برلمان مصر ينهي «حواراً مجتمعياً» حول التعديلات الدستورية

TT

برلمان مصر ينهي «حواراً مجتمعياً» حول التعديلات الدستورية

ينهي مجلس النواب المصري (البرلمان)، اليوم، جلسات حوار مجتمعي بشأن تعديلات دستورية، تتضمن زيادة فترة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات. وبينما غلبت الأصوات المؤيدة لإجراء التعديلات على حضور هذه الجلسات، قالت قيادات حزبية معارضة، أمس، إنها تلقت دعوات للمشاركة، لكنها شككت في جدوى ذلك الحوار، وكشفت عن رفض وزارة الداخلية وقفة احتجاجية كانت تعتزم تنظيمها أمام مقر المجلس في وسط القاهرة.
وأقر البرلمان بشكل مبدئي الشهر الماضي تعديلات دستورية، اقترحها ائتلاف الأغلبية، تتضمن زيادة فترة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات، وتمنح وضعاً خاصاً للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، يسمح بترشحه لفترتين إضافيتين، والاستمرار في السلطة حتى عام 2034، وكذلك تعديل طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، والنائب العام، فضلاً عن مواد أخرى.
وعلى مدار الأسبوع الجاري، عقد مجلس النواب أربع جلسات للاستماع إلى آراء عدد من السياسيين حول التعديلات، تنتهي، اليوم (الخميس)، بجلستين: الأولى لاقتصاديين، والثانية لممثلي المجتمع المدني وشخصيات عامة.
ومن المقرر بعد انتهاء جلسات الحوار المجتمعي، أن تبدأ اللجنة التشريعية والدستورية في المجلس بالمداولة حول المواد الدستورية ثم صياغتها، قبل أن تعرض تقريراً بذلك على الجلسة العامة للمجلس للتصويت النهائي عليها، والذي يتطلب موافقة أغلبية ثلثي عدد الأعضاء نداءً بالاسم.
وأعلن مجلس النواب عزمه إنهاء تلك الإجراءات في حدود منتصف شهر أبريل (نيسان) المقبل، لتتولى الهيئة الوطنية للانتخابات دعوة الناخبين للاستفتاء عليها، حال موافقة المجلس بالأغلبية المطلوبة.
وأكد علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، أمس، حرص المجلس على سلامة الإجراءات الخاصة بالتعديلات الدستورية، والاستماع إلى جميع الآراء، مضيفاً خلال جلسة الحوار، التي عُقدت أمس، بحضور ممثلي الأحزاب السياسية، أن تعديل الدستور أمرٌ نظّمته المادة (226) من الدستور بإجراءات محددة.
وقال بهذا الخصوص: «إن الدستور وأي تعديلات له لا يجوز النظر إليها أو تفسيرها باعتبارها حلاً نهائياً ودائماً لأوضاع جاوز الزمان حلقاتها، بل يتعين دوماً النظر إليها وفهمها في ضوء غايات أعلى وأسمى، وهي حفظ الوطن والارتقاء بالمواطن». منوهاً بأن الجلسات الثلاث السابقة شهدت الاستماع إلى رجال دين، وأساتذة جامعات، ورجال إعلام وقضاء، موضحاً أنه سيتم استكمال الحوار مع الأحزاب والشخصيات العامة، والمجتمع المدني، وممثلي المؤسسات الاقتصادية، حتى اليوم (الخميس).
في المقابل، قال مجدي عبد الحميد، المتحدث الرسمي باسم «الحركة المدنية الديمقراطية» المعارضة، لـ«الشرق الأوسط» إن «وزارة الداخلية رفضت تنظيم الحركة وقفة احتجاجية اعتراضاً على التعديلات، كانت مقررة اليوم (الخميس)، أمام مقر مجلس النواب وسط القاهرة، بعنوان (لا للتعديلات الدستورية)».
وتعطي المادة رقم 10 من قانون تنظيم التظاهر الحق لوزير الداخلية أو مدير الأمن، في حالة وجود ما يهدد الأمن والسلم العام، التقدم بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة لإلغاء أو إرجاء أو تغيير مكان ومسار المظاهرة المقدم بها الإخطار.
وتضمّ الحركة تجمعاً لأحزاب معارضة من بينها (المصري الديمقراطي الاجتماعي، وتيار الكرامة، والدستور، والتحالف الشعبي الاشتراكي). وأوضح عبد الحميد أنهم يعتزمون «اللجوء إلى القضاء بعد إلغاء وزارة الداخلية الوقفة الاحتجاجية». مبرزاً أن الاتجاه العام للائتلاف المعارض هو «دعوة المصريين للمشاركة الإيجابية في الاستفتاء، بالتصويت برفض التعديلات، وليس المقاطعة»، مشيراً إلى «اعتزامهم تنظيم عدد من الفعاليات للتوعية في هذا الاتجاه».
وخلال مؤتمر صحافي عُقد أمس، قال عدد من قيادات الحركة المعارضة إنهم تلقوا دعوات لحضور الحوار المجتمعي حول التعديلات الدستورية في مجلس النواب. ومن بين مَن تلقوا دعوات رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، ورئيس حزب تيار الكرامة محمد سامي.
وبهذا الخصوص قال زهران: «لقد وُجهت إليّ دعوة اليوم للمشاركة في جلسة مع 200 متحدث آخرين... لكن كيف يمكن أن يكون هناك حوار في جلسة مدتها ساعتان أو ثلاث عندما يتحدث 200 شخص؟»، واصفاً الدعوة بأنها «إجراء شكلي». وأكد أن «المناخ العام يشهد تضييقاً لا مثيل له. فهناك حالة طوارئ معلنة، وسجناء رأي، وغياب تام للمعارضة... ومن الصعب القيام بأي حوار مجتمعي في هذا المناخ».
من جهة أخرى، قالت نقابة المهن التمثيلية المصرية، أمس، إنها ألغت عضوية الفنانين عمرو واكد وخالد أبو النجا، واتهمتهما بارتكاب «خيانة عظمى»، وذلك بعد مشاركتهما في جلسات غير رسمية عُقدت بالكونغرس الأميركي للحديث عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر.
وعبَّر كلٌّ من واكد وأبو النجا بشكل صريح عن رفضهما للتعديلات الدستورية. وقالت النقابة في بيان إن «نقابة المهن التمثيلية تعتبر ما حدث من العضوين... خيانةً عظمى للوطن والشعب المصري، إذ توجّها دون توكيل من الإرادة الشعبية لقوى خارجية، واستقويا بهذه القوى على الإرادة الشعبية، واستبقا قراراتها السيادية لتحريكها في اتجاه مساند لأجندة المتآمرين على أمن واستقرار مصر». وأضافت النقابة في البيان المذيّل بتوقيع النقيب أشرف زكي أنها «لن تقبل وجود أي عضو خائن لوطنه بين أعضائها».
من جانبها، ذكرت قناة «الحرة» الأميركية أن واكد وأبو النجا شاركا في جلسات بإحدى قاعات مجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن يومي الأحد والاثنين، قصد تسليط الضوء على أوضاع حقوق الإنسان والتعديلات الدستورية المقترحة، وذلك بمشاركة منظمات حقوقية ونشطاء، وأعضاء بالكونغرس.
وعلّق أبو النجا على قرار فصله بتغريدة على «تويتر» قائلاً: «كنت أتمنى من السيد النقيب الاتصال بنا على الأقل، قبل الاندفاع بمثل هذا القرار المتسرع، والذي يُخون قبل أيِّ تحرٍّ عن المعلومات، هكذا تختزلون الوطن!». كما كتب أيضاً: «لا يوجد أي عار في الاجتماع بأعضاء الكونغرس لإبداء الرأي، ولتعزيز مصالح الشعب المصري لدى دول العالم الأول، مثل ما تفعله جميع اللوبيات (جماعات الضغط)».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».