يحاول المستثمرون الدوليون بقدر الإمكان تنويع مشاركتهم في البرامج الاستثمارية لتشمل الأسهم والسندات معاً، وتبدو التحولات الأخيرة في أسعار الأسهم الأوروبية وأذون الخزانة الألمانية لافتة للنظر، نظراً لمخالفتها القواعد المعروفة في هذا المجال.
يقول الخبير الاقتصادي الألماني باتريك شولر إن المؤشر ستوكس 600 الأوروبي ربح أكثر من 9 في المائة منذ بداية عام 2019. أما بالنسبة لأذون الخزينة الألمانية المعروفة باسم «بوند»، التي تستحق بعد مرور عشرة أعوام، وهي بين أهم الأذون الحكومية الأوروبية التي تستقطب آلاف المستثمرين من جميع أنحاء العالم، فتشهدت أسعار شرائها ارتفاعاً.
وأضاف، أنه نظريا كان ينبغي على أسعار أذون «بوند» الألمانية أن تتراجع في مقابل زيادة أسعار شراء الأسهم في الأسواق المالية الأوروبية؛ لذا فإن «ما يحدث حاليا حالة استثنائية إنما غير شاذة ماليا». وفيما يتعلق بالمردود فإنه تراجع لدى أذون الخزينة الألمانية من 0.25 إلى 0.1 في المائة.
ويعزي شولر ما يحدث حاليا في مسار أحوال أذون الخزينة الألمانية، سعرا ومردودا، إلى سببين رئيسيين؛ يعود السبب الأول إلى تراجع حدة التوترات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين فيما يتعلق بالحرب التجارية الجمركية. أما السبب الثاني فمصدره تباطؤ عجلات الاقتصاد العالمي، ما يعطي الأسواق المالية العالمية جوا من الطمأنينة المؤقتة خصوصا أن عام 2018 حمل في طياته ضربات موجعة استهدفت ساحات مالية رئيسية مثل بورصتي وول ستريت وفرنكفورت.
ويختم شولر القول إن «تقلبات المعادلات المالية في البورصات، التي تشمل الربط الدائم بين ارتفاع أسعار الأسهم وتراجع أسعار السندات وأذونات الخزينة، التي طالما اعتاد عليها المستثمرون، ستولّد تغييرات جذرية هيكلية في طرق الاستثمار في الشهور القادمة. وبصرف النظر عن مسار أسعار أذون الخزينة الألمانية فإن تراجع مردودها يشكل مرآة واقعية تعكس معها انكماش التضخّم إلى حد أبعد. فمنذ أكثر من 3 شهور تولي الأسواق المالية الأوروبية أهمية خاصة لمتابعة أوضاع التضخّم في منطقة اليورو عن كثب. علما بأنه تراجع من 1.40 إلى 0.95 في المائة في ألمانيا».
في سياق متصل، تقول الخبيرة الألمانية فريديريك شميتس من مصرف كوميرس بنك، إن أسواق السندات الخاصة والحكومية تنتظر تباطؤا اقتصاديا هاما لدى الدول الصناعية في العالم. أما أسعار الأسهم فهي تشق طريقها قدما، بيد أن هذه الطريق قد تكون محفوفة بالمخاطر. فالبورصات لا تأبه بما يحدث من تباطؤ اقتصادي عالمي. وفي حال استمر هذا التباطؤ حتى منتصف العام، عندها ينبغي على مديري هذه البورصات بالتعاون مع المشغلين إعادة برمجة أسعار أسهم الشركات تجنبا لمفاجآت غير سارة قد تؤثر على التصنيف الائتماني الدولي للأسهم. بمعنى آخر عليهم تخفيض أسعار الأسهم.
وتختم شميتس: «في بداية عام 2015 انتعشت مؤشرات أسواق الأسهم الأوروبية. ففي الشهور الأربعة الأولى منه قفزت قيمتها أكثر من 25 في المائة. وبدلا من انخفاض أسعار أذون الخزينة الألمانية التي تستحق بعد عشرة أعوام شهدت الأسواق الألمانية ارتفاعا في أسعارها. بعدها بدأ مردودها يتراجع شيئا فشيئا من 0.5 في المائة إلى نحو الصفر في المائة. آنذاك كان المصرف المركزي الأوروبي كفيلا باحتواء أي خلل قد يحصل في الأسواق الأوروبية. لكن، وبما أن برنامج المركزي الأوروبي الذي تمحور حول إغراق الأسواق المالية الأوروبية بكمية لامتناهية من السيولة المالية قد انتهى، لن تستطيع أسعار الأسهم الصمود في مسارها التصاعدي أكثر من 3 شهور».
الأسهم الأوروبية وأذون الخزانة الألمانية تخالف قواعد أسواق المال
الأسهم الأوروبية وأذون الخزانة الألمانية تخالف قواعد أسواق المال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة