بدر بن فرحان لـ «الشرق الأوسط»: نطمح لمؤسسة ثقافية حديثة تتسع للجميع

قال إن قطاعات الثقافة مصدر بالغ التأثير للقوة الناعمة {نوليه كامل تركيزنا واهتمامنا}

وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود
وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود
TT

بدر بن فرحان لـ «الشرق الأوسط»: نطمح لمؤسسة ثقافية حديثة تتسع للجميع

وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود
وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود

منذ صدور الأمر الملكي بإنشاء وزارة الثقافة السعودية، منفصلة عن وزارة الإعلام، والترقب ملازم لما ستحمله جعبة الوزارة لوسط ثقافي وفني من بين الأغنى على مستوى المنطقة والعالم. وما ينتظره مستقبل الوزارة الناشئة على مستوى القطاعات الثقافية أو الممارسين في هذه القطاعات، وعن حلقة الربط بينها وبين برامج تحقيق «رؤية المملكة العربية السعودية 2030». وجاء الإعلان عن رؤية وتوجهات وزارة الثقافة، أمس، ليزيح الستار عن أجوبة لبعض هذه التساؤلات، تاركاً بعضها الآخر في جعبة وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، فسألناه عنها، وكان هذا الحوار.

> قبل الحديث عن الرؤية والتوجهات الطموحة التي أعلنتم عنها، ننقل إليكم تساؤل المهتمين بالثقافة عن الوزارة، أول وزارة للثقافة في المملكة، ما الدور المنتظر منها؟
 - تشرفت وفريق العمل في الوزارة بالثقة الملكية من سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي العهد - حفظهما الله؛ إذ جاء التكليف بالعمل في الوزارة نظراً إلى التنوع الهائل والغني للموروث والتاريخ والأشكال الثقافية في المملكة العربية السعودية اجتماعياً وتاريخياً، بحيث تؤسس الوزارة لمظلة موحدة وشاملة تعنى بدعم وتسريع العمل الثقافي وقطاعاته ودفعه إلى شكل مؤسسي حديث ومستدام قابل للنمو والازدهار، وكيان حيوي يساهم في تحقيق الأهداف الوطنية والخطط التنموية التي تعيشها المملكة حالياً.
> وكيف ستساهم هذه المظلة الموحدة والشاملة - كما تفضلتم - في إبراز وسط ثقافي شديد التنوع وممتد في مساحة جغرافية مترامية الأطراف كالمملكة؟
- نطمح لمؤسسة حديثة لا تملي شروطها على الجمهور، وإنما تعلن وتقدم نفسها دائماً حاضنةً ثقافيةً وفنيةً فاعلة لِطيفٍ واسع من المبادرات والأنشطة، بحيث نستقبل الجميع ونخاطب الشريحة الأوسع. نبحث باستمرار مع الوسط الثقافي والفني تطوير وتنمية القطاعات بما يضمن الإنتاجية المتقدمة والازدهار المنشود.
خلال الأشهر الماضية عملنا مع شرائح متعددة من الممارسين والمهتمين بالعملية الثقافية: في المسرح، والفنون الأدائية، والتراث، والأدب، والموسيقى، والفنون المعاصرة. واستشرنا أيضاً خبراء من خارج المملكة خلال زياراتنا وزيارات فريق العمل على مستوى الخليج والوطن العربي والعالم؛ مما ساهم في بلورة فكرة إعداد رؤية وتوجهات تتعدى دور الوزارة إلى مظلة وطنية أشمل تساهم في الدور التكاملي للجهات الحكومية ضمن برامج تحقيق «رؤية المملكة العربية السعودية 2030».
> احتوت رؤية وتوجهات الوزارة على مبادرات متنوعة تغطي اتجاهات النشاط الثقافي كافة. لو أردنا منكم تحديد سمة مميزة لهذه التوجهات، فما هي؟
 - هي قبل كل شيء خطة شاملة تضمن لنا التكامل مع المؤسسات الحكومية كافة لتحقيق الأهداف الوطنية في «رؤية 2030»، وهي أيضاً رؤية متكاملة لبناء هيكل الوزارة وخططها المرحلية وقوتها البشرية، بما يترتب عليه عادة من تسمية الأهداف وحصر قطاعات العمل والبرامج والنطاقات المستهدفة. لقد استعنّا بخبرات من الداخل والخارج واستشرنا أصحاب الشأن، كما ذكرتُ سابقاً، للخروج بهذه الخطة المتكاملة التي تضمن تحقيق الهدف المنشود والعمل المستدام.
> أعلنتم في الحفل عن إطلاق 27 مبادرة تتضمنها رؤية الوزارة وتوجهاتها. لماذا هذا الرقم تحديداً؟
 - لتحقيق مبدأ شمولية رؤية الوزارة وتوجهاتها، وأيضاً لأن تطوير قطاع ضخم ومتشعّب مثل الثقافة يتطلب التفكير بهذه الطريقة. لقد أجرينا في الفترة الماضية دراسة مستفيضة للمشهد الثقافي السعودي، ووجدنا أن كل المحاولات السابقة للنهوض بهذا القطاع تأتي مُجزّأة وتغفل الكثير من جوانب الفعل الثقافي، وهذا - بحسب ما انتهينا إليه - أحد الأسباب الرئيسية لتأرجح الحالة الثقافية السعودية لسنوات طويلة؛ لذلك صممنا منذ البداية على وضع خطة شاملة تضم أكبر قدر من الاتجاهات الرئيسية للثقافة، وتخدم جميع الفاعلين فيها، وتراعي شمولية الثقافة ذاتها، فخرجنا بهذه الرؤية والتوجهات الموحدة التي تسير في سياق واحد نحو هدف واحد رغم تعدد اتجاهاتها.
> يشكو الأدباء والمثقفون من مطالب قديمة لم تتحقق بشكل كامل، كما يتردد التساؤل عن التركيز على الجانب الترفيهي للثقافة. كيف تتعامل الوزارة مع ذلك؟
 - لا شك أن الجانب الترفيهي أو الاقتصادي للمناشط الثقافية حاضر وبقوة، وبإمكانك ملاحظته في العالم، لكننا ركزنا في الوزارة على العمل لتكوين قاعدة وبنية فاعلة تؤسس للثقافة الصلبة، للمساهمة بطرح رؤية نعمل من خلالها على بناء ما يسمى بمجتمع المعرفة، والوصول إلى حالة ثقافية حاضرة وتجربة يعيشها الفرد السعودي، تمكنه من حياة ذات جودة أفضل وخيارات أوسع، وبما ينمي قدرات المجتمع ككل. أتابع أنا وفريقي كل ما يُكتب تقريباً، ونرصد كل المطالبات، وقد سعينا دؤوبين إلى إعداد صيغة شاملة وكلية تلبي تلقائياً كل ما سبق.
> لكن سعيكم إلى رؤية شاملة طويلة الأمد لا يغفل أن بعض القطاعات الثقافية، كالموسيقى والمسرح والسينما، في حاجة إلى ما يمكن تسميته إنعاشاً سريعاً. أليس كذلك؟
 - هذا صحيح، لدينا خطة مستقلة لبعض القطاعات ويجري العمل فيها بما يتواءم مع الخطة الشاملة لرؤية الوزارة وتوجهاتها. لا يمكننا مثلاً إغفال التنوع الكبير للموروث الموسيقي في المملكة؛ لذلك فإن الحاجة ماسة إلى العمل على حصر هذا التراث الضخم وتوثيقه وإعادة عرضه لنا وللأجيال القادمة.
لدينا ما يشبه ذلك لقطاع المسرح، كانت الحركة المسرحية فاعلة وديناميكية في فترة من الفترات، لكن إنقاذها يتضمن بالضرورة تشجيع القطاع الخاص للقيام بعمليات تحفيزية ذات نمط حديث يبدأ من استكشاف المواهب المحلية وحتى بناء دور العرض المسرحي وتطويرها. ما سنفعله للمسرح السعودي هو ما سنفعله لبقية القطاعات: سنعمل على استعراض الخط الزمني لكل قطاع ثقافي لتحديد نقاط القوة باستثمارها مجدداً لصالحه، وتلافي المعوقات التي من شأنها تعطيل المبدع أو العملية الإبداعية لتلك القطاعات.
> ماذا عن السينما؟
 - لقد عادت دور السينما إلى المملكة في الوقت الذي أصبحت فيه صناعة السينما عالمياً عملية متقدمة ومعقدة، وتكاد تكون مجموعة من الصناعات الحديثة والمستقلة مجتمعة في نشاط إنساني واحد. خطتنا لقطاع السينما تبدأ من وضع الأطر التنظيمية والتشريعية للممارسين وإنجاز اتفاقيات التعاون البينية في مجال السينما مع دول ومؤسسات ذات تجربة وريادة. إنها تجربة ذات محاور متعددة كما ترى، من تشجيع المواهب ورعايتها ودعم صناع الأفلام السعوديين، بالإضافة إلى منح القطاع الخاص فرصة الاستثمار والإسهام. نرى هذه المجالات خصوصاً وبقية قطاعات الثقافة مصدراً بالغ التأثير للقوة الناعمة للمملكة، ونوليها كامل تركيزنا واهتمامنا.
> لكن ألا يجلب الاهتمام بقطاعات الثقافة الحديثة تساؤلاً عن قطاعات الثقافة الرئيسية، كالنشر والترجمة والأندية الأدبية والثقافية؟
 - نرى أن هذه القطاعات التي ذكرتَ لا تقل حيوية وأهمية، وأؤكد أن الاهتمام بها لا يقل عن القطاعات السالفة الذكر. وقد غطتها رؤية وتوجهات الوزارة، لكننا مع ذلك في طور دراسة الوضع الراهن للمؤسسات الراعية لهذا النوع من الأنشطة؛ لفهم تقاطعات الأعمال ومعاينة مخرجات كل منها للوصول إلى حلول ومقومات بناء تتوازى مع مكانتها المهمة. كما أن زيادة النشاط المتعلق بهذه القطاعات يأتي مع الاهتمام الخاص بالفعاليات الخاصة بها.
> لا تُذكر الثقافة إلا ويتبادر إلى الذهن هاجس استغلال وتقديم التراث الإنساني الغني والعمق الخاص لهوية المملكة. ماذا أنجزت الوزارة من جهود في هذا المجال؟
 - كما تفضلت. هذا تحدٍ قديم ومتجدد. المنتج الثقافي في المملكة وعبر التاريخ متعدد المظاهر والوجوه. إنه شبكة من الألوان والمظاهر والممارسات والتعابير كوّنت ثقافة شعبية من بين الأعرق والأغنى إنسانياً. من ضمن شواهد ذلك أن قائمة الـ«يونيسكو» للتراث الإنساني تضم باستمرار مواقع وفنوناً وعناصر ثقافية سعودية، كحي الطريف في الدرعية وفن العرضة، إلى جانب عناصر أخرى، كإسهامات إنسانية ونوعية في التراث الإنساني العالمي. لا نغفل في الوزارة عن معطيات مهمة كهذه، وقد وضعناها في صلب رؤيتنا وتوجهاتنا الثقافية بمبادرة مستقلة تهتم بتوثيق التراث غير المادي في الـ«يونيسكو»، ونحن نقوم حالياً وباسترشاد من خبرات وطنية متمكنة بحصر كل أشكال الثقافة والموروث الإنسانيين في المملكة، وسنعلن عن تقدم مشروعنا بشكل مرحلي.
> ما هو هدفك وهدف وزارتك وأنتم في مرحلة تأسيسية حساسة وواعدة كتلك التي تمرون بها الآن؟
 - عند إعلان «رؤية المملكة 2030» كانت الثقافة ركيزة مهمة للوصول إلى جوهر الرؤية وأهدافها. إنها مبدأ لجودة الحياة ورفاه المجتمع، ومعززة لقيم التسامح والإنتاج، إن هدفنا هو الدفع بالثقافة لتكون في المقدمة، وإنجاز أطرها القانونية والتنظيمية لتصبح نشاطاً يومياً مولداً لفرص العمل والنمو. لذلك؛ انصرفنا في البداية لوضع الهياكل والتصورات الشاملة لأننا نريد عملية خالية من التعقيدات البيروقراطية ومن تعارض المسؤوليات والمصالح بين المؤسسات. نريد للمثقف والمستفيد رحلة حديثة وسلسلة واضحة المعالم. ونريد للمواطن والمقيم وسطاً ثقافياً غنياً يحقق جودة الحياة الدافعة للعمل والمتعة والإنتاج.
> شاركتم في زيارات دولية عدة أخيراً، نتجت منها اتفاقيات بينية واستطلاع للتجارب العالمية ثقافياً. كيف تقيّم نتائج تلك الزيارات؟
 - إن أكبر مؤشر يمكن ملاحظته خلال هذه الزيارات هو الرغبة المشتركة فيما يمكن تسميته استكشاف المملكة ثقافياً، كما هي رغبتنا استكشاف فرص التعاون المتاحة دولياً في الشأن الثقافي. لمسنا هذا بشكل جلي خلال زيارتنا لجمهورية روسيا الاتحادية أثناء فعاليات منتدى سان بطرسبرغ الثقافي الدولي. الأمر نفسه ينطبق على الزيارات الثنائية لعدد من النظراء حول العالم مثل منظمة «يونيسكو» وغيرها. تمكننا هذه الخطوات من إبراز وإعلان خطة عمل تواصلية فعالة ومثمرة، تحقق لنا أحد أبرز أهدافنا، وهو تصدير معرفتنا إلى الخارج وإخبار العالم بقصتنا. إن الاستطلاع الحر وتبادل الخبرات يحقق لنا هذه الأهداف بأقصر السبل.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)