 12 في المائة عام 2015 إلى 2.7 في المائة خلال الفترة الحالية، وخلال الشهرين الماضيين تم الكشف على أكثر من 8 آلاف موظف في 8 وزارات، وإحالة 279 موظفاً متعاطياً للنيابة الإدارية مع إيقافهم عن العمل.
وعلى مستوى الوقاية الأولية، قالت الوزيرة إنه تم تنفيذ برامج وقائية على مستوى 5000 مدرسة و1500 مركز شباب هذا العام.
وتناقش الورشة عدداً من مشروعات القوانين ذات الصلة بقضية تعاطي وإدمان المواد المخدرة، حيث تشهد المرحلة الحالية حراكاً متسارعاً لتطوير المنظومة التشريعية المتعلقة بالقضية، من بينها مشروع تعديل قانون المخدرات يتم من خلاله تجريم حيازة وإحراز «المخدرات التخليقية»، التي تتصف بأنها مركبات كيميائية غير متناهية، ويتعذر إدراجها ضمن جداول المخدرات، ومنها مخدر «الاستروكس»، وقد اعتمد مجلس الوزراء المشروع مؤخراً، وأحيل لمجلس النواب.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.